خرج المارد من القمقم بصوره أذهلت الجميع , حتى من ظن أنه يصنع الحدث , هتف دعاة التنوير بما يجرى على لسانهم وما يؤرق منامهم ,, حرية ,, وردد الغوغاء خلفهم ليس اقتناعا بقدر ما كان اتباعا ولا استيعابا بقدر ما كان انتفاضا ثم انقض الظلاميون وتكثفت الغيامة طبقات على العقول عازلة وللقلوب فاصله , حكم السيف على الصاروخ وانتصر الزيت على الفكره .. مؤقتا , لم مؤقتا والظلام حاكم ؟!!

لأن هذه هى الطبيعه المصرية , طبيعة أن يكون شعبا متحرشا بطبعه , يعشق الحرية بكل أنواعها,  نعم بكل أنواعها وإلى أقاصى امتداداتها ولا عجب فى ذلك , فالعجب كل العجب فيمن اقتنع بالغمامه لشعب ابتكر لمخالفة الدين حجه فقال “ساعه لقلبك وساعه لربك” لشعب يرى “البيره” حرام إلا فى الأفراح فهى “حاجات بتعلى جو الفرح” لشعب يؤمن بالحريه المطلقه وفى البدايه أود تسجيل اعتراضى على وضع أى صفه تلى كلمة حريه , مثل ما نسمع من خراء الكلام عن “حريه مقيده \ مشروطه \ مقننه \ وإلى آخره مما يقيد كلمة لا تحتمل أدنى قيد أو مما يوسع معنى هو أوسع مما قد يأتى لذهنك ككلمة حريه مطلقه \ تامه \ بلا قيود” فالحريه هى نفسها ومعناها بلا قيد أو وصف تعنى ما يحدث وما تفعل دون أن تلتزم بمعنى , فمفهوم الحريه كما أرى هى قدرة أى إنسان أيا كان على فعل أى شىء وقتما يريد وأينما يريد دون وصاية من أحد طالما لم يتخط حدود نفسه وحتى أقطع بما أقصد أقول إن مفهومى عن الحرية لا يرى غضاضه فى أن تعرى إحداهن نفسها تماما فى قلب الطريق فهى مسئولة عما تفعل وهى حره وفى نفس الوقت يرى فى محاولة لمس جسدها وهى عاريه فى الطريق دون رغبتها جريمه وجب لها عقاب .. وفى الأغلب ستجد هذا متوافقا تماما مع ما ترى لو أجرينا بعض التعديلات على المشهد السابق ليصبح بصوره ذكوريه أكثر … لا يهم . الحريه فى المجتمع المصرى تختلف قليلا فى الشكل عن مفهوم الحريه “المطلقه” لكنهما فى الجوهر واحد , لكن عليك أن تتذكر من الآن أن ذكرى لكلمة حريه تعنى الحريه المطلقه كما تفهمها وكما عرفتها آنفا , المجتمع المصرى هو مجتمع يكبت أبناءه فلا يحدثهم عن الجنس ويكبت بناته فيفرض عليهن نمطا معينا من الملابس – تمردت عليه الشريحه الأكبر من الفتيات – بصوره تجعلك تظن أن كلهن واحده , المجتمع حصر النساء فى دور ست البيت والرجال فى دور دكتاتور الأسره والمتحكم الأكبر أو بصوره أخرى يكون الأب هو الحاكم بأمر الله فى أسرته التى لولا رأى الرسول حرمة السجود لغير الله لكان أمر النساء بالسجود لأزواجهن لكنه وبلا شك أمرهن بالخنوع لهم وبهذه الصوره يجب أن تكون الأسره المثاليه فى المجتمع المصرى , لكن ماذا عن الحقيقه ؟ لنستعرض بعض الأمثله ..

فى أى تجمع تؤول السلطه \ القوه \ النفوذ لرأس المال أو القوه الجسديه ولأن الأسره تتكون من كائنات غير متكافئة فخيار القوه الجسديه يصب غالبا فى صالح الرجل لكن نفوذ المال له بريق وتأثير وهنا برزت المرأه, فمع إحصائية بسيطه تجد أن نسبة مساهمة المرأه فى النشاط الاقتصادى لعام 2011 بلغت 23 % بالاضافه إلى أن معدل بطالة المرأه لنفس العام بلغ 22 % ولو نظرت لنسبة المشتغلين بالقطاع غير الرسمى ستجد أن نسبة المرأه تجاوزت نسبة الرجل وهذا بالطبع يفسره لافته تعلق على أبواب جميع المحلات المعروفه فى مصر “مطلوب آنسه للعمل بالمحل” ولم تكتفِ بهذا بل اخترقت المجال السياسى فتجد قاضيه اهتزت لها جماعه ظلاميه كبرى استولت على الحكم مؤخرا فالمرأه تسلقت السلم السياسى رغم قلة الكوادر النسويه فى مصر حتى ولو اكتفت

بالمشاركه ويكفيك أن تعرف بأن نسبة المقيدات بالجداول الانتخابيه لعام 2010 تجاوز الـ 41% وهى النسبه التى أظنها ارتفعت كثيرا فى السنتين الأخيرتين, المرأه أيضا برزت فى مجال آخر وهو المجال الاعلامى فأصبحت نسبة العاملات فى قطاع التليفزيون الرسمى مثلا حوالى 53 % من العاملين فى التليفزيون وهى نسبه ضخمه بالإضافه لعدد من نجمات برامج التوكشوز واللاتى تفوقن على نظرائهن من الرجال وكل هذه المقدمات أدت فى النهايه إلى أن تكون نسبة المعيلات فى مصر لسنة 2010 حوالى 16 % وفى بعض الإحصائيات تصل النسبة لحوالى 35 % لعام 2011 , وحالات الطلاق فى سنة 2010 مثلا وصلت لحوالى150 ألف حاله وحالات الخلع اقتربت من الأربعة آلاف لنفس العام ,إذا فصورة الرجل الحاكم فى أسرته بأمر الله قد انهارت فانهارت نظرية السجود للرجل تحت وطأة نفوذ المال والعمل , وهنا لم أقصد مناقشة قضية وضع المرأه قدر ما قصدت مناقشة قضية يلح عليها الظلاميون كثيرا وهى عمل المرأه ويكفى أن تكتب على يوتيوب رأى الشيوخ فى عمل المرأه لتستمتع بفقرة من خراء الفكر لتفهم مدى تعاكس الرؤيه الظلاميه مع مجتمع أصبح للمرأه فيه دور كبير فى رسم ليس فقط طريقة ادارة الأسره الصغيره بل طريقة ادارة البلاد بأكملها .

المحور الثانى فى الحديث سنرفع فيه سقف الحريه قليلا لنتحدث عن ملابس الفتيات “كرمز لتأصل الحريه فى العقل المصرى” وبالطبع هو المعركه الأكثر امتداداً وعنفاً فما بين فرض النقاب إلى الحجاب إلى لون معين من الملابس فلو أخذنا السلفيين كمثال تجد طريقة نسائهم فى الملابس واحده , نفس الماركه , نفس اللون وفتش عن المستفيد أما جماعة الاخوان ففى طريقهم لمحاولة الظهور بصوره أكثر وسطيه ابتكروا ما يسمى فى المجتمع المصرى بـ “الخمار” وهو ما ستجده طريقه مميزه لملابس أى إخوانيه بل ويمكنك كشف الزوج الاخوانى المتخفى عن طريق زوجته وأيضا عليك التفتيش عن المستفيد من بيع هذا “الخمار” لتفهم أصل الموضوع كما فى حالة السلفيين . لو اكتفى الظلاميون بفرض طريقة ملابسهم على أنفسهم وزوجاتهم لكانت المشكله أقل لكن مع اصرارهم على فرض استثماراتهم على المجتمع المصرى عادوا إلى سلاحهم المفضل وهو الدين فهوى أغلبية الشعب فى الفخ لكن لا زالت الروح المصريه تطفوا ولك فى تعليق عادل إمام فى فيلم مرجان أحمد مرجان خير مثال “من فوق مأنتمه مع عُدى ومن تحت مأنتمه مع عمرو دياب” فتجد الخمار الاخوانى قد استبدل بالطرحه \ التحجيبه متعددة الأشكال واللفات ثم باقى الحشو قد أُلغى تماماً ليحل محله البدى والبنطلون الجينز المخالف تماماً لما فوقه وكأن المصريين يخرجون ألسنتهم للظلاميين وهذا مجرد مثال وهو بالطبعراجع بالأساس لتغير دور المرأه داخل المجتمع والاحصائيه السالف ذكرها خير توضيح .

أعرف الآن أن السؤال الذى يغرق ذهنك ويؤرق عليك مضجعك بل يثير غضبك وحنقك على كاتب هذه السطور “وهو انته فاكر يعنى مصر زى السويد , وان البنات ماشيه قالعه فى الشارع وان المجتمع متفكك , دنتا وأمثالك بس اللى فاهمين كدا احنا مجتمع متدين وعمره ما هتدخله الرذيله زى منتوا عايزين” وحتى لا تتمادى في غضبك على لم أكتب ما جال بذهنك من كافة أنواع السباب وحتى تفهم ما أقصد سأعرف لك الحريه كما هى موجوده فى المجتمع المصرى وأكرر كما هى موجوده وأترك لك الحكم , فلو تدبرت قليلا وخرجت من قفصك الصغير ستجد أن مفهوم الحريه فى المجتمع المصرى هو أحقية أى انسان فى فعل أى شىء ما دام فى ال

خفاء , فكل ما هو فى الخفاء مباح وأى شىء فى العلن مرفوض .

هذا الأب قوى الشخصيه لا يستطيع الوقوف أمام رغبة زوجته فى ان ترتدى ابنته ما تريد من الملابس “عشان تعرف تصطاد واحد ابن ناس” , تصاحب هذه المرأه ابنتها وتدارى على كل علاقاتها الشبابيه على أمل أن تظفر يوما بابن الحلال , لن يمنع الزوج زوجته من أن تخرج كاملة التبرج إلى عملها الذى يدر عليه دخلاً جيداً فى نهاية الشهر , لن يمانع الأب أن يرتكب ابنه مجمل الخطايا ما دام لم يرتكبها أمامه , أخوك الأكبر سيسمح لك بـ “شقط” إحداهن فى سيارته ما دام سيشاركك بشرط عدم افتضاح الأمر ويدعم ذلك من التراث المصرى مئات الأمثال مما هى على شاكلة ” اللى ستره رب ما يفضحوش عبد” , “اللى يعمل ما يقولش” وغيرها ..
هل سمعت عن الشذوذ فى مصر؟

حان الوقت لأزيل الغشاوه عن وجهك , فالمثليه الجنسيه منتشره وبشده فى المجتمع المصرى بعيداً عن محاولات الإنكار الفجة, لتعد بذكراك إلى مرحلة أواخر الابتدائيه وأوائل الاعداديه وهى تلك المرحله التى يمارس فيها الأغلبيه من شباب هذه المرحله مثل تلك الممارسات , ربما تكون أحدهم , ربما تكون مارست فعل التحرش مع أحدهم , وربما لم تمارس هذا الفعل فى تلك المرحله وتكون من القله القليله الباقيه التى كانت تعيش فى وسط الفتيات فتكبر لتصبح أنت هذا الشاب المشقوط المعروف فى الحاره \ الشارع \ البلد وهذا النوع معروف وبشده فى الأنحاء , تستطيع أن تستخرج على الأقل ثلاثة أسماء لشباب تعرفهم ومن دوائرك شبه الصغيره , تستطيع أن تعرف قوانينهم “اللى يجيب فلان مينفعش يروح يجيب علان وإلا فلان يزعل , هو انته طلبت منه حاجه ومعملهاش” , ستجد الكل يعرف بأمرهم لكن لا أحد يتحدث عنهم فى العامه , يتحدثون عنهم فى دوائرهم الصغيره وفى الأغلب ممن شقطوهم يوما ما أو من يرغب فى ذلك فى المستقبل , لن تستطيع أن تنكر وجودهم يا صديقى , بل لن تستطيع أن تنكر استقبال المجتمع لهم وعدم انكاره إياهم , وتعاقب الأجيال عليهم , أين ذهب الشعب المتدين بطبعه فى تلك الحاله , لو حاولت أن تفتح مثل هذا الحديث مع من حولك من الناس , لو حاولت الحديث عن عقاب يُنزل بهم ستجد نظرات الاستهجان والاستغراب وربما تصادفك أول ما يصادفك جملة “اللى ستره رب” وبعد ما تغادر الجلسه يملؤك الغضب سيتردد الحديث عن رفض أحدهم لك ومحاولتك للانتقام , المثليه الجنسيه سلوك لن أبالغ إذا قلت أنه مرحب به فى المجتمع المصرى .

بحكم كونى رجلاً,فإن المثليه لدى الإناث هى سلوك شبه مجهول بالنسبه لى , لكن بعض الدردشه مع إحدى صديقاتك المقربات ستكشف لك حتما عن تلك الفتاه صاحبة النظرات الملتويه , الأحضان الطويله وغيرها من الأشياء التى تبقى دائما داخل المجتمع النسوى لا تغادره مطلقاً ولا يعلم به أى ممن ينتمى لجنس الذكور , لا زالت المثليه لدى الفتيات تحت التعتيم , وربما تخرج بصوره أقوى للنور , فلو كان انتشارها هكذا بين الذكور لابد وأن تحظى بنسبه مشابهه أو أقل قليلا لدى النساء , لكن ليس وكأنها شبه غير موجوده تماماً هكذا ..
المجتمع المصرى هو مجتمع الليل , تتعايش فيه الحريه على الإنكار خصوصا فى حالات الفتيات أما فى حالات الذكور فالانكار أقل قوه , المجتمع المصرى لا يمت لأفكار الظلاميين بصله , لكن صفات الغوغاء تتمثل فيه , ثقافة الصوت العالى , العوده للماضى وما يظن أنها قيمه , فتجد نفسك تعود للماضى حتى تصل لحياة الرسول ظنا أن فى هذا خلاصك وخلاص المجتمع , الخلاص بدفن رؤوسنا فى الرمال وكأن ما اكسبه إيانا تاريخ طويل مضىء هو رجس من عمل الشيطان وهى النظره التى لو تفشت لصرنا فريسه للظلاميين ومعركة التحرش\الاغتصاب الجماعى هى مجرد جرس انذار ..

هذا وقت المقاومه لا التراجع , الصمود لا الجمود , ممارسة الحريه دون خوف فلو وقر الخوف فى القلوب لن نجد بلدنا هذا بعد بضع سنين.