كم هو مضحك أن تفتح صفحات التاريخ فتجد التشابه الغريب فالشعوب تكرر نفسها بحكم التغيير الانساني الواحد بكل مكان فالبشر لا يتغيرون إلا بتغير الظروف المحيطة فإذا ما تغيرت الظروف تغيرت النتائج أما لو توحدت الظروف فتتوحد الناتئج فيما يمكن تعريفه بنظرية الدومينو فلو حدثت واقعة بمنطقة معينة ثم تكررت الظروف المؤدية لها بمكان آخر له نفس الظروف تحدث دوماً نفس النتائج..

* مؤخراً تحدث الاستاذ هيكل عن حرق الرايشستاج الالماني فهطلت أمطار المقارنات -!- و باتت الجملة تتكرر مع ان المقارنة شكلية كليةً فأنت لا تستطيع أن تقارن ظرف المانيا المرتبكة التي عانت الكثير جراء الحرب العالمية الاولى ثم أنتجت وضع سياسي معقد و نظام متهالك ولد النازية مع مصر بظرفها الحالي ، النموذج الاهم و الاقرب هو يلستين و البيت الابيض قلب روسيا في عهدها الجمهوري الجديد و ما حدث فيه ، يمكنني القول أن هذا هو النموذج الأقرب لنا إقتصادياً و سياسياً و إن كنت أتمنى أن أكون مخطئ.

* في عام 1991 و مع تولي يلستن رئاسة روسيا في يونيو ثم زوال الاتحاد بديسمبر عام 1991 منح البرلمان الروسي (المنتخب بعهد غورباتشوف) صلاحيات واسعة لبوريس يلستين تحت شعار الفترة الانتقالية و منحه هذا دور كبير و نفوذ أكبر في الدولة عبر الدستور و كان البرلمان قد مرر الامر لظروف الانتقال الديموقراطي ، مع عام 1993 كانت البلاد تتداعى إقتصادياص و الامن منعدم و الفساد زائد و الاستثمارات لم تأتِ أي أن بوريس فشل ، طلب بوريس يلستين من البرلمان الموافقة على تعديلات جديدة تمد صلاحياته لكن البرلمان رفض فالاتفاق كان أن تكون صلاحيات مؤقتة فقط.

* إندلع الصراع بين بوريس و البرلمان برئاسة رسلان حسبلاتوف رئيس البرلمان الذي سبق و تحالف مع يلستين و قاده للحكم و كل طرف مصر ان الاخر يريد تعطيل الانتاج و الانفراد بالبلاد ، قام يلتسين بإعلان غريب في 21 سبتمبر 1993 بحل البرلمان مع أنه لا حق له بحله ، بالتالي إجتمع البرلمان في 23 بأقل من النصاب اللازم و قرر عزل يلستين ، هبط عشرات الآلاف للشارع مؤيدين البرلمان و منددين بقرارات الرئيس الباطلة ، ببساطة قام الرئيس بدفع امواج من الشرطة التي تمقت المواطنين الذين أزالوا هيبتها السوفيتية القديمة و مع هذا فشلوا في حصارهم لدرجة إقتحامهم مبنى الاذاعة و التليفزيون الوطنيين و إصرار المتظاهرين على عزل يلستين ، جن جنون يلستين و أمر الجيش (بعد الضوء الاخضر الامريكي) بحصار كل ما يسيطر عليه الشعب و قام الجيش بضرب البيت الابيض بالقذائف في مشهد مروع حيث بات بيت القانون يضرب بالدبابات و دفع الرئيس القوات الخاصة المدربة لإقتحام البيت الابيض و إعتقل البرلمانيين -!!- لتنتهي الازمة بالدبابات التي أعلنت إنحيازها للشرعية !!

* قام يلستين بإعلان إستفتاء على ما يريده من قرارات و دعا للموافقة بنعم في سبيل الاستقرار و الازدهار و الانتاج ليتم الامر بتزوير فج دفع النتيجة الى 58% لنعم ليمرر بعدها برلمان مزور ملئ بالفساد و تستمر السلسلة السياسية الاقتصادية المتبنة لنصائح البنك الدولي المدعومة امريكياً لدرجة شبة الانهيار و الهرولة من الشيشان حتى سلم يلستين السلطة لبوتين الذي كان يتميز غيظاً مما وصلت اليه البلاد ، أي أن الامر كان كالتالي:
-1- ظروف طارئ بتغير نظام يؤدي لصلاحيات (مؤقتة) كبيرة للرئيس.
-2- محاولة الرئيس دسترة الصلاحيات و رفض البرلمان.                                                                                                                                                                 -3- تداعي سياسي و إقتصادي كبيرين مع محاولة الحاكم لتشديد قبضته مع فشله.
-4- صدام بين الشعب و المستبد يؤيده الجيش و يؤدي لاستفتاء مزور و انتخابات مزورة.

*الآن ما رأيكم؟
-الاخ مرسي أتى بظرف طارئ و حالة طارئة بصلاحيات كبرى عززها (مؤقتاً) بإعلانه.
-الاخ مرسي تصادم مع الدستورية العليا فأرسل بلطجية مرشده ليحاصروها و تصادم في كل مكان في حرب شوارع مع الثوار.
-الاخ مرسي مرر إستفتاء مزور لصالح دسترة الاعلان المؤقت بشكل غير مباشر بحيث باتت البلاد نظرياً في جيبه.
- الاخ مرسي قرر باطلا اعادة البرلمان و حين فشل حول الصلاحيات التشريعية لمجلس الشوري المنعدم المشروعية ذي 6% إنتخاب من المواطنين.

* في ظني أن تنموذج يلستين هو الاقرب إلينا إذ يحوز الامر نفس الاخوة عاصري الليمون و الصلاحيات المؤقتة و التصادم المستمر و الفسادين السياسي و الاقتصادي و النتائج الصدامية ، إن مرسي بجماعته يسيرون لنفس منحدر بوريس يلستين و أخشى أن النتيجة مزيد من الانحدار لصعوبة خروج الاخوة من الحكم لأسباب إقليمية و محلية ، إن الاخ مرسي يسير بنا و بنفسه و بجماعته و بشاطره (الكاوتش الاصلي مرسي مجرد استبن) و بسيده المرشد إلى هاوية البيت الابيض الروسي.