رياح الطريق …
* * * * *
التمسك بأن تظل حياً تتنفس … الكلب ينبح مع أنتصاف وجه القمر فيما يشبه تقليداً لعواء ذئب شيخ و رفيقه يجلس باناقة لا تناسب ظلام وقذارة الشارع … محل ( سمكري السيارات ) المغلق ليلاً يصدر منه صوت ترتيل قرآني أعتاد صاحبه ترك الراديو علي إذاعة القرآن الكريم حتي بعد إغلاقه من باب البركة ربما.. هل يسمعه الكلب النابح؟ … من ماذا يشتكي أو لمن يغني ؟ .. أجد البيت كله سهران بغير عادة حول طفل مبارك المدلل ( عمرو أديب ) وهو يصرخ بسلسعة صوت وشرمطة نسائية …” – مفيش حشيش يا جدعان … دي أزمة بجد .. والقرش وصل لمية وعشرين جنيه ” … ينظر لي أبي نظرة ساخرة علي طريقة : وانت الأزمة عاملة معاك إيه ؟ … اتحاشي نظراتهم وأبتسم … أدلف إلي غرفتي منغلقاً مطوياً ….
أتمنيت طول عمري أني أجري عل البحر .. بس معملتهاش إلا مرتين .. مرة أيام الصبا لما كنت رياضي بحت … ومرة اليومين دول في مقام ” ساعات صغيرة بدون دخان” … السماعات في ودني والمزيكا بتجري معايا مش لوحدي … رحلة عسل وأنت عارف أنها مش حتكرر قريب ! …
عن قطط الشارع الضالة ؟ و لا عن العربية البورش اللي بتمشي ع الحيطة ، واللي مُصممة كحشرة ؟ .. ولا عن مسرحية كاليجولا والطاغية يتحدث عن كيف تصنع طاغية ؟… أم عن لماذا زارني ” وديع سعادة ” بسنواته التي ” عليه أن يبيدها بمطرقة ! ” و أنا أجلس معه علي صخرتين بجانب تبة عالية يرتكز علي قمتها رادار عسكري ضخم ….
وعشان كان بيقولي: “الريس ده دماغ ! .. واحد لواء جيش ورئيس الكلية الجوية ، وهوبا فرئيس جمهورية … عارف معني الديكتاتورية الحقيقة .. بتاع جيش يا عم ! .. وخد بالك العملية بتسيب “
وعشان حاجات تانية حسيت منه أن لو أي حد منا مسك رئيس جموريتنا كان حيبقي أوسخ منه ! … والعملية
بتسيب !
===============
ضد من ؟
* * * *
يفصل عن علاء ويتحدث عن احدي قرارته الشجاعة ايام ما كان لواء بصوت متحشرج دائخ … دخوله في الغيبوبة يسبقه تمتمات وهذيان ما ينبه الفريق الطبي …
- …” سيبهم يعملوا الصح ! “…” أنا نمت كثير اوي وعايز افوق “
صوت متحشرج وهذيان بكلمات غير مترابطة يغشاه وأنفه الطويلة تزداد تدلياً فوق شفته العليا .. عينان تزداد أنتفاحاً وتجاعيد شيخوخة تدنو مهرولة نحو موت آت قريب … وكأنه يتذكر أحدي خطاباته فوق منبر الكلية الجوية يوم تخريج أحدي دفاعاتها وقتما كان رئيسا لها .. يستمر في هذيانه : ” «اس ..اسمع.. إن هذا (مصر) بلد مستقر وسوف يبقى بلداً مستقراً بعد مبارك وحتى بعد الرجل الذى يأتى بعد مبارك “
بينما صفوت الذي لم تهزمه الشيخوخة ما زال يحتسب هيبته وماضيه فيما لو ذهب مبارك فجأة ويسرب للصحف :- والاعمار بيد لله سبحانه وتعالي طبعاً – الرئيس مبارك يعاني من جلطات مضاعفة وطبيبه يلازمه علي مدار الساعة لحقنه فور حدوث اية مضاعفات له وان التأخر في الحقن لمدة ربع ساعة قد يتسبب في وفاته خلال نصف ساعة …
صرح صفوت الشريف رئيس مجلس الشوري المصري لبعض المقربيين منه بالقاهرة ان الرئيس المصري رفض الذهاب للخارج من اجل العلاج وان طاقم صحي اجنبي وصل الي الاسكندرية قبيل اربعة ايام يضم 18 طبيبا في عمليات التجميل والأمراض الأخري من بينهم عدة طبيبات في محاولة للتغلب علي الترهلات والتجاعيد ومحاولات بعث الحيوية في وجه الرئيس المصري حسني مبارك والذي بات مرهقا وممصوصا بينما الانتفاخات حول عينه تجعله غير قادر علي فتحها ومن المدهش ان صفوت قال لهؤلاء المقربيين الذين ابلغونا بما قاله ان الرئيس استنفذ المدة المحددة للبقاء علي قيد الحياة من قبل الاطباء الالمان في اغسطس الماضي حيث كانوا قد حددوا للبقائه حيا فترة عام عند زيارته لالمانيا واجرائه عملية في ظهره … وينتشر فيديو في قنوات الاخبار ومنه للانترنت بهدف تهدئة الجو حول إشاعات موت مبارك … يظهر فيه مبارك لدقيقة في مكالمة مع رئيس الوزراء من غرفته في مستشفي بألمانيا ، لا تسمع من الفيديو جملة مفيدة واحدة سوي : آه … آه … تمام … لأ الحمد لله … وضحكة مصطنعة ثقيلة له وهو يحمل سماعة الهاتف بيده اليمني التي تقاوم الأرتعاش ، والتي يبدو أرتجافها واضحاً وهو يضع سماعة الهاتف في عجالة وانهاك لينتهي الفيديو المفبرك
* * * *
ضغائن بين شعبين بسبب كرة القدم قد تجمع شعب ما يوم التقاء الجمعان في قبل نهائي امم افريقا لتصنع بشطل اعتباطي ما توحد هسيتري يتزامن مع مجييء واستقبال حافل هسيتري آخر للبرادعي في المطار … الأكيد الآن بأن وعياً جمعياً يتشكل لصناعة غضب سيتجلي في حال ترشيح كاليجولا لفترة أخري أو في حال التوريث … هنالك رياح تغيير تؤكد بأنه لا قيمة لأحداث متصلة متتالية لوعي انسان مريد مسؤول مقارنة بما يفرضه الظرف التاريخي من احداث تاريخية اعتباطية متعاقبة تملي رغبتها علي الجميع .. نحن أشبه بالآلات ! …
ولكن لأن كل شيء يمضي كرياح الطريق …
يسرع حيثما يضيق ..
ويبطيء حيثما أتسع
…. يبدو أن هنالك رياح للتغيير
بغض النظر عن كون وكالة الطاقة الذرية هي احد اوجه السيطرة السياسية للدول الكبري علي المشاريع النووية للدول الاصغر .. ولا عن الأريحية والهدوء النفسي الذي سقط علي البرادعي وهو يستقبل اتصالا علي احدي الفضائيات من صحفي ما عن موقفه الجاد تجاه عدم خطورة البرنامج النووي الايراني في مواجهة ضغوط بوش وبالطبع كان أوباما هو الصدفة الجميلة التي ازاحت هذا العبء عن كاهله .. هنالك رياح تغيير.. تكتنفها سذاجتنا المصرية العريقة ، ولكن منذ متي كان الجميل كامل ؟ … روح التماحيك المصرية تنجلي بوضوح والبرادعي يطوف الشوارع ويطبع قبلته الارستقراطية بتواضع علي رأس فلاح عجوز … ولكن كل هذا لا يمنع أن هنالك رياح للتغيير
… كان جالساً علي بعد مقعدين مني يحتسي قهوته ويزمجر بعصبية أحسبها صادقة : ” يترشح اي حد .. برادعي … فرغلي … انشالله زلطة من الشارع بس ميورثشي لا هو و لا ابنه “… ولك مطلق التخييل في تأويل عبارته خلال أيامنا هذه … هناك رياح للتغيير!
2 تعليقات على الغابة تُبرر الفريسة …
أستاذ أيمن الجندي،
هذه أولى مقالاتك معنا على شبكة شباب الشرق الأوسط، فأهلًا بك أولًا، يجدر بي أن أقدم لك الترحيب اللائق!
ثم نأتي لهذه القطعة السوريالية الرائعة! حقيقي رائعة!
أعجبت بها من أول سطر لآخر سطر!
يجب أن تقرأ أعمال ممدوح رزق على الشبكة:
http://www.mideastyouth.com/ar/?author=86
أشكرك أحمد علي ترحيبك
ممدوح رزق صديق عزيز و مبدع حقيقي وأنا بالتأكيد متابع لكل مقالته هنا علي الشبكة و علي المواقع الأخري
خالص ودّي و أحترامي