مؤخراً أرسل لي الصديق العزيز مصطفى بكر رابطا لنص كتبه أستاذنا د.ياسر نجم المصري المغترب عن مسائل تخص إقتصاد تركيا و قد عبر أستاذنا د.ياسر نجم عن بعض التأييد لجوانب تم الإعلان عنها بخصوص طبيعة الاقتصاد التركي بعهد إردوغان مؤسساً رؤيته على مقالات تخص أحمد منصور مذيع الجزيرة و أرقام تعلنها تركيا دورياً.

و لما كان الأمر منتشرا بين عدد من أساتذتنا بشكل مؤسف فقد رأيت حتمية كتابة تعليق يخص الامر حتى و إن كان مكرراً في بعض أجزائه.
..
أولاً: حققت تركيا في عهد إردوغان نموا هائلا بالناتج القومي:

يمكننا هنا القول بإطمئنان إن أسلوب البنك الدولي في العبث بالارقام و سياسة التفخيم بالنموذج دون مقارنة مع نماذج أخرى يلعب دورا أساسيا في تصعيد هذا الأمر و للتوضيح لننظر للصور الاتية:

نموذج تركيا 232 = % زيادة بالناتج القومي.

نموذج مصر = 196% زيادة بالناتج القومي.

نموذج لبنان = 322% زيادة بالناتج القومي.

بشكل عام لا اميل لحساب النسبة المئوية كمحدد وحيد لأي شئ و اميل لربط النسبة بالرقم و الظرف الاقتصادي المحلي و الدولي بحيث تكتمل الصورة و نخرج بتصور عام ، هنا نجد ثلث اللعبة بتصعيد نمو تركيا من الناتج القومي رقمياً مع تجاهل نماذج أخرى و مسببات الارتفاع و النسبة المئوية ، مصر لبنان تركيا ثلاث دول تتفاوت في الثروة و الفرص و المعونات ( تركيا تنهب مليارات سنوياً من الاتحاد الاوروبي مع مزايا عديدة لا تحصل عليها مصر و لا لبنان ) و النتيجة تقارب بين الثلاثة -!!- إن ما حدث من إرتفاع عبر 9 سنوات في الناتج القومي التركي طبيعي نتيجة ظروف محلية (برنامج الخصخصة و القوانين الاستثمارية ( المشابه لنظام مبارك بالمناسبة بين (2000-2011) ) و ظروف دولية مرتبطة بقوة الدولار و التقلبات الاقتصادية التي تؤثر إيجابياً في إقتصاديات هامشية كمصر و تركيا و التشيك خاصة مع وجود عملة محلية و ليست دولية (اليونان خير مثال لضحايا الارتباط بعملة كاليورو) ، ماذا حدث في نمو تركيا لم يحدث بدول مشابهة؟..لماذا الحرص على العبث بأخذ ثلث الصورة و عرضها فقط؟..أليست هذه وقائع مصر قريبة و لبنان ؟؟..أنهم يحبون عرض جزء من الصورة ثم يطلبون منا الصمت ، رقميا تركيا متقدمة لكن بحساب الامر نسبيا و بإستبيان كيف باع إردوغان كل ممتلكات بلاده و أضاف مالها للناتج القومي ثم فتح بلاده لأي استثمار أجنبي ( كما فتحها لغزو العراق و لصواريخ أمريكا و راداراتها ) و ليذهب الامن القومي للجحيم و كيف يقترض من طوب الارض سنفهم كيف صنع الناتج رقمياً علماً بأن نفس النسبة حققتها مصر و لبنان.

    ثانياً: حققت تركيا بعهد إردوغان خفض نموذجي للتضخم:

تاريخ التضخم في تركيا

كانت مسألة حساب التضخم بالذات واحدة من أغرب منتجات “الورنيش الاعلامي” لإردوغان عبر شخصي أ.فهمي هويدي و الصحفي أ.أحمد منصور و لنختصر كثيرا من الكلام فإننا ننتقل إلى التضخم السنوي بتركيا من ديسمبر لديسمبر CPI :
1- أكبر خفض للتضخم في عهد سليمان ديميريل ديسمبر 1994- ديسمبر 1995 من 120.30% إلى 76.05% .
2- في عهد حكومة بولنت أجاويد ووسط الازمة الاقتصادية خفضت الحكومة التضخم من 68.53% إلى 29.75% .
3- في أول عام لحكومة إردوغان إنخفض التضخم من 29.75% إلى 12.71%.
4- تناول الاعلام الامر كالتالي: عام 2001 كان التضخم 68.53% و إنخفض مع أول عام لإردوغان إلى 12.71% !!
5- نصل لنتيجة أن إنجاز حكومة أجاويد تم ضمه ضمناً لإنجاز حكومة إردوغان بمغالطة لفظية سهل التملص منها !!!
6- إستقرار معدل التضخم بنسبة منخفضة في عهد حكومة إردوغان مرتبط بحقيقة :
أ- كون أسعار السلع إقتربت جداً من”الاسعار العالمية” بشكل لم يعد يؤهل نسب التضخم لارتفاع حقيقي كبير.
ب-التثبيت الاقتصادي” الحالي في تركيا و مهدد بالانهيار فور حدوث خلل كاليونان مثلاً او البرتغال فأي نظام يحقق “ثباتا” إقتصاديا سيخفض التضخم بغض النظر عن طبيعة هذا النظام الاقتصادي فيرجى الفصل بين تقييم إنخفاض التضخم سنوياً و بين مدى تحقيق النظام للمصالح الخاصة بالفقراء مثلاً او الانتاج الصناعي.

                                             ثالثاً: حققت تركيا إنهاء للديون المالية للدولة:
أقدم لكم أولاً تاريخ ديون تركيا في عهد إردوغان :

ثم ديون تركيا نهاية 2012 بزيادة 25 مليار عن العام الماضي :

ثم ننتقل لرابط يوضح الديون التركية (من وجهة نظر حكومة إردوغان الخاصة) لحظة بلحظة:

http://www.nationaldebtclocks.org/debtclock/turkey
*الآن هل بحق الله نصدق كوميديا الباذنجان الخاصة بزوال ديون تركيا بينما هي يوم وصول اردوغان 120 مليار و اليوم 331 مليار؟؟

                                        رابعاً: حققت تركيا رفعا هائلا للإحتياطي النقدي الاجنبي:

تفاصيل الاحتياطي التركي

حققت تركيا رفع نسبة الإحتياطي عبر:
1- ضخ جزء من اموال الخصخصة الجائرة التي باعت كل ممتلكات الشعب التركي للبنك المركزي.
2- تصدير الذهب الخام (76 طن 2012) و ضخ جزء من العوائد للبنك المركزي تحسباً لأي إإنهيار مالي .
3- عبر سياسة زيادة الودائع الاجبارية من البنوك التركية التجارية بالبنك المركزي زادت الحصيلة.
4- بسبب تدهور الوضع السياحي بالمنطقة حصدت تركيا السياح القادمين لمصر و تونس و غيرهم مما أضاف وفرة جديدة للعائد الدولاري لها على حساب الدول المضطربة “بالربيع” !
5- بشكل عام يعد المخزون الاحتياطي جيد لكن بربطه بوسيلة رفع الإحتياطي و مسألة الذهب و الديون الهائلة التي تزداد سنوياً بين 25-27 مليار دولار فالمخزون عملياً لا قيمة له.
6-  كان الاحتياطي في ديسمبر 2012 93,380,000,000 فالزيادة اليوم الحقيقية لمبلغ 104 مليار دولار خلال 5 شهور = 11 مليار أغلبها عوائد تصدير الذهب.
7- أخيراً الدعم الاوروبي الكبير لتركيا يلعب دور أساسي في الوفرة المالية و نفس الوقت توفير بعض النفقات المالية بالتعليم و الصحة و غير ذلك  و هذا شئ لا يتوافر لغيرها من الدول كمصر و تونس.
*من هذه النقاط نجد تضافر عوامل وفرة الذهب و الخصخصة و الدعم الاوروبي الكبير و زيادة أرباح نتيجة إضطرابات بالمنطقة ، هذه هي عوامل الزيادة و أترك لكم الحكم بعيداً عن الارقام ورجاء التوقف عن المقارنة بين إقتصاد مرعي أوروبياً و إقتصاديات أخرى لا احد يدعمها علماً بحتمية حدوث الانهيار المالي بتركيا نتيجة هذه السياسات تماماً كاليونان.

خامساً: تركيا تقرض البنك الدولي 5 مليارات دولار:
ما حدث كالتالي:
* بالعام 1999 قررت مجموعة الثمانية الكبار (أكبر 8 مصاصين دماء فقراء في العالم) إنشاء مجموعة العشرين و هي تشمل أكبر الاقتصاديات (الرأسمالية طبعاً) نمواً و تمثل الشعوب (للمزيد من التأكيد على تطبيق اجندة البنك الدولي) و للتشكيل عدة أغراض نختصرهم في جملة : لقد انتهت الاشتراكية مؤقتا فهيا نعمم الرأسمالية قبل أن يظهر لنا شبح اشتراكي جديد ، تكونت المجموعة و ظلت قاصرة على قمم لوزراء الخارجية حتى عام 2008 (طبعاً ليست صدفة فهو عام الازمات المالية و هنا ظهرت الحاجة لمجموعة ال 20) و التقى رؤساء حكومات و دول المجموعة لإيجاد حلول للأزمة المالية العالمية التي صنعتها امريكا و صديقها (او عشيقها لا فارق) البنك الدولي.

* بالعام 2003 بدأ طيب الذكر رجب بك طيب اردوغان (السلطان طيب الاول حسب أحد كبار الكتاب الاسلاميين الوسطيين) بدأ حكمه المجيد لتركيا ملتزما تعاليم الله في نفسه و البنك الدولي في بلده و أمريكا على جيرانه ، من ضمن رؤيته الاقتصادية تحسين احوال السوق و الالتزام بقرارات مجموعة العشرين و توصيات الاخ البنك الدولي بشكل جعل معدل نمو بلده يقفز بسرعة لا توازيها الا سرعتين ، سرعة القذف و سرعة زيادة الديون من 120 مليار دولار عام 2003 الى 350 مليار دولار عام 2012 مع معدل خرافي للتمجيد الاعلامي العربي باعتباره اقتصاد (صاعد) !

* بالعام 2011 (عام الصورة المرفقة) إقترحت فرنسا إقتراحا ثوريا لحل مشكلات الافلاس العالمي التي صنعتها امريكا و البنك الدولي أن يتم تعزيز موارد صندوق النقد الدولي المخصص لدعم الدول التي تعاني ازمات (الدول التي ستفلس بسبب خطط رأسمالية امريكية صادرة من البنك الدولي) و هذا يجعل الصندوق يقرض الدول التي أفلسها سلفا ببرامجه فتعطي الدول بعد ذلك القروض للشركات التي تتداعى بعد ان صنعت الشركات بنفسها الازمة لتقف على قدميها في موقف لا مثيل له الا قانون براءة المغتصب لو تزوج مغتصبته بالاردن..و تركيا !!

* بالعام 2011 (صدفة ربما) قامت تركيا (رضي الله و اوباما عنها) بعمل فريد من نوعه لم يحدث بنفس العام الا مع دول قليله  بمجموعة ال 20 (صدفة برضه تبع ربما الاولانية) إذ قام البنك المركزي برفع معدلات الودائع الاجبارية التي تضعها البنوك التركية في البنك المركزي لمواجهة الازمات (نفس منهج البنك الدولي فالبنوك تودع ودائع اجبارية بالبنك المركزي حتى إذا ما أفلست الدولة منحوا الودائع للشركات المفلسة) و رفع البنك المركزي النسب 4 مرات في عام واحد مما حقق فائض يصل الىأكثر من  5 مليارات من رفع النسبة !

* هنا ناتي للحدث الفريد إذ قررت دول من مجموعة ال 20 منح صندوق النقد لجزئه المخصص بدعم الازمات ودائع ليست على سبيل القرض ولا المنحة بل أن تمنح هذه البلاد مليارات الدولارات للصندوق على أن يكون من حقها في أي وقت استعادة المال فورا (من الاخر لو أفلسوا هم الاخرون) و المال التركي كان من البنك المركزي من مخزون الاحتياط و الذي زاد بالجباية من البنوك التركية فمنحت البرازيل 10 مليارات و الهند 10 مليارات و تركيا 5 مليارات شريطة استعادتهم فوراً لو إحتاجوهم (أفلسوا زي ما قلنا) !
*الآن بحق الله هل هناك حقاً أسوأ من إعلامنا؟؟؟

 

سادساً: تركيا رقم 16 أو17 على مستوى العالم بقوة الاقتصاد:

نسمع كثيراً عن “أسطورة” كون تركيا رقم 17 أو 16 على مستوى العالم بقوة الاقتصاد و لنوفر الكثير فالرقم مشار إلى:

(أ) رقم 17 معبر عن الناتج المحلي الاجمالي الإسمي  و ليس قوة الاقتصاد مطلقاً و لو إفترضنا هذا سنصل لنتيجة أن رقم 18 أقل من تركيا و هكذا و بالتالي لو علمنا أن تقدير صندوق النقد الدولي عام 2012 وضع مصر بنفس الجدول رقم 39 فبالتالي رقم 40 أقل منا و هكذا و هذا غير ممكن في ظل النظر لرقم 41 (فنلندا) و 52 (قطر) 54 (الكويت) و (55) نيوزيلاندا.

(ب) رقم 16 معبر عن الناتج المحلي الاجمالي تعادل القوة الشرائية و ليس قوة الاقتصاد مطلقاً و لو إفترضنا هذا سنصل لنتيجة أن رقم 17 أقل من تركيا و هكذا و بالتالي لو علمنا أن تقدير صندوق النقد الدولي عام 2012 وضع مصر بنفس الجدول رقم 26 فبالتالي رقم 27 أقل من مصر إقتصادياً و هذا غير ممكن في ظل النظر لرقم 29 (ماليزيا) و رقم 31(بلجيكا) و رقم 34 (السويد) و رقم 35 (سويسرا) و رقم 54 (النرويج) و 25 (فنلندا) و 53 (الدنمارك).
الخلاصة أن
معدل النمو ليس دليلا على قوة اقتصاد و لا نجاحه فهو عارض إقتصادي لا أكثر فمصر الناصرية حققت معدلات نموة هائلة و مصر الساداتية بل و حكومة نظيف ، استخدام معدل النمو للتعبير عن قوة إقتصاد ما هو عملية نصب محكمة !!

 

أخيرا : الناتج المحلي الاجمالي للفرد 14000 دولار أو 10000 دولار:

هذا ناتج محلي إسمي بتقدير صندوق النقد الدولي أي كما يُعَرف علمياً القيمة النهائية لجميع السلع والخدمات المنتجة داخل الدولة في سنة معينة وتحويلها بأسعار الصرف السائدة في السوق للدولار الأميركي، مقسومة على متوسط تعداد السكان لنفس العام هذه الأرقام لا تأخذ في الاعتبار الاختلافات في تكلفة المعيشة بين البلدان والنتائج قد تختلف اختلافاً كبيراً من عام إلى آخر على أساس التقلبات في أسعار صرف عملة البلاد. هذه التقلبات قد تغير ترتيب بلد ما من سنة إلى أخرى ، على الرغم من أنها نادراً ما تمتلك أي تأثير على مستوى معيشة سكانها. لذلك ينبغي أن تستخدم هذه الأرقام بحذر و بالنظر للرقم المرصود بمصر بتقدير صندوق النقد الدولي نعرف هذه الحقيقة بحكم كون الرقم للمواطن سنوياً = 6600 دولار سنوياً = أكثر من 42 ألف جنية للمواطن الواحد و طبعاً هذا الرقم خيالي لا يوجد بأرض الواقع لكن يوجد فقط حينما نقسم الناتج على عدد السكان تماماً كتقدير تركيا.

 

و الآن بيانات هامة:
صادرات تركيا = 154 مليار دولار ووارداتها = 225 مليار دولار بواقع عجز في الميزان التجاري = 71 مليار دولار.

نسبة الصادرات التكنولوجية في العشر سنوات الأخيرة في تركية انهارت بشكل مهول في حين أنها زادت في مصر بنسبة معقولة .

حصة الدخل لأدنى 20 في المائة من السكان والمؤشر في صالح مصر بفارق كبير للغاية عن تركيا.

تاريخ ديون تركيا الخارجية في عهد اردوغان. 

مصدر آخر لتاريخ ديون تركيا .

الديون التركية فوائد سنوية و ديون بالثانية.

مصدر آخر لتحديث بالثانية للديون التركية .

الديون مُحدثة من economist

ديون تركيا زادت 120 مليار دولار من 2005 الى 2011 و هو مساوي لمجموع ديونهم من 1923 الى 2002.

تقرير عن تفاقم الديون التركية.

التضخم في تركيا.

الخصخصة في تركيا 1.

الخصخصة في تركيا 2.

الخصخصة في تركيا 3.

الخصخصة في تركيا 4.

تركيا ليست 16 على مستوى الاقتصاديات القوية بل على معدل النمو فقط و هو لا يعني بالمرة قوة الاقتصاد.

مصدر آخر لمسألة رقم 16.

العجز المالي بالربع الاول فقط من 2012 = 5.5 مليار ليرة.

العوائد من الخصخصة لسد العجز و الاحتياجات التركية.

عجز المعاملات التركية الجارية 2012 = 65 مليار.

ترتيب تركيا بجدول التنمية البشرية عالمياً.

رسم بياني لديون تركيا الخارجية من 1989 الى 2013 مع القدرة على اختيار نطاق السنوات بينهما.

و اليكم رسوم هامة قدمها لي المدون المتخصص  أحمد سرحان :

خريطة الفقر في العالم. مصر وتركيا متقاربتان


مؤشر العدالة الاجتماعية. مصر أفضل من تركيا



الان أرجو عذري فبالاضافة لما كتبت إما نفهم او نظل نضرب أفيون ماركة إردوغان..

للتواصل مع كاتب المقال : https://www.facebook.com/mahmoud.arafat.7503