كنت في المدينة المنورة وذات ليلة كنت في كارفور وحين انتهيت من شراء بعض الأشياء وقفت لانتظار تاكسي ليقوم بتوصيلي وعندما ركبت بدأ الحوار مع السائق الذي يبدو سعوديا من لهجته وزييه ولم اتعجب ! , فهناك الكثير بل الآلاف من السعوديين يعملون كسائقي سيارات أجرة ليس غريبا ولكن الغريب هو أن هذا الشاب الذي عمره 24 عاما الذي ولد علي أرض المملكة وعاش فيها طيلة عمره ولم يخرج منها أبدا كان أفغانيا .
نعم أفغانستان التي لها تاريخ طويل من الحروب الأهلية والخارجية منذ رحيل السوفييت عنها عام 1989 م…
بدأ الكلام مع هذا الشاب السعودي “مع ايقاف التنفيذ” حيث سألني أين تعمل وبدأنا في الحديث حتى توصلنا للنقطة الجدلية التي أوصلتني أن أطلب منه أن يهدئ السيارة حتى نستوسع في الحديث من الوقت قبل وصولي الي البيت ومن هنا بدأ هذا السعودي بفتح قاموس من المعلومات التي لا أعلمها ولا يعلمها الكثير , أحد هذه المعلومات هو أن عدد هؤلاء الذين ولدوا علي أرض هذه البلد ولم يخرجوا منها ويعتبرونها وطنهم وهي تعتبرهم عنها أجانب بموجب القانون ليس فقط في التفريط في حقوقهم بل في التعامل معهم وكأنهم جاؤوا بعقد عمل أو فيزا كأي أجنبي جاء ليقوم بالكسب لعدة أعوام ويعود إلى وطنه الأصلي .
ومن هنا سألته سؤالاً
ماذا لو قمت بالاعتداء عليك الأن تحت أي سبب أو بدون سبب ؟
قال لن أذهب إلى الشرطة مهما حدث لأن أي منّا يذهب للشرطة شاكيا أو مشكو فيه يتعنتوا في التعامل معه وربما يقوموا بترحيله
هذا الشاب فاجئني بأن هؤلاء من جنسيات عديدة وكلهم لا يوجد لهم في بلدهم الاخر بيت أو أهل ولا حتى يتحدثون لغتهم فمن يتم ترحيله يفضل الموت ولا أن يذهب إلى بلد لم يذهب اليها من قبل ولا يتحدث لغتها ولا أهل له فيها ومن هنا بدأت أبحث واسأل لأقابل بعض من هؤلاء وقابلت جنسيات مختلفة عجائز وشباب سعوديين غير معترف بهم يعشقون البلد ويحبون وطنهم الذي لا يعترف بهم
سُردت لي حكايات كثيرة لا أعلم مدى مصدقياتها ولكن سأحكى حكاية هي أخر حكاية سُردت لي قبل مغادرتي المدينة المنورة
كان هناك سعودي معترف به وسعودي غير معترف به أصدقاء وكانوا يبلغون من العمر ما يؤهلهم لأن يكونوا ناضجين واعيين وذات يوم اصتدمت سيارة السعودي المعترف به فأعطى المفتاح لصديقه السعودي الغير معترف به مفاتيح السيارة ليقوم بتصليحها وصعد منزله ليرتاح ومن هنا استيقظ أبو السعودي المعترف به في اليوم التالي فوجد ابنه نائما والسيارة غير موجودة أمام المنزل ومنها قام بتبليغ الدوريات
وبدأت المغامرة
قامت الدوريات باصطياد هذا السعودي الغير معترف به الغير مرغوب فيه الغير متخفي في اسرع وقت وبدون اي معاناة في ذلك قبل أن يستيقظ السعودي المعترف به من النوم , ومن هنا قامت الدوريات بالاتصال بمقدم البلاغ ليحضر في الشرطة ليتسلم السيارة فذهب ليبشر ابنه بأن السيارة تم ايجادها , فقال الولد لأبيه أنه أعطى المفاتيح لصديقه وانه لم يسرقها هذا باختصار
ومن ثم ذهبوا للشرطة ليتنازلوا عن البلاغ ويوضحوا سوء الفهم الذي حدث
الاغرب ان الشرطة لم تعتبر هذا تنازلا وقامت بترحيل هذا الولد الي افغانستان
قام أهل هذا السعودي الغير معترف به بارسال خطاب الي شخصية مهمة في البلد اعتقد أنه أمير أو وزير ربما لتوضيح المشكلة واثبات أن هذا الولد ولد في السعودية منذ 30 عاما وعائلته هنا وأولاده وزوجته وماله ولا يوجد له أي أهل أو بيت هناك
هنا الاشد غرابة
قامت الحكومة بترحيل أهله جميعا له تحت شعار حتى لا يصبح الشاب وحيدا
…………..
رجاءا امنحوا من وُلد علي أرضكم وعاش فيها الجنسية فهؤلاء يحبون الوطن
تحياتي
تعليق واحد على مواطنون مع ايقاف التنفيذ
قصة مزعجة تستدعي إلى الأذهان قصص البدون في الكويت والأكراد من غير ذوي الأوراق الثبوتية في سوريا..يبدو أنه مازالت المسافة بين الدول العربية وبين حقوق المواطنة الكامل والمساواة أمام القانون طويلة…لكنها جديرة بأن تسار…تحياتي