يطل علينا رئيس الجمهورية من حين لأخر بخطاباته الرنانة التى ينتظرها الشعب المصرى فى شغف وترقب ، يستخدم فيها لغة تراثية ، ولكنها قريبة من القلوب ، بصوتِ حنون ودبلوماسية ناعمة ، وكاريزما تُجبر البعض على قبولها ، وشفافيه مليئة بالصدق والعفوية ، رافعاً صوته الجهور فى الجمل التى تتعلق بالإنجازات والتقدم ، متبادلاً التحايا بعد إقناع البعض بأن كل شئ على ما يرام .
يعطى رسالة للمواطن المصرى أن أهم أولوياته فى الفترة الحالية والمقبلة هو ” الملف الإقتصادى ” ، وأن لديه مشروعات ستُوتى ثمارها خلال الفترة المقبلة ، كما أن “الملف الأمنى ” غاية فى الطمأنينة ، وأن قطار التقدم أدرك ضوء الشمس ، وعلى مقربة من تعانقه مع كل الأحلام ، ينحنى هامساً ، إنه لولا الأيادى الخفية التى تعبث بأمن الوطن ؛ والتى تحول ما بين التقدم والرقى و” مشروع النهضة ” والإزدهار ، لولاها لكنَا فى مصاف الدول المتقدمه … يؤكد على مستمعيه بالأرقام ؛ بأن كل شى فى آخر ستة أشهر تقدم بشكل كبير عن السنة الماضية ، يُخبر كل من ينصت اليه بأنه ليس هناك ” إفلاس ” ، وأن مصر لن تركع أبداً .
المواطن المصرى يجد نفسه وبشكل لا إرادى يقوم بالتكبير ” الله أكبر ، ربنا يخليك لينا يا ريس ” ، وما أن ينتهى الرئيس من حلو كلامه ورسالاته المملؤة بالطمأنينة ، إلا ويجد المواطن نفسه مليئاً بشعور طيب يحمل الأمانى والطمأنينة ، وأن مصر ستتقدم على غيرها من البلدان خلال الشهور المقبلة ، فيستريح القلب ، وتمنى النفس … وتبتسم !
يخرج المواطن المصرى بعد سماع خطاب الرئيس الى الشارع ، فيجد التناقضات الغريبة ، وكأنه كان قد إرتدى نظارة سوداء حين خطب به رئيس الجمهورية ، فقد أثلجت كلماته المعسولات الصدر ، وبمجرد أن يخلع المواطن تلك النظارة السوداء ، فيجد الشوارع لا تزال مزدحمة ، والأرصفة لازال يملأُها الشحاذين ، الأطفال مازالوا يتسولون فى الإشارات بعلب المناديل ، أمام بوابات المستشفيات يجد الكثيرين ممكن لا يجدون علاجاً ولا راحه ، البائعون يرفعون الأسعار دون أى رقابة من أى نوع ، العملية التعليمية قمة التحضر والرقى ،والطلاب لا يعرفون حتى كتابة أسمائهم ، حتى نسوا هويتهم المصرية ، يرى الشباب الذى لا يمتلك سكنأً ولا مأوى ولا حتى يجد قبراً يدفن فيه بعد موته ، حتى الفول والطعمية لم يعد فى مقدور الموظف ولا البسطاء ، يرى بعينيه العديد من الأمراض الناتجة عن التلوث كالفشل الكلوى والكبد الوبائى والسرطان .
نسبة تشرد الأطفال وتسول الكبار والصغار أصبحت ظاهرة منتشرة جدا فى شوارع المدن الكبرى ، تجد كل شئ يعلوه الغبار وتسمع كل التصريحات التى تؤكد أن الإقتصاد المصرى يتراجع ولا خطوة للتقدم . ساعتها !!! تجد أن خطاب الرئيس قد كان مجرد مجموعة شعارات إنشائية ووعود فضفاضة ، لا تقدم ولا تؤخر فى مواجه الأزمات الإقتصادية والسياسية والإجتماعية التى مازالت تواجه المجتمع المصرى ، ولا زالت آثارها باقية فى شكل التردى فى الإستثمار والنشاط الإقتصادى ، فتعود مستاءاً ولسان حالك يقول ” مصر فى عيون الرئيس ترتدى نظارة سوداء ” !!
تعليق واحد على أم الدنيا والنظارة السوداء
عذرًا عزيزي علي، ولكن من يرتدي هذه النظارة السودا أثناء خطابات مرسي مؤكد وأنه يرتديها دائمًا. قد لا يكون عاجزًا بالمفهوم التقليدي، ولكن عقله هو العاجز! فكم من عاجز عن البصر، ولكنه قادرًا على التفكير، وكم من هم عكس ذلك!