القسم الأول*
قليلة هي الدولة ذات قومية و دين ومذهب واحد، كانت بالأمس اليابان البلد الوحيد الذي كانت ذات شعب واحد و قوم واحد، ومما فقد هذا الصفة بعد توسع العولمة وعبور الأقتصاد حدود الدولية.
أكثر الدول ذات متعدد القوميات أو كما يسمى بمصطلح الأقليات، اي شعبٌ أكثر من غيره في حدود و نظام واحد معترف بها دولياً، تقع في القارة الأسيوية أكثر الدول متعددة القوميات و الطوائف وأبرزها الهند، و كثيرة هي الدول لايسعنا ذكرها واحدة تلو الأخرى، لكن سنركز على عنوان المقالة وهو “كوردستان وصراع الأقليات”، الذي هو نتاج بحث اجراه كاتب مقال لمدة سنتين مع طوائف والأقليات و المذاهب الدينية المتعددة في العراق وبالذات في شمالهِ اي كوردستان.
كلمة ” الأقلية “، هي كلمة سيئة السمعة و المعني في العراق وخاصة بين مكونات الشعب العراقي، و يحسس المقابل بأنهِ معاق و ليس مختلف، وإن نطقت بها في خطاباتك العامة أو أدرجتهِ في مقالاتك أو عَرفت شخص أو فئة بقصدٍ أو بدونها، فستدخل ضمن خانة ” العنصري”، او “المتطرف” بدون أن تكون كذلك.
الكورد أبدوا حساسية على هذهِ الكلمة المضطهدة، و تركوها و محوها في ذاكرتهم، و وصف “الأكراد” [ مع تحفظ على كلمة ونصف أنفسنا بكورد وليس الأكراد]، بأقلية و تقليل من شأنهم وتاريخهم و ثقافتهم مما ادى الى ظهور ثقافة معادية للكلمة الأقلية و استغنى عنهُ و اورد بدلها كلمة الأطياف أو مكون آخر ضمن مكونات الشعب العراقي.
يتراوح جغرافيا كوردستان حوالي أكثر من 80,000 الف كيلومتر مربع وتعيش على مناطق شمالية شرقية للدولة العراقية، الذي تأسس عام 1921 بشكل رسمي وأعترف بها بعد ثلاث سنوات، و أستثناء الكورد يعيش كل من العرب و التركمان والأشوريون و الكلدان و يسمون أنفسهم بـ سريان الكلدو أشوريون أي مكون من ثلاث قوميات ذات لغة واحدة و دينٌ واحد وهي المسيحية، وغيرهم من التركمان و الأرمن الذين اصبحوا مواطني العراق و حصلوا على جنسيتهِ و اصبحوا جزء من الوطن الكبير وهو العراق.
يعيش أكثر القوميات أو الأطياف الأخرى على أرض كوردستان وجزء قليل منهم ضمن الحدود العراقية العربية حسب الدستور العراقي.
بعد حصول الأنتفاضة في ربيع عام 1991، و حصول الكورد على حكم ذاتي مستقل و إدارة المناطق خارج السلطة العراقية [ 1968 -2003]، بدءت تظهر حركات و أحزاب سياسية شبه خارج القومية الككوردية وبالذات التركمانية تطالب بضمان حقوق التركمان وتأسيس أقليم على شاكلة أقليم الكوردستان، ومنهم من طالب بأكثر من ذلك وهو تقسي العراق على اساس قوميات، و منهم من طالب فقط بتأمين حقوقهم السياسية و الثقافية كمسيحين و الأعتراف بهم كمكون آخر ضمن الجغرافية المحددة للأقليم.
ظهور هذه الأحزاب و التجمعات لانقول ليس لديها تأثير كلي على نظام الأقليم أو عكس ذلك، بل كانت لها تأثيرات بين الحين والآخر، وبالذات التركمان وذلك عبر دعم الدولة التركية في الحدود الشمالية لها وتقديم كافة المساعدات المالية واللوجستية لهم، ومن باب هم جزء من الأمة التركية الكبرى.
بين الحين والآخر تظهر الأصوات تطالب بإعادة صياغة العمل السياسي في كوردستان، وطالبت بعض السياسيين التركمان بنظر الى الشعب التركماني كمون ثانٍ في الأقليم، ومن حقهم استلام بعض المناصب السيادية في المنطقة وخاصة نائب رئيس حكومة أو نائب رئيس البرلمان، وكخطوة عبر الأعتراف بهم و أعطاءهم حقوقهم الكاملة.
بَيَن أحد السياسيين التركمان لي يوماً بأن نسمة التركمان يتراوح بين 500 الى مليون ونصف مليون نسمة في الأقليم و يتعبرون أنفسهم ثانِ قومية بعد الكورد، و حسب هذه العدد الكبير عليهم استلام مناصب سيادية و فعالة وليس وزارة هامشية معينة، ومن منهم طالب بأكثر من ذلك وعبر تقسيم الأقليم على شكل الدولة اللبنانية، وذلك على الكورد الأحتفاظ برئاسة الأقليم و اعطاء إحدى المناصب الرئيسية الأخرى للتركمان كرئئاسة البرلمان أو الحكومة.
إحدى مسوؤلي في الجبهة التركمانية المكون القومي الأكثر مدافعاً عن التركمان [ حسب وجهة نظرهم]، قالوا في أحدى الحوارات عن المصير القومي للتركمان في المستقبل بين بقاءهم ضمن العراق أو كوردستان في حال حصول الأخير على أستقلالهِ من العراق؟
قالت أنهم يرفضون فكرة تأسيس الدولة الكوردية بشكل قاطع وهم ضدها جملة وتفصيلاً، وبعد تكرار السؤال أفتراضياً، لهم يكن لدها جواب معين، وتبين ايضاً بأن الجبهة ليس لها مشروع لهذهِ المسألة برمتها، في حين أجاب أحد القياديين في الأحزاب والحركات المسيحية المكون الثالث في الأقليم بدون تردد، سنقرر حسب حقوقنا و مصالحنا.
نستطيع أن نجزم وبشكل قاطع إن كل المكونات القومية و الطائفية في كوردستان ليسوا على وفاق تام فيما بينهم، ومنهم من يرى نفسهُ ضمن الأقليم الكوردي، ومنهم من يرى نفسهُ خارجها، وحتى بين القوميات المحسوبة على الكورد كإيزيديين، تارة تراهم يقولون نحن جزء من القومية الكوردية، وتارة أخرى يعلنون بأنهم شعبٌ مستقل لايمت بصلة للكورد.
خلال أجراء بحث عن الأقليات الأخرى و تعريف نفسها ضمن الهوية الوطنية الواحدة في بلد ذات جغرافية معترفة، وجدت بأن كافة المكونات ومن ضمنهم الكورد ابدء استياء باستخدام الكلمة، وحتى الكورد أنفسهم الذي يعتبر الأكثرية في الأقليم يستاؤون من الكلمة ويبررها بأن النظام السابق [ 1979-2003]، كان يستخدم الكلمة بقصدٍ التصغير و التقليل من شأن القوميات الأخرى، و اظهار ضعفهم أمام العرب أو نكون دقيقين أكثر أمام الأكثرية، لأن العرب اليوم من سمعت منهم بأنهم طائفتين بدون التركيز بأن الطائفتين السنة و الشيعة هم من القومية العربية الواحدة و لكن المذهب الدينى اختلفهم.
طرح أحد القساوسة المسيحيين مرة فكرة جميلة وأعجبني كثيراً، وقال لي في إحدى جلستاتهِ خاصة حول الموضوع الأعلاه، بأن على الكورد التفكير كثيراً، قبل تشكيل الدولة أو الحكومة أو حتى بوضع قانون حول إدارة المدينة أو الحكومة بشكل عام، بأنهم يوماً ما كانوا قومية ثانية في العراق، و ثاروا للظلم و التهميش الذي نالوه من حكومات سابقة، وعليهم البدء بمصير القوميات و المكونات الأخرى ومشاركتهم في إدارة المنطقة تقسيماً ديمقراطياً ويثبتوا للعالم بأن الفدرالية يمكن أن تنجح في الكوردستان وابعاد مخاوف الدولة التركية المتركزة على الحدود الدولية للأقليم.
هناك كثير من الدول تتبنى أنظمة و إدارة الدولة مختلبفة عن بعضها الآخر، هناك من يتبنى النظام الفدرالي، ومنها من قسم البلاد الى مجالس وبلديات وإدارات لتسهيل أمور اليومية و تقليل من الروتين الذي يغرق منها الشرق الأوسط من شرقهِ الى غربهِ.
واليوم كوردستان على أبواب كتابة دستورهِ لأول مرة في تأريخها السياسي الحديث، وحسب مراجعاتهِ لهذا الدستور لم نرى شيء يتطرق الى تقسيم الدولة الى إدارات وبلديات مصغرة ينظم حسب قانون، بل يتطرق الى حقوق كل مكون أقليم محفوظة وموصونة في الدستور.
* أعدت تقرير عن المكونات و القوميات في كوردستان العراق و علاقتها فيما بينها ضمن الجغرافية الكوردستانية و مستقبلها لو أستقلت كوردستان بكافة حدودها الجغرافية من الدولة العراقية، وآلية معالجة مشاكلها الأقتصادية مع القوميات و الطوائف الأخرى غير الكوردية.
لم ينشر التقرير لحد الآن لعدم تكملتهِ لليوم، ومن هنا أنشر بعض ما يورد من هذا التقرير وذلك للأستفادة من معلومات أكثر من الأشخاص الآخرين.
……………يتبع
3 تعليقات على كوردستان وصراع الأقليات 1
طرح رائع يا أستاذ كرزان، شكرًا لاهتمامك بنشر نتائج بحثك هنا، وبانتظار باقي الأجزاء.
بالفعل، الأزمة الكردية متشعّبة جدًا، أو هكذا فهمت من المقال، وآمل أن يتم ما فيه خير لكم جميعًا!
تحياتي
عندما انهزم البارزاني من العراق في الخمسينات مع افراد عصابته الى اذربيجان استقبلوا من قبلهم استقبالا حارا حيث قالوا لهم انتم اكراد ونحن اتراك اي كلنا مسلمون فاسكنوا كل عائلة في منزل خاص ولكن عندما وصل الخبر الى موسكو طلب احضارهم الى سجن موسكو حيث قالوا لهم انتم عملاء الانكليز وقاموا بتشغيل البرزاني ومن معه في تنظيف مجاري موسكو
اطلق اكراد العراق على شباب الاكراد اللذين عملو مع صدام في شمال العراق كلمة (جاه ش)وتعني جحش وحاليا ماذا نطلق على اللذين يعملون مع الاحتلال الامريكي الصهيوني في قتل العراقيين وهم يسرقون اموال العراقيين ويقتلون العراقيين بالتفجيرات وكل العراقيين يعلمون جيدا ان صانعي التفجيرات هم من المليشيات الكردية والمليشيات الشيعية التابعة لايران التي يحكمها ملالي المجوسية وان كافة المليشيات الكردية والشيعية تابعة لايران ومسيرة من قبل ايران وكل الاعمال الاجرامية تنفذ من قبل هذه المليشيات ومنذ اكثر من خمسين سنة وبالاشتراك مع الانكليز وغيرهم واصبحو تحت اشراف ايرن مباشرة بعد 2003 علما العراقيين اعني الاكثرية (سنة او شيعة عرب او تركمان واكراد ومسيحيون)بريئون من هؤلاء كلاب الوطن