العين تشريحيا وفسيولوجيا لا ترى إلا صورة واحدة ، سواء كانت الأقرب أو الأبعد ، أما الأخرى لا تراها إلا مشوشة مهزوزة . والمخ يعمل على إظهار الصورة المركز عليها ويهمل ما عداها ..
ضع إصبعك أمام عينيك بمسافة خمسة وعشرين سنتيميتر وانظر له ، لن ترى ما خلف اصبعك ، وان ركزت فيما خلف اصبعك سترى اصبعك مزدوجا ، وان نحيت اصبعك جانبا بعيدا عن نظرك ، سترى كل ما حولك جيدا .
هذه هي الحقيقة ، وهذا هو قانون الأشياء بالنسبة للبشر ، أنت ترى الأقرب افتراضيا ، وإن حاولت التركيز في الأبعد سترى الاقرب مشوشا .
وبما أن الأصل في القانون هو القاعدة وما عداه استثناء ، فالبشر افتراضيا لا ينظرون إلا للأقرب ولكن إن كانت لديك الموهبة تستطيع ان تنظر للأبعد افتراضيا .
والاستثناء هنا ليس الموهبة ولكن تدريب المخ على ان يوحد صورة الأقرب ،فترى الأبعد افتراضيا والأقرب موحدا بالتدريب ، هنا تصل لمرحلة الادراك الواعي لكل ما حولك بعيدا كان أو قريبا ، وتنطبق هذه القاعدة على البشر ومعاملاتهم مع بعضهم البعض ، فأنت ترى الأقرب ممن هم حولك ، ولا ترى ما عداه إلا رؤية مشوشة مهلهلة ، لا تركز فيها بالقدر الكافي لإدراكها ، أو إدراك واجباتك نحوها ، وإن اقترب شخص آخر إليك بأقرب ممن هم حولك بالفعل تهمل القريب وترى الأقرب ، هذا هو القانون ولا جدال فيه .
فالرجل المتزوج لا يرى إلا زوجته ولكن إن اقتربت منه سكرتيرته – مهما كان جمالها متوسط – وتداخلت في حياته بحكم عملها وبحكم خبرتها في إدارة شئون عمله وحياته ومواعيده ، تصبح أقرب له من زوجته ، فتشجعه على العمل فيقضي ساعات أطول في العمل ، فلا يرى سواها ويأنف من زوجته لأنها لا تفهمه وبعيده عنه ، فيخون الزوجة أو يتزوج السكرتيرة عليها .
الأقرب هنا ليس لجمال او مال وإنما الأقرب لروحك وحياتك ، يصبح أقرب لقلبك ، وطوعا تراه أكثر مما ترى ما عداه ، فيصبح الأقرب أبعد وتنطبق عليه القاعدة أن يُرى مشوشا بدون ملامح ، فلا يركز فيه مخك ولا إدراكك .
والمرأة كذلك لا ترى إلا زوجها واحتياجاته وشكواه وحكاياته ، فإن أنجبت اتجه تركيزها للأقرب لها وهو ولدها ، فتهمل في الزوج ويكون انصباب تركيزها لرعاية ابنها ، وحين تنجب المولود الثاني – هنا يصبح تركيزها في أولادها وليس في زوجها ، ويكون تركيزها منصب في الأساس على المولود الثاني بحكم ضعفه وقلة حيلته ، فتنشأ الغيرة في نفس الطفل الاكبر من الطفل الثاني ، حتى يصير يافعا ويدرك قانون البشر الذي يسري عليه ، وهو أن الأقرب دائما ما نركز عليه وما عداه يهمله العقل افتراضيا .
والأقرب دائما يكون باختيار البشر .. فلا إقتراب بإجبار ، ولا حيلة للأبعد .. إنما الأمر كله بيد الرائي .. إن شاء ركز على الأقرب وإن شاء ركز على الأبعد ، وإن شاء ركز على كلاهما بالتساوي .. وهذا لا يتاتى إلا بالتدريب .
طبق القانون أو لا تطبقه .. إنه يسري عليك قهرا في كل علاقاتك الانسانية .
3 تعليقات على قانون العلاقات البشرية
مرحبا بك يا محمد كاتبا جديدا على شباب الشرق الأوسط…لست أدري إن كنت أتفق معك في كون القانون هذا ينطبق على العلاقات الإنسانية أم لا, لكني متأكدة من كوني لا أحب أن يكون منطبقا بالفعل! تحياتي وتحيات الموقع وفي انتظار المزيد من كتاباتك
شكرا جدا يا سلمى .. بالنسبة للقانون أنا أراه منطبق على البشر جميعا إلا استثناء وقد ذكر في المقال .. ورغم أن هذا الاستثناء نسبته ضئيلة او هم أشخاص يعدون على أصابع اليد الواحدة لكنهم موجودون .. ورغبتك بالتأكيد كلنا نرغبها ولكن ما باليد حيلة إلا التدريب
لكن ممكن ان يكون القرب ليس مسافة كما في العين فالام التي يبتعد عنها ابنها ترى ان اهتمامها منصب حوله اكثر من غيره.ونلاحظ الكثير ممن يحاولون التودد للذي يهملهم ..فكيف نفسر هذا تبعا لقانون الاقرب