لا شك أن الملايين من المسلمين الذين وعوا الإسلام قبل ثورة 25 يناير 2011 التى سطا عليها الاسلامجية فيما بعد ( لرعونة مراهقيها – مراهقى الثورة ) و بدأوا منذ ذلك التاريخ يقدمون لنا إسلاما أعرابيا بدويا صحراويا يبشر بالعنف و الكراهية و التعصب و العنصرية و الإجرام … إسلام يرتد بنا إلى أسوا ما فى الحقب التاريخية الماضية … من تاريخ العالم …
لا شك أيضا أننا كنا قد حفظنا عن ظهر قلب ذلك المشهد السينمائى الموسمى حينما يسأل أعرابيا من قريش أحد المسلمين من أصحاب أو أنصار الرسول قائلا : ” ما الإسلام ؟ “ بمنتهى البراءة و الطيبة – التى تصل أحيانا إلى حد السذاجة – فيبادره المسلم ووجهه يشع نورا و براءة ” الإسلام .. أن تسلم وجهك إلى الله ” ..” الإسلام أن تشهد أن لا إله إلا الله و أن محمدا رسول الله ” … حسنا .. ثم ماذا بعد ؟ … لا شئ تلك الشهادة من أركان الإسلام .
فللإسلام أركان يقوم عليها كدين
فهذه الأركان كما قال النبى “بني الإسلام على خمس: شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله، وإقام الصلاة، وإيتاء الزكاة، وصوم رمضان، وحج البيت من استطاع إليه سبيلاً” أى حمسة دعائم أو أركان
هذا فقط …؟ و ماذا عن الشعائر و الصلوات …؟ و فى أى الأماكن تقام تلك الصلوات ؟
.. أنظر يا صديقى …. فى الاسلام خمس صلوات مفروضة ” أصلية ” فى اليوم و الليلة تبدأ بـ ..
1 - بصلاة الفجر و تسمى أيضا صلاة الغداة أو الصبح و هى ركعتان جهريتان و يبدأ من وقتها يوم الصيام عند المسلمين .
2 – صلاة الظهر … و هى أربعة ركعات سرية .
3 – صلاة العصر .. و هى أربعة ركعات سرية .
4 – صلاة المغرب .. و هى ثلاث ركعات جهرية و ينتهى بحلول وقتها يوم الصيام عند المسلمين .
5 – صلاة العشاء .. و هى أربعة ركعات جهرية .
و أوصاف مواقيتها كما وصفها العلماء وفقا لطلوع نور الشمس ثم من بعد ذلك أحوال الظل الناشئ عن وقوع ضوء الشمس على الأجسام ثم غروبها و آثار الغروب فى السماء كما يلى :-مثلي ظله.
- وقت المغرب:يبدأ إذا غابت الشمس وتوارت إلى مغيب الشفق الأحمر.
- وقت العشاء: يبدأ بمغيب الشفق الأحمر، إلى نصف الليل الأول.
بالإضافة إلى تلك الصلوات هناك صلوات أخرى من النوافل ( ما زاد عن الأصل أو الفرض ) مثل :-
1 - صلاة الضحى ووقتها من بعد طلوع الشمس عن الافق بمقدار قامة الإنسان إلى ما قبل الزوال.
2 - الجمعة نفس صلاة الظهر.
3 - صلاة العيد نفس وقت الضحى.
4 - صلاة التراويح من بعد صلاة العشاء إلى ما قبل صلاة الفجر.
5 - صلاة الوتر من بعد صلاة العشاء إلى ما قبل صلاة الفجر.
- أما عن مكان أداء تلك الصلوات ففى أى مكان كان و لا يلزم أن تقام فى معبد أو مذبح أو محراب فأداء – الصلوات بالبيت أو أى مكان نظيف ” غير مدنس “ أمر جائز و مشروع
- و أما عن من يقوم بها وهل يشترط أن يقوم بها كاهن أو ناسك فهذا أمر غير جائز لأنه لا كهانة فى الإسلام و إن كان من المستحسن فى صلاة الجماعة أن يؤم ” يقود” المصلين أكثر الموجودين حفظا و دراية بآيات القرآن إلا أن هذا الأمر لا يعد كهانة فالإمام هنا ليس وسيطا بين الله و بين المصلين .
- و أما عن طقوسها فلا توجد أى طقوس من حرق بخور أو إيقاد شموع أو ذبح قرابين … فقط توضأ و صلى .
- و أما عن اشتراط الصلاة أمام تمثال أو حجر أو حيوان أو جبل فهذا أمر منبوذ فالصلاة فى الإسلام تقام لله فقط باستحضار عظمة الله ” الذى ليس كمثله شئ ” و الذى ” لا تدركه الأبصار ” فالله ليس متخيل و ليس متجسد لتعاليه و تفرده .
..- أما عن الزكاة … الركن الثالث من أركان الإسلام .. فهى فريضة تعبدية بالمال توجب على كل مسلم تملك مقدارا ما من المال أو تكسبه أن يخرج عنه مقدار ( نسبة ) يدفعها الى الفقراء و المحتاجين من الأهل أو أفراد المجتمع ليطهر بها ماله ليبارك له الله فيه و من ناحية أخرى فهى تعد نظام تكافلى إجتماعى بين المسلمين .
- و أما عن الصيام .. الفريضة الرابعة أو الركن الرابع من أركان الإسلام ..فهى فريضة فرضها الله ” المعبود ” على المؤمنين كما فرضت على المؤمنين من اصحاب الديانات من قبل الإسلام … مصداقا لقوله تعالى ( ياأيها الذين آمنوا كتب عليكم الصيام كما كتب على الذين من قبلكم لعلكم تتقون أياما معدودات فمن كان منكم مريضا أو على سفر فعدة من أيام أخر وعلى الذين يطيقونه فدية طعام مسكين فمن تطوع خيرا فهو خير له وأن تصوموا خير لكم إن كنتم تعلمون شهر رمضان الذي أنزل فيه القرآن هدى للناس وبينات من الهدى والفرقان فمن شهد منكم الشهر فليصمه ومن كان مريضا أو على سفر فعدة من أيام أخر يريد الله بكم اليسر ولا يريد بكم العسر ولتكملوا العدة ولتكبروا الله على ما هداكم ولعلكم تشكرون ) … و كما نرى فالله يقول ” كتب عليكم ” أى فرض عليكم … أى لا يجوز للمسلم أن يصوم.. إلا بشروط محددة لمن يستطيع أو لذوى الأعذار التى ذكرت بالآية .. و كما ورد أيضا بنفس الآية فالصوم ” المفروض ” لا يكون إلا فى شهر رمضان – حسب التقويم القرشى ” العربى ” – الأمر الذى جعل من هذا الشهر أياما ” شهرا ” مباركا و قد نزل به أيضا القرآن الكريم ..
و من حكمة الصيام كما رآها العلماء ” فوق أنها فريضة لا يسأل عن حكمة فرضها ” .. أن الصائم يحس بإحساس الجوعى و المحرومين و الفقراء فتكون دافعا له للإحسان إليهم و ليشكر الله على نعمة الصحة و الشبع …و من حكمتها أيضا انها نظاما صحيا موسميا تتيح الفرصة للأبدان للتخلص من العادات الغذائية الغير صحية .
ومن سياق الآية يتضح أيضا أن الصيام فريضة و عبادة لم يختص بها المسلمون وحدهم فالأمم قبلهم صاموا كعبادة .
-أما آخر تلك الفرائض فى الإسلام أو الأركان فهى فريضة الحج … فهى عبادة يقوم فيها المسلم بالسفر الى مكة فى شبه الجزيرة العربية .. حيث بيت الله ” الحرام ” – أى البيت الذى يحرم القتال فى حرمه و الذى يحرم أن يعتدى عليه – و الصلاة هناك و الطواف بالكعبة – الكعبة المكية – و السعى بين جبلى الصفا و المروة و التضحية بالذبائح و الوقوف على جبل عرفات و رجم إبليس بالحصى و رحلة الحج برمتها كى تصح وجب أن يقوم الحاج بتنفيذ أربعة شروط أو مناسك لذا سميت بأركان الحج و هى بالترتيب ما يلى :-
1- الإحرام وهو نية الدخول في النسك لقول الرسول- صلى الله عليه وسلَّم- : ( إنما الأعمال بالنيات وإنما لكل امرىء ما نوى ) ، وله زمان محدد وهي أشهر الحج التي ورد ذكرها في قوله تعالى { الحج أشهر معلومات فمن فرض فيهن الحج فلا رفث ولا فسوق ولا جدال في الحج } (سورة البقرة الآية 197) ، ومكان محدد وهي المواقيت التي يحرم الحاج منها .
2- الوقوف بعرفة لقول النبي – صلى الله عليه وسلم- : ( الحج عرفة ، من جاء ليلة جَمْع قبل طلوع الفجر فقد أدرك ) رواه أبوداود وغيره، والمقصود بجَمْع: المزدلفة، ويبتدئ وقته من زوال شمس يوم التاسع من ذي الحجة ويمتد إلى طلوع فجر يوم النحر
3- طواف الإفاضة لقوله سبحانه :{ثم ليقضوا تفثهم وليوفوا نذورهم وليطوفوا بالبيت العتيق } (سورة الحج الآية 29)
4- السعي بين الصفا والمروة لقوله- صلى الله عليه وسلم- : ( اسعوا فإن الله كتب عليكم السعي ) رواه أحمد
وبالإضافة إلى تلك الأركان الأربعة هناك من شعائر و مناسك الحج ما يجوز تنفيذ بعضها و ترك بعضها و إن فرض على تاركها ذبح أضحية تكفيرا عن تركها و سميت تلك المناسك بواجبات الحج و هى كالآتى :-
وأما واجبات الحج التي يصح بدونها فهي :
1- يكون الإحرام من الميقات المعتبر شرعاً لقوله – صلى الله عليه وسلم- حين وقت المواقيت : ( هن لهن ولمن أتى عليهن من غير أهلهن لمن كان يريد الحج والعمرة ) رواه البخاري .
2- الوقوف بعرفة إلى الغروب لمن وقف نهاراً لأن النبي – صلى الله عليه وسلم- وقف إلى الغروب وقال : ( لتأخذوا عني مناسككم ) .
3- المبيت بمزدلفة ليلة النحر
4- المبيت بمنى ليالي أيام التشريق لأنه – صلى الله عليه وسلم- بات بها وقال: ( لتأخذوا عني مناسككم )
5- رمي الجمار: جمرة العقبة يوم العيد ، والجمرات الثلاث أيام التشريق، لأن هذا هو فعل النبي – صلى الله عليه وسلم
6- الحلق والتقصير لأن النبي صلى الله عليه وسلم- أمر به
7- طواف الوداع لأمره – صلى الله عليه وسلم- بذلك في قوله : ( لا ينفرن أحد حتى يكون آخر عهده بالبيت )
وهذه الواجبات يصح الحج بترك شيء منها ويجبر – تلافى وزر- المتروك بذبيحة ” أضحية ”
ثم و من بعد عودة الحاج إذا قام بالحج صحيحا فقد عاد الى بلده و أهله كما ولدته أمه دون ذنوب ….
و بالإضافة الى أركان الإسلام الأربعة فالمسلم لا يكون مسلما إلا إذا آمن الأنبياء و المرسلين السابقين على محمد و بالكتب التى جاءوا بها
بالإضافة إلى الملائكة – التى حكى عنهم القرآن – أو الكتب المقدسة السابقة
و بالإضافة إلى الإيمان باليوم الآخر أى يوم القيامة أو يوم الحساب أو يوم الدينونة فى الأديان السابقة على الإسلام و يستلزم ذلك أن يؤمن المسلم بالبعث من الموت و أن هناك حسابا لكى إنسان عما فعل من خير أو شر فى الحياة -الدنيا- و هو أمر لم تعرفه الديانات – الإبراهيمية – ( اليهودية و المسيحية ) الا فى مراحل لاحقة على نزولها كما فى حالة اليهودية مثلا … و هى ليست كما يراها الإسلام من حساب و عقاب و جنة و نار كما هو الإيمان فى المسيحية مثلا .. فالفردوس المسيحى ليس نعيما بملذات حسية أو تمتعا بالحوريات و الأبكار كما فى الاسلام و ليس من أنهار العسل و الخمر و ليس استمتاعا بفاكهة و أشربة و إتكاءا على أسرة و متكاءات بل أن أهل الفردوس المسيحى كالملائكة لا يأكلون و لا يتزوجون و لا يستمتعون بالملذات الحسية … بل أنهم حتى فى هذة الجنة – الفردوس – لا يتبعون ناموس البشر من مشى و جرى و جلوس و نوم و استلقاء بل أنهم يرفلون كالملائكة و أن حتى وصف الفردوس مبهما على المسيحيين اذ لابد أن مفردات النعيم – الجائزة- مختلفا حتى عن مفردات النعيم الدنيوى من أشجار و زهور و فاكهة و أنهار و خمر و نساء …
كما أن مفهوم يوم الحساب نفسه مختلف فى المسيحية عن الاسلام فيوم النشور و ميزان الأعمال و الشفاعة و العذاب بقدر الذنوب ثم من بعد ذلك دخول الجنة مختلف تماما بين الدينين الإسلامى و المسيحى إلى الدرجة التى تجعل من الإيمان بكتب السابقين مناقضا تماما للإيمان الإسلامى ففى المفهوم المسيحى مثلا ليوم الدينونة – القيامة – فإن الخطاة و الكفرة يلقون فى النار مباشرة … النار و العذاب الأبدى و لا وجود للشفاعة و لا وجود لإشارات تناسب العذاب الأخروى مع الذنب … و الحقيقة … أنه لا توجد ديانة تقارب فكرة البعث و الحساب و الجنة و النار فى الإسلام كما هى عند الفراعنة … و الذين و ياللعجب هم من لعنوا فى كافة الديانات الإبراهيمية و فى الإسلام …
سنستكمل فى المقال القادم ما نشأنا عليه من إيمان كمسلمين ثم نعرج من بعد ذلك ما نكبنا به من خطل إسلام ما بعد ثورة 25 يناير.
تعليق واحد على إسلام ما بعد ثورة 25 يناير 2011
شكرا على المقالة التمهيدية ديوجينيس وفي انتظار الجزء الثاني لنرى الرابط بين المتغيرين: الإسلام وما تلا الثورة من تداعيات. تحيات الموقع