الأحداث تتوالى على الشارع الأُردني خصوصا وعلى الشوارع العربية و العالمية عموما , واعذروا بدئي بالخاص قبل العام , فهو إستهلال أقصد من ورائه أن ترتيب البيت الداخلي هو أساس النجاح والمشاركة الفعالة الناجحة مع الأحرار في العالم كله , ولكن في الأحداث الأخيرة التي عصفت وتعصف بالمنطقة الأوسطية , وملاحقاتنا الدؤوبة للأخبار والتحليلات على كافة القنوات , وقراءة ومتابعة كافة الصحف والمواقع الإخبارية المحلية والعالمية , جعلتنا نبني أفكارا تتضارب كثيرا , وقليلا ما تتفق بينها , وفي كل مرة نبذل الجهد الموفور في تفصيل الأخبار على مقاسنا , أو حتى محاولة إبراز أية تفاصيل داخلها تخدمنا وتخدم مصالحنا الداخلية والخارجية على حد السواء.
ولكن ما يلفت إنتباهي أثناء هذا التجوال الفكري , والبحث الابن بطوطي , أنه على الأغلب الكثير , نرى أن المواقف الشعبية في كل دولة مهتمة , وذات علاقة وشان بما يحدث , ينبثق من الاحزاب الموجودة داخل كيانها , ومن المنظمات الانسانية والسياسية الاهلية فيها , أما الموقف الحكومي الرسمي , فمصدره دائما هو رئيس وزراء الدولة , كانت منتخباً أو مختاراً , فهو من يشرح الموقف الرسمي , وهو من يُشعر الشعب أنه مهتم بأفكارهم حتى لو تقاطعت مع مصالح دولتهم , وهو الذي يُرتب الأمور ويُنسقها للخروج بالصيغة الأمثل , وبطبيعة الحال هو من يتلقى اللوم الأكبر في حال وقوع الخطأ وهو و ارد , وقليلا ما يُوَجه له الشكر اذا أصابت سياسته مكسبا أو نصرا , حتى في أكثر الدولة الشمولية , والتي تبني مواقفها على سياسة رجل واحد , نرى ان رئيس وزرائه موجود , كثير التحدث والظهور , يطابق الأحداث ويرفض معطيات , ويُقر سياسات , وفي نهاية المطاف يقول : هذا واجبي تجاه وطني فلا تحمدوني عليه.
أراكم الأن قد رسمتم صورة لبقية كلامي , وفهمتم المغزى من وراء عنواني : دولة الرئيس أين أنت ؟؟؟ , كيف تختفي فجأة في خضم الأحداث ؟؟؟ , أهي سياستك أم هي لا سياستك ؟؟ , أهي الحنكة في الإدارة أم انه لا إدارة ولا إرادة حتى توجد لها منك حنكة ؟؟؟ , منذ توليك وأنت غائب حاضر , لا نراك إلا مبتسما , كأنك تمثل الدور لتتقنه , تتمترس وراء المجلس الوزراي , ورجالاته , فعندك الشريف والمعشر , وجنرالك الفاخوري , وكل حين يطل علينا أباك مكشراً عن أنيابه تجاه منتقديك , مركزا على أنك في عينيه غزال , وكم تمنياك في أعيننا أسدا ضرغام , ولكن رياحك آتت بما لا تشتهي سفننا .
أعلم أن كثيرا سيردون على الفكرة مدافعين عنك , والكلمات هي نفس الكلمات : ما انفك , دؤوب , لم يوفر من جهده , يوصل الليل بالنهار …الخ , ولكن يبقى الواقع انك حاضر غائب , نراك ولا نراك , نسمعك ولا نسمعك , ولا تصدق يا سمورة من يصفق لك ويطبل , هل تذكر حين اصدرت حكومتك قانون الانتخاب الذي أجزم أنك لم تقرأه , ولم تُقلب صفحاته , آرأيت كم مدحوك ومدحوا قانوك , وقالوا عنه العصري الافضل والاكمل والاحسن , ولو أنك عدلته ثاني يوم لعادوا وقالوا وفي مديحك ومديحه زادوا , نفاق أُجزم ايضا أنك تعشقه , ومسح جوخ أقسم أنك تحبه , ولن ننسى تصفيتك لحساباتك الشخصية مع من فقدوا حاسة ال استشعار عن بعد في الفترة التي كنت فيها في دبي كابيتال , ولم يتوقعوا قدومك الى الدوار الرابع , وكم من شبهة ظلم رميت نفسك بها , يفصل فيها صاحب القدرة المطلقة , وخير المنتقمين وأشدهم.
لا أُحاكمك بما لا أعرف , وإن اتهمتك بما سمعنا عنك وعن بطولاتك في تصفية أعداء الامس , ولكنني أُحاسبك على كل لحظة فقدتك بها , كمواطن اردني , وتمنيت وجودك وظهورك , منذ أيام القحط المستمر في وزير زراعتك مُرعب الأمطار ومُبخرها , وهفوات وسقطات جنرالك الفاخر , وعثرات ومطبات وزير تربيتك , مرورا بإختفائك أيام ثورة المعلمين المستمرة حتى الان , و حروب البيانات , و وحش الوطن البديل على الأبواب , حتى وصلنا لشهداء مرمرة , وكيف العالم كله اهتز , ومنهم من أثر في الوجدان ومنهم من ركب الموجة أمام شعبه وأمام ناخبيه في بلده , وأنت كما أنت , مُبتسما , بشوشا , و أكثر ما يعجبني فيك , أنك صاحب مبدأ , فأنت موجود لا موجود , حاضر غائب , نراك ولا نراك , وتبقى الإبتسامة عنوانك , و وجهك الفوتو جينيك , لم يتغير , فلا همُ وطن ظهر عليه , ولا عبء مسؤولية حُفرت فيه .
لن تكون أسوء من لقيناه , ولن تكون أخر السيئين , ولكنك مُتميز ومُنفرد في سلبيتك , حالة غريبة لم تمر علينا مثلها , ندعوا الله تعالى ان لا تتكرر , وان لا يكون لك جولات قادمة , ليس الفشل ما يُميزك , ولكن عنادك وإفتخارك بفشلك , ماذا فعلت لنا منذ توليك مهامك , قضايا فساد مُفبركة وفي كل قضية نشتم رائحة ماضيك ودبي كابيتال فيها , أسعار مرتفعة , حياة تزيد من وطأة آلامها ومعاناتها على كواهلنا , لا بصيص أمل , ولا فسحة أمل , ولا أي أمل في أمل .
متى رحيلك فلقد مر يومك علينا دهرا , متى نرى شر غيرك لأننا نحلم به خيراً في عهدك , أيعقل أن يأتي من هو أسوا منك ؟؟؟ , الله أعلم , ولكن أعتقد أن الاسواء منك لن يكون من صنف البشر العاديين , كنت قد كتبت قصيدة بعنوان في عهدك سمير هذا الان , سأنشرها ولا بد , ولكن ما يمنعني من نشرها الان هو أمل مغادرتك وذهابك , وشهرة في ذمك لا أراك تستحقها.
اعذروني سادتي , لا أمور شخصية بيني وبين دولة الرئيس الا حياة أهل بيتي , ومصيرهم , ومستلزمات بقائهم أحياء ,وامانتهم التي أحملها على عاتقي , وما يتبقى من الراتب المأسوف على وجوده , ولا ترموني بأنني زودتها , أو بشعتها , فحين تضيق فسحة الأمل أمام أعيننا , يبقى ما نقوله كلاما وحبرا على ورق أقل من القليل , لن نرضى الا بدولة القانون , ولكننا نتمنى , ونحلم في زمن يُجرم المرء فيه على خياله, وانتظروني إذا طال عمر حكومته الخداج لا سمح الله , في معلقتي :
في عهدك هذا سمير الأن.
حازم عواد المجالي
4 تعليقات على دولة الرئيس أين أنت ؟؟؟
أهلًا بك أستاذ حازم عوّاد معنا في أولى مقالاتك على شبكة شباب الشرق الأوسط، والتي تشرّفنا كثيرًا…
أعجبتني اللهجة التهكميّة في مقالتكم، ولو أنني لا أدرك عمّ تتحدث، ولكن يبدو أن كل الدول الشمولية في الهم واحد.
ولو أنك تتحدث عن جلالة ملك الأردن، فياحبذا لو يقرأ أستاذ وليد السّبول، وهو محرر أردني معنا على الموقع، هذه المقالة، لأنه مُعجب بجلالة الملك كثيرًا، وأعتقد أنه سوف يكون حوارًا شيقًا بينكما!
تحياتي
الاخ احمد زيدان
تحية طيبة وبعد
يبدو ان الامور التبست عليك كثيرا
اولا الاسم هو حازم وليس حسام
ثانيا
المقالة تتحدث عن دولة رئيس الوزراء وليس جلالة الملك
ثالثا
الاردن ليس دولة شمولية والدليل ما نكتبه وننتقد به لدرجة عالية جدا والحقيقة ان المسؤولين هم الذين يتجنبوننا وليس نحن من نتجنبهم
رابعا
نحن بلد ديموقراطي نقول كل ما نريد بشرط ان يكون موضوعي ومبني على ادلة واسس صحيحة
خامسا
الدكتور وليد السبول استاذي ومعلمي
سادسا
قضية جلالة الملك ليس قضية اعجاب وانما قضية قرار واختيار فنحن الشعب الاردني اخترنا العائلة الهاشمية ملوكا لنا ولكنن نحكم انفسان بانفسنا وفق نظام ديموقراطي برلماني والملك هو الوسط في كل شيء فهو للاردن كلها وكثيرا ما نلجا له لحل اية قضايا خلافية
سابعا
انا لست من اتباع انتقاد اي نظام حاكم رئيس جمهورية او ملك او سلطان لان اساس المشكله تكمن من الاتباع وليس من القادة فلو كل مسؤول قال لقائده لا ه
اكمل او كل مسؤول قال لقائده لا هذا لا يجوز لا تمرد حاكم ولا تنسى المثل يا فرعون مين فرعنك
على كل حال هذا استهلال بيننا احببت ان اوضح فيه الامور حتى لا يقع اللبس مرة اخرى
وانا اتتبع خطا الدكتور وليد السبول ابن بلدي ومعلمي وموجهي
وشكرا لك على المرور وانما اقتضى التنويه والتصويب
حازم عواد المجالي
أنا آسف على الخطأ غير المقصود، وبالفعل التبس عليّ الأمر تمامًا، بس اعذرني لأني لست أردنيًا…
أنا آسف مرة أخرى، وتم التصويب، ورسالتك وصلت…
أشكرك وأهلًا بك معنا أخ حازم