“الناس على دين ملوكها” 1- طيب أردوغان…
عندما أنتخب طيب أردوغان رئيساً لوزراء تركيا، و كان قبلها عميداً لبلدية أسطنبول، سأله أحد الصحفيين: ما هي خلفيتك الإجتماعية؟ فقال: أنا من أسرة فقيرة، أمضيت طفولتي و شبابي أدرس و أساعد ابي في بيع البطيخ (الدلاع) على عربة يجرها حمار (كاراطون). و سأل ماهو شعورك و أنت تصبح رئيساً للوزراء؟ قال: “لم أتغير و لكني تطورت”.
هو شخص غاية في التواضع فعندما كان عميداً لبلدية أسطنبول و لازال، لا يمانع في حضور الدعوات الإجتماعية التي تقدم له من طرف العاملين بالبلدية و خاصة أصحاب المهن البسيطة و الفقراء في حال توافر الوقت و إلا يطلب من سكرتيره أن يبعث بتهنئة. كانت بلدية أسطنبول تعج بالفاسدين و المرتشين كما هو الحال في أغلب مؤسساتنا. خلال ولايته أصبحت أسطنبول مضرب المثل في النظافة وسرعة إتمام الإجراءات و خلال سنوات قليلة قضى على الفساد بها.
قبل أن يتولى منصب رئيس الوزراء سجنه العسكر لفترة أربعة أشهر، رافقته الى السجن 500 سيارة من المحبين و المريدين. ألقى فيهم خطبة على باب السجن ملخصها ” يارفاق… إني داخل الى السجن… و سوف أستغل وقتي في وضع الأساس الذي يرفع بلدنا تركيا الى العلى… سأفعل ما بإستطاعتي لتكون بلدنا في صفوف الدول المتقدمة… و أنتم إرجعوا الى أعمالكم… و كونوا أفضل المهندسين و أفضل الاطباء و المحامين…و سوف تمرون على مقار لأحزاب المعارضة، و مباني لمؤسسات الدولة، فلا تفسدوا و قدموا لهم الإحترام… الى لقاء قريب يا أحبائي”.
عندما تولى رئاسة الوزراء، كانت تركيا من أكثر الدول فقراً و شعبها محبطا من تعاقب الحكومات الفاسدة، حاولت لعقود و هي تستجدي أوروبا لتكون جزءًا منها وفشلت،،، عرف أردوغان أنه لابد من إعادة الثقة الى شعبه و لا بد أن يكون هو المثال الذي يحتدى … طرح مشاكل الدولة على الشعب و صارحهم بأنه لا تقدم لتركيا الا بالعمل الجاد و ترك الاتكال على الدولة… أعاد هيكلة الإقتصاد، و أغلق المصانع الفاشلة التي كانت عبئا على الدولة، قلل من الإنفاق الحكومي و قلل الضرائب على الشركات و فتح المجال أمام الصناعات الصغرى في مختلف المناطق.
أصر على محاكمة رئيس الوزراء الذي قبله لانه كان متهماً بالفساد،،، حوكم الرجل و حكمت المحكمة ببراءته،،، زاره أردوغان مهنأءً له بالبراءة… و قال له “هذا نصر لك و للعدالة التركية”.
أعاد للأمة التركية مكانتها على المستوى الدولى (موقفه من إسرائيل في منتدى دافوس و غزة)… أعاد لتركيا مجدها الإسلامي و العربي و خرج بها من التبعية للغرب (علاقات متميزة مع العرب و أسيا الوسطى و إيران). وخلال الأسابيع الماضية قدم أردوغان مذكرة الى البرلمان التركي طلب فيها منع مسلسل (حريم السلطان) من العرض لأنه “يسيْ الى سيرة أجدادنا العظماء- حسب قول أردوغان” وافق البرلمان على الطلب ومنع المسلسل.
خلال عشر سنوات، أصبحت تركيا من أفضل عشرين دولة على مستوى العالم و لا تهددها الأزمة المالية التي تعصف بأغلب دول أوروبا…
لم يكن أردوغان عالماً من علماء ناسا،،، لا يعرف عن الهندسة و الذرة شيْ،،، لم يكن خبيراً إستراتيجيا يعمل في دبي،،، أو يحل مشاكل دول الخليج المستعصية… أو انه كان مضطهداً من قبل العسكر و الحكومات السابقة (و كلنا نعرف حال أربكان الاب، و غول و أردوغان مع العسكر و الحكومات العلمانية)،،، و لكنه تخرج من معهد ديني و لا يستحي أن يقول إنه كان يبيع الدلاع على كاراطون و إستطاع القضاء على مشكلة الزبالة (الكناسة) في اسطنبول.
في لقاءات المرشحين لرئاسة الوزراء المتلفزة،،، أغلبهم كان يصر على النقاط التالية: أنا من عائلة معروفه و ميسورة و لنا أملاك من أيام المملكة (أنا نزيه ولن أسرق)، و خلال حياتي كنت معارضاً للطاغية القذافي (مايزايد على حد)، سجنت لفترة من الزمن (مناضل)، التحمت بثورة 17 من بداياتها (صك الغفران)، صودرت أملاكي (متضرر من القذافي)، كافحت حتى أنهيت دراستي بأمريكا و على حسابي (عصامي) و إشتغلت هناك في الجامعة و لي عديد البحوث و أصبحت مستشاراً بالإمارات(خبير الخبراء) – (و قد يتخذ المشهد منحى درامي – خاصة إذا كان المحاور اعلامي عاصر فترة القذافي- و يخبرك بأن امه قد توفت و هو خارج الوطن).
إنتهت حكومة الدكتور عبدالرحيم الكيب (خبير في الإمارات و يفهم في الهندسة و من أقواله المأثورة – ايها الشعب الليبي الطيب), و هذه تركته: ملفات الفساد في الصحة و الجرحى شهد بها القاصي و الداني، وزيرة الصحة (خبيرة من أيرلندا) غادرت الى أوروبا و صرحت بأن الشعب الليبي (مستشري فيه الفساد)، القضاء لم يفعًل، المصالحة لا زالت حلماً للكثيرين، و رئيس أركاننا (متقاعد من الجيش لإسباب صحية و قبضت عليه كتائب القذافي في أول مهمة كلفه بها الشهيد عبالفتاح يونس) مازال يخطط لكيفية تفعيل الجيش. و أخر تركات الدكتور المهندس الكيب: إنفاق حكومي بمبلغ 5 مليارات دينار و تحميل خزينة الدولة بمرتبات بلغت 19 مليار دينار بعد أن كانت 10 مليار في .2010
رحل الكيب ووزراءه غير مأسوف عليهم، تركنا و التضخم ينخر في مفاصل الإقتصاد، و مشاكل القمامة التي وعد بإستجلاب شركات عالمية للتخلص منها لا زالت عالقة و تزكم الأنوف… رحل و أغلبنا لا يرى أمامه فرصة للعيش إلا وظيفة في الحكومة، فالمرتبات في زيادة و المؤتمر أقر دفع علاوة العائلة.
سيدفع لنا زيدان ومن يخلفه من وزراء مرتباتنا كما نريد، و معها علاوة العائلة… هذا، مادام سعر النفط مرتفعاً… أما إذا انخفض (عرض و طلب) فليس أمامه الا أن يستعين بخبرة محافظ مصرف ليبيا المركزي ليجري عملية بواسير للدينار الليبي…جاء زيدان و استبشرنا خيراً… من أقواله “أنا لما طلعت من ليبيا ما شاورت حد… طلعت و صاكوي على ظهري… و أنا من نسق بخصوص النيتو”…
4 تعليقات على “الناس على دين ملوكها” 1- طيب أردوغان…
أنصحك بإعادة قراءة دولة إردوغان..
هذا الرجل الخاضع للغرب كلية التابع للقرار الامريكي مدمر أسس إقتصاد بلده و معرضه لخطر الانهيار الكامل هذا الذي تآمر لغزو العراق مع امكريكا 2003 و يطحن حرية التعبير ببلده بل و يتغاضى عن قضايا الفساد ضد رجال حزبه هذا الذي تحالف مع اسرائيل بشكل لم يحدث الا فقط بعهد مندريس و أربكان (لولا برود مجبر عليه بعد حادث مرمرة) هذا الاردوغان لا علاقة له بشئ يسمى نموذج أو مثال الا نموذج لصفيحة القمامة..
لعل من أكثر الرؤساء الذين أثاروا جدلا في المنطقة العربية مؤخرا هو أردوغان, ما بين متحمس شديد لسياساته وشخصيته, ورافض لاستنساخ نموذجه ونموذج “تركياه”, وهو ما يحسب في تقديري للرجل..إذ يبدو أنه قد استطاع أن يؤكد, كنا متحمسن أو رافضين له, على حضور تركيا الإقليمي…وبرغم كل ما ارتكب من من انتهاكات لا تنكر لحقوق الإنسان (بخاصة الأقلية الكردية ) وما قد يقال عن تبعيته للقوى الغربية فإنه يظل نموذجا براقا للشعوب العربية التواقة لرمز يعادي الفساد ويولّد الأمل في إحداث تغيير على خلفية هي مزيج من التنموي والحضاري الإسلامي, خاصة الآن وبعد تفشي الإحساس العام بخيبة موجة الربيع العربي…تحياتي
عزيزي عمر الحسونى…
أشكرك على المقالة الجميلة لكن، أود أن اتكلم بصراحة معك حول هذه المقالة..
في بداية المقال تتطرق الى شخصية رجب طيب أردوغان، رئيس وزراء التركي، وفي نصف الثاني من المقالة تتطرق الى حالة الليبية اذا وصفناها بـ (المزرية) قد أكون على صواب.
انا لااتكلم عن القسم الثاني من المقالة بل الجزء الأول، ماذا تعرف عن تواضع اردوغان؟، هل قتل 30 مدنياً سهواً وعدم الأعتراف بجريمة تسمى التواضع؟، وغيرها من جرائم لانستطيع ذكرها قد يدوم شهور
اردوغان من منفذي سياسة خيروالله كولن، الذي صرح على الأسلاميين دخول الى جسم الدولة التركية بكل هدوء وخلف الكواليس.
رفع الشأن التركي عالمياً او أقليمياً لايرجع الى عشرة سنوات الماضية من حكم حزب العدالة والتنمية، بل اقدم من ذلك ارجوا منك قرأءة كتاب (العمق الأستراتيجي) لأحمد داود أوغلو وزير خارجية حكومة اردوغان.
تركيا منذ وسط التسعينات دارت ظهرها للأتحاد الأوروبي وذلك لمعرفتها بطاقة دخولها للأتحاد حل المشلكة الكوردية في بلدها، واتجهت نحو مكة ( وصف للدولة الأسلامية) ولعبت على مشاعر المسلمين و اذا صادق جداً حول قضية الفلسطينية والعربية لماذا لايقطع اتصالاته كاملاَ مع تل أبيب ام ان هذا شيء وتجارة شيء آخر؟.
تركيا تعيش على فتات الأزمات والربيع العربي ماهي الأ بطاقة ذهبية لتركيا وتريد استغلالها و الرجوع الى زمن الأمبراطورية العثمانية الحديثة.
على أي تواضع تتكلم بعد أكثر من عقد من حكمه كرئيس الوزراء واليوم ينظر الى رئاسة الجمهورية؟ سبحان الله من هذا التواضع لكي يضع تركيا في يد أمينة من اسلاميين.
تركيا اليوم نفسها كما كانت قبل عشرة وعشرون عاماً سيكون كذلك حتى بعد عقدين من الآن.. ليكون معلوماً تركيا اليوم تقتل خلف الأبواب الموصدة وخلف حدودها السياسية والجغرافية، الى يومنا هذا هل اعترف اردوغان المتواضع بحق السجناء الذين اضربوا عن طعام لمدة 68 يوماً الم يقول لايوجد شيء كهذا في سجوننا ومن كانوا في سجون اليس تركيا أكبر معتقل للصحفيين في العالم؟
ارجوا اعادة صياغة المقالة فنحن أقرب اليكم من تركيا ولدينا حدود وتاريخ مشترك من العنف والسلم وحتى اليوم تعيش أنقرا على أقتصاد أقليم كوردستان النامي امام مصالح التركية
ودمت بخير وتمنياتي لك بالصحة
(محمود، سلمى، كرزان… تحية طيبة و بعد،،، شكراً لمساهماتكم القيمة و التي تشرفت و سعدت بقراءتها و أعتبرها إضافات قيمة الى مقالي السابق…) لقد حاولت الرد من خلال مقالة أخرى لتوضيح المقصود من هذه المقالة…و شكراً خاص لك أخي الكردي كرزان لتوجيهي للكتاب المذكور، و أنا من المقتنعين و الداعين الى قيام دولة كردية مستقلة منذ دراستي في بريطاني و لي عديد الأصدقاء في الجالية… صبراً أل كردستان فإن موعدكم دولة مستقلة برئاسة العم عبدالله أوجلان…