اعلم ان هذا الموضوع قد قتل بحثا و تمحيصا من الكثيرين و لكن في الإعادة افادة….و التكرار يعلم الشطار و بعض الكائنات ايضا…إحم

قد يكون هذا السؤال من اسهل الأسئلة و أكثرها بساطة على الإطلاق ,و لكنه يسبب حالة من انعدام الوزن لدى المؤمنين عندما تصفعهم فكريا به…..لأنه ببساطة يدق اول مسمار في نعش فكرة الإله و هدفه من البشر.

و لأكون اكاديميا في طرحي و كيلا يختلط الحابل بالنابل و لا يتم تأويل كلامي كما يحدث مع النصوص المقدسة المعقدة , فسأقوم بطرح التعريفات الأساسية لمفردات هذا السؤال , و من ثم استعمل المنطق البسيط و الواضح لحله بدون سفسطة او جدال عقيم لا يثمر عن شيء….. فأرجوا التركيز خاصة من المؤمنين

التسييّر هو : ان الله قد حدد لك مجريات حياتك منذ الولادة و حتى وفاتك و ما بينهما , و كما هو في الإسلام على سبيل المثال لا الحصر : انه كل شيء في لوح محفوظ….فالإله يدعي المعرفة المسبقة بعباده و انه قد كتب كل شيء عليهم منذ لحظة ولادتهم و قد وضع خطته المسبقة لكل واحد منهم …..و الكتابات المقدسة كلها تبجل هذا العلم الإلهي الخطير الذي يتجلى في كلماته مثل علام الغيوب , العليم , الخبير ……الخ
و بالتالي ما نحن الا “منفذين” لهذه الخطط و الأقدار المكتوبة و لا قدرة لنا علي تخطي او تعدي خططه المقدسة لأنه لن يقوم بتعديل هذه الخطة تبعا لأهوائنا الشخصية او محاولاتنا للعبث بهذا النظام.

التخيير هو : ان البشر قادين على اتخاذ طرقهم الخاصة بأنفسهم و تحديد مصائرهم دون تدخل احد , و بالتالي فإن مصائرنا محكومة بأفعالنا و تصرفاتنا و الطرق التي نختار ان نسلكها في الحياه.
و عليه فإن كل منا يعمل و يجتهد للحصول على الخلاص و الجنة بالعمل الصالح الذي “نختار” ان نقوم به , او ان يعمل المنكرات و المحظورات فيكون مصيره الجحيم الأزلي.

و التخيير ايضا اننا في “اختبار” كبير يسمى الحياة الدنيا , يجب علينا اختيار الإجبات الصحيحة فيه , حتى نكلل بالنجاح يوم تصحيح اجاباتنا .

و طبعا فهو لا يبخس حق احد فهو : العادل الذي لا يظلم احدا كما قال : ولا يظلم ربك احدا.

الآن قد وضح الفرق بين التسيير و التخيير…..اليس كذلك؟؟

نأتي للتحليل و القيام بالمعادلات و إعمال المنطق البسيط….

اولا في حالة “التسيير” :
بما ان الله واضع الخطة الأزلية قد كتب كل هذا مقدما, فبالتالي ان لا احد منا يملك ان يغير شيئا من مقدراته…. و انه قد صنع كل منا على شاكلته و خلق هذا غبيا و آخر ذكيا , و صالح و طالح , و فاضل و فاجر …..الخ
فكيف يقوم بمحاسبة احد على ما قد خلقه عليه؟؟ اليس هذا صنعك يا الله؟؟ اليس هذا هو “روبوتك” الذي قد قمت ببرمجته مسبقا على هذه الأفعال؟؟ فكيف تقوم بمحاكمة هذا الروبوت اذا ما قام بفعل التصرفات التي برمجته عليه منذ البداية؟؟ و كيف تدعي ان هذا الروبوت في اختبار طالما انك قد خططت له طريقه منذ البداية؟؟
(( لِمَنْ شَاءَ مِنْكُمْ أَنْ يَسْتَقِيم ،وَمَا تَشَاءُونَ إِلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ)) (التكوير:28، 29) .

ان هذا يبدوا كأن احدهم يكره فيلم سينيمائي معين سبق له ان شاهده , و قام بشراء شريط الفيديو الخاص به…و شاهد الفيلم السخيف الذي يعلم نهايته مقدما…و عندما فرغ من مشاهدته استشاط غضبا –مرة اخرى- و رمي بالشريط في الفرن !!!!
الن يعد هذا ضربا من الجنون؟؟؟

فأين العدل الإلهي من محاكمة البشر على افعالهم التي يعلم مسبقا بها؟؟؟ يخلق العاصي على عصيانه و يعاقبه على ذلك!!! و يخلق المطيع ليكافئه على ذلك ايضا؟؟؟

ثانيا في حالة “التخيير” :
بما ان هناك محاكمة لكل البشر في نهاية امرهم… بالتالي فهم في اختبار يحق لهم فيه القيام بخططهم الخاصة للنجاح في هذا الإختبار العظيم…. و قد دلل الإله على ذلك بأن : من يعمل مثقال ذرة خيرا يرى , و من يعمل مثقال ذرة شرا يرى…..اظن الصورة اكثر من واضحة.
و النتيجة …. ان الإنسان يختار طريقه بنفسه , و هو بالتالي الا بطل في مسرحية لا “يعلم” الله بنهايتها و لا بأحداثها , ولا يقف منها الا موقف المشاهد الجاهل الذي ينتظر النهاية ليرى ما اذا كانت ستحوز على اعجابه , ام انها نهاية سيئة ستؤدي به لإلقاء الممثلين بالفيشار و علبة البيبسي.

التحليل :

استنادا للحالة الأولى…. فالإله ظالم و عابث

يظلم من “خلقه” ضالا و عاصي لأوامره بتعذيبه في الميكرويف الإلهي نظرا لأنه قد خلقه على هذه الشاكلة!!! كما انه سيكافئ المخلوق المبرمج على الطاعة بالجنة الموعودة لأنه قد خلقه على هذه الشاكلة ايضا!!! اديني عقلك!!!
و عابث لأنه قد ادعى العلم المسبق بكل هذه التفاصيل و قام بتخزينها على “الهارد ديسك الإلهي” قبل ان يراقب و يشاهد تفاصيل هذه اللعبة المحددة النهاية … فما الهدف من هذا كلله؟؟
ان العبث هو القيام بما لا فائدة مرجوة منه ولا يعود بالنفع على صاحبه …. الا يتشابه هذا التعريف مع السيناريو الإلهي المكتوب مقدما لبني البشر؟؟؟

و استنادا للحالة الثانية….فالإله جاهل و كاذب و ظالم ايضا

جالس على عرشه لا يعلم من سيذهب و من سيأتي … من سيخطئ و من سيصيب…. و ينتظر كل من مخلوقاته بورقة اجابته على اخبار الدنيا ليشكل لجنة الحساب و يكافئ و يعاقب على هذا الأساس !!!
فهذا هو منطق الإختبار ايا كان …. ليعلم واضع الإختبار مدى قدرة ال”مختبر” على الإجابة بالصواب او الخطأ… فهو بالتالي لا “يعلم” شيئا و ينتظر ان يعلم مع مرور الوقت…. اليس كذلك؟؟

و كاذب بالطبع لأنه لم بنفك يتفاخر بإدعائه الخالي من الدليل على انه عالم بكل شيء بالرغم من انتظاره لنتيجة الإختبار المزعوم.
و ظالم للمرة الثانية لأنه قد فرض علينا اختبارا لم نطلبه من سعادته من البداية….. فلا يقدم احد على اختبار الا اذا طلب هو هذا الإختبار بنفسه….. فلا اقدم على اختبار القيادة مثلا الا اذا كنت ارغب في قيادة سيارة و الا لم سأطلب الإختبار اذا لم يكن لي حاجة له و لا لتبعاته؟؟؟

و يخرج من يقول بأن الموضوع هو خليط من الحالتين , التسيير و التخيير فأنت مسير في ميلادك و مماتك و من هم اهلك و في ما يحدث لك من احداث خارجة عن ارادتك…..و انك ايضا مخيير في اختيار بعضا من منظومة حياتك و في اي طريق تسير و في اي مجال تعمل و بلا بلا بلا بلا بلا بلا

فأي منطق هذا؟؟؟؟

و بصراحة انا اشجع هذا المنطق الذي يقوم بجمع الفكرتين….

فأنت مسير + مخير = الإله عابث + جاهل + ظالم (X2) اليس كذلك؟؟؟

انا افضل انها حالة ثالثة تسمى ب”المغيب” .. و هو المؤمن الذي لا يريد ان يعمل عقله و لو للحظة مفكرا في هذا الطرح بشكل منطقي بعيدا عن ايمانه و قناعاته التي تغيب عقله عن التفكير و ترهبه عن وزن الامور دون قدسية لأحد…. فلم عندما اسأل احدا من المؤمنين عن هذا الطرح لا اجد منه الا اجابة واحدة : هروح اسأللك فيها و ارجعلك!!!!
و لم يرجع احد بالمناسبة….

ايا كان الطرح بالتسيير او التخيير… فإن فكرة واحدة منهم او الفكرتين مجتمعتين كفيلتين بتحطيم فكرة الذات الإلهية و المفردات المنسوبة اليها من الحق و العدل و العلم .

اذن … فلا اله ….
ولا تسيير ولا تخيير…..
عيشوا حياتكم و ريحوا دماغكم

طارق الجوهري