أطفال مدللون في الصين
ترجمة: محمد رمضان حسين
(بيلا).. طفلة صغيرة في العاشرة مِن عُمرِها، تمثل الطفولة غير المرحة نظامًا أساسيًا لأسلوبِ حياتِها اليومية؛ كما وصفت صحيفة وول ستريت روتين حياتها اليومية بأنه يُشبه تقريبًا نظام المدير المشغول طوال الوقت، تنهض الفتاة الصغيرة مِن فراشها في تمام السادسة صباحًا لِتستقبل يومًا حافلاً مليئًا بالتعلم، إنها ترغب في هذا الأمر كما أنَّ أبويها أيضًا يُريدان لها ذلك، (بيلا) هي الابنة الوحيدة لـ (وتشو) و (تشي) اللذين يبذلان كل ما في وسعهما لمساعدتها؛ فقد انتقلا للسكن في شقة جديدة على مقربة من مدرستها، تُعد مدرسة (يانجبو) الابتدائية هي مدرسة النخبة في شنجهاي، حيث يدفعون لبيلا 1500 دولارًا سنويًا في الوقت الذي يتكون مُجمَل دَخل الأسرة فقط 4000 دولار في السنة، تُمَثل مصاريف (بيلا) فقط أكثر مِن ثُلث دخل الأسرة؛ ولكن لأنهم ينظرون لمسألة تعليم (بيلا) باعتباره نوعًا مِن الاستثمار المُستقبلي لأسرتهم ولبلدِهم، لأن (بيلا) مِن خلال التعليم الجيد سوف يُمكنها كسب الكثير مِن الأموال في وقتٍ لاحق مِن خلال الوظيفة التي سوف تُتَاح لها بَعد التَخرُج، تتمنى (بيلا) أن تُصبِح مُحامِية، وتَحلُم بِكَسْب الكثير مِن المال عن طريق مِهنتها تِلك في المُستَقبَل، وهي لا تَحلُم بِمفردها، فوفقًا لاستطلاعٍ للرأي أجرتهُ إحدى المجلات في شنجهاي على مَن هُم في المرحلة العُمرية مِن سِن 12 إلى 18 سنة؛ كان 53 % منهم يرغبون بالحُصولِ على فرصة عَمَل ناجحة بينما 41 % يحلُمون بأن يصبحوا من أصحاب الملايين، ويحاول الآباء والأمهات مساعدة أبنائهم بكافة الطرق لكي يتمكنوا من تحقيق أحلامهم.
إن ما يحدث في داخل الأسر الصينية التي أنجبت طفلاً وحيدًا يُعد أمرًا فريدًا مِن نوعِه عن أي بلد آخر، فإن مُجمل الأموال التي يُنفقُها الصينيون على تَعليم أبنائهم بلغ 40 مليار دولار في عام 2002 ثم زاد إلى 90 مليار دولار بحلول عام 2005 وفقًا لإحصاءات العديد مِن الخبراء في هذا المجال، وينتشر أيضًا بين الأسر الصينية مساعدة الأجداد لتلك الأسرة وحيدة الابن: (فمٌ واحد يُطعمه ستة جيوب)، يقصدون الابن الوحيد الذي يرعاه أبوان وجدان مِن ناحية الأب وآخران مِن ناحية الأم، ويتحدث (شيه وي خِه) نائب رئيس الجامعة التربوية في بكين في مقال لصحيفة دي تسايت: “إن الاهتمام الرئيس اليوم لدى الأسر الصينية موجه فقط نحو التعليم؛ وحتى الأسر الفقيرة ترغب في مستقبل جيد لأبنائها”.
كما أن دور رعاية الأطفال قبل المرحلة الابتدائية تحولت إلى مشروعات استثمارية للقطاع الخاص، كما يحدث في هونج كونج وتايوان، وهذه الرياض الأطفال الخاصة تكون مصروفات الالتحاق بها باهظة للغاية؛ بحيث يصل البعض مِنها إلى عشرة آلاف دولار في السنة الواحدة، ويقول (دولسي ليم وولر) مدير شركة ديزني في هونج كونج وفقًا لما نشرته مجلة بيزنس وييك: “الاستثمارات الترفيهية الأمريكية لرياض الأطفال تعمل ببراعة شديدة في الصين، لأن الجميع هناك يحاولون توفير مناخ جيد يساعد الأطفال على اكتشاف مواهبهم الخاصة وتنميتها”.
وتُعد دراسة اللغة الإنجليزية، والتمرين على فن رقص الباليه، ودروس العزف على البيانو، هي الأمور الأكثر طلبًا. وهذا لا يتوقف على رغبة الآباء في توجيه أبنائهم ولكن على مقدرة الطفل ومميزاته الفردية التي تؤهله لذلك، وبالفعل فإن الأطفال الذين ينبغون في بعض الأمور منذ الصغر تظل مرافقة لهم طوال مراحل التعليم وبعد التخرج.
مقطع من كتاب: التحدي الصيني؛ أثر الصعود الصيني في حياتنا… الفصل الثاني: ملايين العقول الذكية
تأليف: فولفجانج هيرن، ترجمة: محمد رمضان حسين
تعليق واحد على أطفال مدللون في الصين
عرض شائق لكتاب مهم كالعادة يا عزيزي محمد…عله يجيب بعض التساؤلات حول الصعود الصيني..وحول الخيبة التعليمية الفادحة في الوطن العربي! تحياتي