الى الدكتور وليد جودت السبول… حديث الخاصة
تحية إجلال وتقدير لك ايها الأردني العاشق لوطنه حد الإفراط , أبعثها لك من الكرك , كرك التاريخ والمجد , أُسجل لك أيها الصديق الذي لم ألتقيه بعد شخصيا كل الإعجاب , وإن كنا سبحنا في بحر الاردن حبا ولوعة عليه ومن أجله , ولا أُنكر عليك أن أضفت الى مفهومي في الكتابة في هم وطني وأمتي الكثير , وأنت صاحب المدرسة التفاعلية بين الكاتب والقراء , فالكاتب ليس بصانع سلعة يطرحها للسوق وينسى أمرها , من أرادها فليشترها ومن لم تعجبه فلتبقى مركونة على الرف , لا , من يكتب لمصلحة وطنه وأمته , يجب أن يتابع ما يصدر منه , ويتعلم من الاخرين الذين يُعلقون أو يردون عليه , فليس كل ما نكتب هو الحقيقة , وليس كل ما نقتنع به وننشره هو الصواب , ولا عيب ولا حرام أن نكتب اليوم ما نراه مفيدا للوطن والامة , ثم نغير عما كتبنا الى ما نجده الأفضل و الأصلح , فلا عزةٌ بالاثم تأخذنا عن مصلحة الوطن والامة.
عزيزي الدكتور وليد
إن مراسلاتي معك في الأونة الاخير , جعلتني أزهو بنفسي قليلا , حيث تخيلت تلك المراسلات التي كانت تجري بين الادباء والكتاب في كل أنحاء العالم في قديم الزمان , وإن كانت مراسلاتنا الان لا تأخذ سوى لحظات حتى تصل بيننا , في حين كانت قديما تحتاج الى أسابيع وأشهر حتى تصل الفكرة من شخص الى آخر , وللعلم سادتي الكرام , أنه كثيرا ما أختلف مع الدكتور وليد , والإختلاف في الرأي لا يُفسد للود قضية , ولكنه إختلاف تفاعلي , يُقصد من ورائه التكامل من أجل المصلحة العامة , الأهداف واحدة , والوسائل مختلفة , الاعداء واحد , والأولويات في ترتيبهم تختلف , ولكن في النهاية نضع اليد باليد والكتف على الكتف , لننهض ما استطعنا بوطننا كله وبأمتنا كلها.
إن مراسلاتي الاخيرة معك أيها الكريم ابن الاكارم , وحديثنا عن ترتيب أعدائنا , ومن منهم يأخذ قاعدة من باب أولى في التعامل معه , أمر مطروح ومُتداول بين الكثيرين , ولا إختلاف في تصنيفهم أعداء , الا إن كان المقصود في إختلاف التصنيف هو جعلُ الفئة الثالثة من الاعداء بعيدين عن مواجهتنا لهم من باب لكل حادث حديث , فمن لا نواجهه اليوم كعدونا الأول يمكن ان يصبح مع الزمن ليس من قائمة الاعداء مستقبلا , فهنا يا سيدي تصبح بين الاخوة الأجندات الخاصة , ويُغني كل منا على ليلاه , وتصبح وحدتنا وتكاتفنا مرحلة وتنتهي بإنتهاء أو تجميد العدو الاول , وهذا ما لا أقبله لك ولا لنفسي , فالتطابق بالأهداف إن كان مرحلي ومؤقت يكون كالقنبلة الموقوتة , خصوصا بين ابناء الهم والمعاناة الواحدة.
أيها الكريم
حين تحديتني أن أكتب في موضوع مرسالاتنا الاخيرة حول تراتبية الاعداء والنص لك : ” أنت مخطيء في كل طروحاتك. اطرحها في مقال إن تجرأت وأرحب بالرد عليك علانية ” , لا أُنكر أنه تهتز في الوجدان لحظات يكاد يسبق فيه السيف العذل , وننسى أن الرصاصة حين تخرج من فوهة البندقية لا يمكن أن تعود إليها , ونعم انت ذكرت أن الحوار يُحبب لو كان شفاهية , وسيكون إن شاء الله , ولكن تحديك سبق دعوتك , فأرد عليك بترتيبك انت للادوار , وإختيارك أنت للمواقف , وأبدا من حيث أنت بدات من علامة التحدي والجراءة.
الدكتور وليد السبول
لا تنقصني الجراءة , ولا الفكر في الطرح , ولا أُخفي أن الموضوع المثار بيننا يشدني من كل الاتجاهات , ويُحمسني مجرد الحديث به , لقناعتي الكاملة , أنني على صواب , ولاقتناعي بالاسباب التي أقف بها وعليها , و ما زاد في الصميم تصميم , حين مررتَ بحديثك على أن البعض يغالي , فلا نحكمُ على الاغلبية من تصرفات الأقلية المغالية بالفكر , وأنت رأيتهم غُلاة , وأنا أراهم شجعان بين قومهم , تجرؤا بإعلان ما لم يستطع غيرهم من العقلاء والوسطين كما سميتهم أنت إعلانه , فكلهم أشباه رجال ولا رجال .
حين أُقسم الاعداء أقسمهم على طبيعة خطرهم , وعلى مستوى الضرر الذي يأتي منهم , والخطر المتوقع حدوثه في حال سيطرتهم , ولست بغير يعربي ولا مسلم موحد بأولوهية الخالق , وربانيته , ورسالة نبيه الخاتمة , محمد عليه الصلاة والسلام وعلى كل صحبه وأهل بيته الرضوان , و بما أنني كذلك فلا يمكن أن يكون العدو الصهيوني ليس قائمة أولوياتي , ولا يمكن ان لا تورث جيناتي الى أولادي غير ذلك , ولكنهم ليسوا وحدهم من يستولون على القائمة , فهم في المرتبة الاولى في كثير من الأبواب , وغيرهم في أبواب أُخرى يتقدم عليهم أو يتساوى معهم , وهم كثرُ يا سيدي , ولعل موضوع بحثنا وحوارنا أهم و أخطر و أشد الاعداء الذين يجب ان لا نغفلهم , ولا نسكُت عنهم , ونَحذرهم ما استطعنا .
لا تضع كل من يُقَدم على الصهاينة عدوا علامة المطبع والمتخاذل , ولا ترمي كل من قال أن علياً كرم الله وجه صحابي جليل وفقط , تهمة تحقير علي والإنتقاص منه , فالأعداء يتحالفون ويتكالبون , وحُبُ علياً في القلب راسخ كحب أبا بكر وعمر وعثمان وكل الصحابة لا نفرق بين أحد منهم إلا بما ميزه الله ورسوله به عن غيره , وتعلم عني يا دكتور أنني دائما أُحب الحقيقة واسعى لها , ولا شيء غير الحقيقة لأنها دائما وأبداً أسمى من أي عقيدة مهما انتشرت وفي الفكر رسخت , ولو حسبنا حسبة علمية بسيطة , كم من عدو لنا الأن يُهددنا ويحتلُ أرضنا , ما كان ليوجد وليكون لو لم يكن العدو الصهيوني موجود ؟؟؟ , لو كنا مُتحدين ومُتفقين ولم تُزرع في خاصرتنا دولة صهيون , هل كان سيعادينا برزويه , او يَقدر خنونيه على إحتلال موسى قبل أبيه ؟؟؟؟, ولكنها الفئران التي تتصيدُ في الظلام , والتي إنتظرت مئات السنين أن نصل الى ما وصلنا اليه الان من ضعف وقلة حيلة , حتى تبثُ سمها , وتبدأ تنفيذ مخططها الإنتقامي .
عزيزي الدكتور وليد
ما كتبته أعلاه ليس بحذر من الخوف , أو قلة جراءة أو شجاعة مني , لا ورب الكعبة لن أمدح نفسي ولكنني أعرفها جيدا , وأُذكرك بيزيد بن المهلب حين قال لولده :” إن كانت العجوز لا تعرف يزيداً , فيزيداً يعرفُ نفسه “, ولكنني تذكرت كيف تكون الفتنة الناتجة من وراء الخوض في قضايا خاصة على العامة , دون التأكد من أنها لن تُقسمهم وتُصنفهم بناءاً على إعتقاداتهم , لانه يا عزيزي حديث الخاصة أهل العلم , يكون في الجزيئيات والتفاصيل و التأصيل , أما حديث العامة فيكون في الكليات والنتائج , وأُذكرك وأُذكر نفسي معك بفتنة القرأن حين بدات , الم تكن حين تحاور العلماء بين خلق القران وتنزيله , ولكنهم لم ينتبهوا الى أن العامة يستمعون لهم , وحين خرج العامة من مجلس أهل العلم , تناقشوا بما سمعوا دون العلم الكامل بالجزيئيات والتفاصيل , فاختلفوا حتى تخالفوا , وحدث ما حدث في تلك المحنة والفتنة , ولا أَنكر انني رميتُ بعضا من الفتاشات في ردي عليك أعلاه , مُنتظراً كيف يكون مسار الأمور ومنهجيتها , وأحتفظ بحق الرد عليك منذ الان وعلى غيرك , أو الصمت , لانني أقبلُ بالسكوت والسكون , إذا كان صوتي على قوته وقوة حجته سيؤدي بنا الى فتنة أو يؤدي بنا الى ضرر فوق ما نحن به من ضرر وضعف , فلتعلم حينها ان هذا السكوت مني هو قمة الشجاعة , اذ أُصمتُ لساني وألجم بركاني , ومثلي ما إعتاد السكوت , ولا إعتاد بركانه إلا على الثوران.
ولك مني كل المحبة ايها الاخ والاستاذ
حازم عواد المجالي