عنوان المقال هو إعادة صياغة لعباره وردت على لسان الداعية المعروف باسم الشيخ أبو إسلام أحمد عبدالله فى برنامجه على قناة الأمة وهو يدافع عن الدكتور محمود شعبان الأستاذ بجامعة الأزهر الذى أصدر فتوى تحل دم عدد من رموز المعارضة السياسية فى مصر بدعوى كفرهم وخروجهم على الحاكم ، تلك الفتوى التى أحدثت دويا هائلا فى الوسط السياسى المصرى خاصة بعد إغتيال المعارض التونسى البارز شكرى بالعيد قبل أيام على يد عناصر مجهولة هى على الأرجح إسلامية أصولية تبعا لظهور فيديو آخر لبعض أفراد جماعات الإسلام السياسى فى تونس يحرضون على قتله مع معارضين آخرين.
المثير للدهشة ليست فتوى محمود شعبان فى حد ذاتها ، فهى تتوافق مع فكره المعتمد على المصادر التراثية للدين الإسلامى ، وصدورها عن شخص مثله ليس بالأمر المستغرب على الإطلاق ، فطبقا لما يؤمن به محمود شعبان هو ومليار مسلم آخر على وجه الأرض يحل قتل كل شخص يخرج على الحاكم المسلم ويعارضه ويسعى لإسقاطه ، والأمر ثابت بالأدلة الشرعية ، لكن المثير للدهشة والتعجب هو أن يهاجم البعض شخص محمود شعبان لمجرد أنه نقل ما يعتقده ويؤمن به من مسائل مثبتة فى كتب التراث الإسلامى معتمدا على أحاديث منسوبة لمحمد نبى الإسلام ، ويحجمون فى الوقت ذاته عن المساس بشخص محمد الذى هو المصدر الأصلى لهذه الفتوى وهذا الحكم الشرعى .
رغم كراهيتى للإسلاميين جميعا بلا أدنى إستثناء ، وإيمانى العميق أنه يوجد هناك إسلام واحد ، وأن تقسيم معتنقى الاسلام الى معتدلين ومتطرفين هو ضرب من الهراء لأن المنبع واحد لدى الجميع ، إلا أننى أكن الكثير من الإحترام لمن يعلنون صراحة عن حقيقة ما يؤمنون به دون مواراة أو خجل ، فالكثيرين من المسلمين مغيبين تماما ولا يعرفون الكثير عن حقيقة ما هذا المعتقد الذى ورثوه عن أجدادهم ، لذالك فإن ظهور شخصيات واضحة وصريحة ووقحة أيضا كمحمود شعبان وأبو إسلام هو فى رأيي أمر أراه إيجابيا وباعثا على التفاؤل ، فمن ينقد الاسلام من خارج الإسلام حتى وإن إعتمد على التراث الاسلامى نفسه لا يستطيع أن يحرز نفس النتيجة التى يحققها إستخدام أشخاص لا يؤمنون بالتقية ولا يخفون عيوب دينهم كالمذكورين سالفا فى توضيح حقيقة الإسلام لمن يجهلونه ، خاصة أنهم لم يأتوا بأى جديد ولم يضيفوا إلى الإسلام شيئا ليس منه ، بل إعتمدوا على أصل هذا الدين ، على التراث نفسه ، فإن لم يكن الاسلام على حقيقته هو ما قاله وما فعله محمد وما إدعى أنه أوحى اليه به .. فماذا يكون إذن ؟؟!!!
قبل سنوات عندما نسبت الى محمد سفكه هو وصحابته للدماء وطالبت بمحاكمته ، هوجمت بعنف وإضطهدت وحوكمت وسجنت ، رغم أننى لم أفعل شيئا أكثر من أننى نسبت الى محمد وأصحابه ما فعلوه فى الحقيقة ، أوليس من يقتل ويسفك دم القتيل هو سفاك للدماء ؟؟ أوليس مثبتا فى كتب التراث الاسلامى قيام محمد وأصحابه فى عهده ومن بعده بقتل الكثيرين ممن كانوا غير مؤمنين بدعوته سواء كانوا مسالمين أو محاربين ؟؟ إذا ما الذى فعلته هنا أكثر من أننى نسبت أمرا إلى أهله وعلقت عليه مبديا رأيا قد يؤخذ به أو يرد ، فى المقابل نسب أبو إسلام الى محمد الدعوة الى العنف والقتل وسفك دماء الخارجين عن الحاكم فى معرض دفاعه عن الدكتور محمود شعبان وفتواه ، وهو محق فيما نسبه إلى محمد ، وإن كان على العكس منى مرحبا بهذا العنف ومؤيدا وداعيا وداعما له ، وحتى الآن لا أظن أن شيئا سيحدث له ، وبالطبع لا أتمنى أن يحدث له ولا لمحمود شعبان أى مكروه جراء فتاويهم تبعا لايمانى المطلق بحرية الرأى والتعبير ، وأيضا لأننى أرى فى وجود مثل هؤلاء فائدة جمة قد تختصر على وعلى من يعرفون الكثير عن حقيقة الاسلام ويحاولون إيصال هذه المعرفة إلى غيرهم الكثير من الوقت والجهد !!
كثيرا ما أشعر بالشفقة على هؤلاء الذين رقصوا على السلم وهم يحاربون ما سموه بالتطرف الدينى منطلقين من أرضية إسلامية ، شعورى بالشفقة عليهم يرجع إلى أننى أرى أراهم ضعفاء جدا لدرجة أنهم لا يستطيعون الإعلان المطلق عن رفضهم لدينهم على حقيقته بكل ما فيه من منفرات لذوى النفوس الغير مريضة ، ويقيمون وزنا للمجتمع الذى سيزدريهم ويحتقرهم إن تجردوا من هذا الانتماء الوراثى ، وفى نفس الوقت لا يستطيعون أن يستسيغوا ويهضموا ما ورد فى كتب التراث التى هى أصل هذا الدين ، فألفوا كذبة دعوها بـ”التطرف الإسلامى ” وضموا اليها جميع من يؤمنون بالتراث الاسلامى ويطبقونه أو يسعون إلى تطبيقه ، وفى نفس الوقت أتوا بدين جديد سموه ” الإسلام المعتدل ” هو فى الحقيقة نسخة معدلة ومنقحة من الإسلام ، خالية من المنفرات والعنف والهمجية – بالمفهوم المعاصر – ومتوافقة الى حد كبير مع المعايير العصرية ، المدهش فى الامر أنهم لم يكتفوا بالإستيلاء على إسم ” الإسلام ” وإطلاقه على دينهم الجديد ، بل عمدوا إلى مهاجمة أصحاب النسخة الأصلية القديمة متهمينهم بتشويه الدين وأنهم نسبوا اليه ما ليس فيه !!
تعليق واحد على “محمد” هو داعية العنف .. وليس محمود شعبان !!
اللهم صل وسلم عليه ماذكره الذاكرون وغفل عن ذكره الغافلون