- الشرطة العسكرية
قالت إحداهنّ أثناء أحداث أمس أن الشعب المصري أسقط نظام مبارك وبصدد إسقاط نظام الإخوان الخرفان، ولكنه أبدًا لم يستطع، ويبدو أنه لن يستطيع إسقاط العقلية العسكرية المصرية الخالدة التي تمتد منذ عهد عبد الناصر والضباط “الأحرار.”
تحكم هذه المدرسة مصر على مدار ستين عامًا، وأعتقد أن هذه العقود الطويلة تساعدنا على دراستها وتحليلها، خاصةً الوقوف على مفاهيمها الراسخة التي لا تفارقها أبدًا على مدار أجيالها، والتي تقع جميعها تحت وطأة جدار ثقيل مُشوّه اسمه البيروقراطية.
قد نختلف أو نتفق على شخصية حمدين صباحي، ولكن يبقى انتماؤه الذي لا غُبار عليه للمدرسة ذاتها، والتي ثُرنا عليها في 25 يناير، والتي تفسر الهزيمة بأنها ضرب الصناديق الطيارات على الأرض.
تفسير النصر عند المدرسة العسكرية الناصرية هو العبور في ذاته.
- قيادة المنطقة الشمالية العسكرية بالإسكندرية
أمّا أدوات المدرسة لتشتيت الرأي العام عن قضيةٍ ما هو إما التكتيم أو الاعتقال، وهما الأمران اللذان صارا غير مُجديان في ظل وجود وسائل إعلام اجتماعية حديثة تتعامل معها المؤسسة حتى الآن بالكثير من الريبة. الاحتمال الثالث الذي ستسلكه المؤسسة هو إشعال قضية ملتهبة أخرى وإصدار أوامر لإعلام ماسپيرو بتغطيتها. ربما هذه هي أدوات المدرسة الوحيدة التي عفا عليها الزمن. المؤسسة التي تُملي عليها عقلية متهالكة عرجاء منع التصوير بقُرب أسوار منشآتها الحيوية بينما صورها الحيّة تُبثّ على مدار الساعة على جوجل.
مفهوم التصنيع في هذه المدرسة يختلف كليًا عن مفهوم التصنيع خارج أسوارها، خاصةً إذا استعملت إحدى ثلاجات، سخانات أو بوتاجازات مصنع 360 الحربي، أو تعرّفت عن كثب على باكورة إنتاجها الحربي، الردع 2.
كل هذا على جانب، أمّا التجنيد الإلزامي الذي يستعبد شباب الخريجين لتدوير عجلة الإنتاج هو على جانب آخر تمامًا.
أثّرت هذه المدرسة وتأثرت بمؤسسات كثيرة داخليًا وخارجيًا. تبدر لي في طليعة المؤسسات الداخلية ماسپيرو ووزارة الداخلية، إلا أن إشارة مبارك الخضراء للعادلي كي يُطلق العنان لطموحاته، أبعدت الوزارة تدريجيًا عن جناح المدرسة الناصرية، وصممت لها عجلة إنتاج خاصة بها، بل وساهمت في ترسيب عداء شديد بين الرُتب الكبيرة في المؤسستين.
- جرافيتي “مفيش جدران” – المصدر هنا
أمّا خارجيًا، فقد تأثرت المدرسة الناصرية بسور الصين العظيم، سور برلين، وخط بارليف. والأخير هو نتاج مؤسسة الجار الإسرائيلي والتي تتشابه عقلية مؤسسته العسكرية كثيرًا وعقلية المؤسسة المصرية، والحاجز الأمني في الضفة الغربية هو أكبر دليل على ذلك.
پروپاجندا موجات الراديو التي صاحبت بناء السّد العالي حفرت مكانًا عتيقًا في العقلية العسكرية الناصرية، فصارت الجدران الفاصلة هي الحل السريع والآمن، بل والنهائي من وجهة النظر المؤسسة، لاحتواء أي نزاع. فإذا كان هناك حِراك شعبي في محمد محمود، ابنِ سورًا أمنيًا حول وزارة الداخلية عند كل المداخل! وهو نفس النهج الذي تنتهجه وزارة الداخلية بعد الثانية صباحًا عند مدخل المعادي الثاني.
أكثر ما حزّ في نفسي البارحة أثناء أحداث الاتحادية هو استيقاظ العقلية الناصرية من سُبات عام دام ستة أشهر، تحديدًا منذ انتخابات الرئاسة الماضية، حيث، وبحسب التلفزيون الرسمي، قرر سلاح المهندسين العسكريين بناء سور أمام نادي هليوپوليس! أبدًا لن تسقط العقلية الناصرية!
8 تعليقات على المدرسة العسكرية الناصرية: مصنع الرجال … عرين الأبطال
لا امل في تغيير العقلية القديمة..
عقلية الفلاح الذي يفر من الجندي الالباني الذي يخطفه ليجنده بالقوة في عهد محمد علي مستمرة..
عقلية الجندي النظامي الذي يتبع محمد علي و يتبع الخليفة فاذا اقتتلا قاتل مع اقرب الاطراف لبيته مستمرة..
عقلية الضابط الذي يتمرد على القائد لأهداف سياسية مستمرة..
لكن الاخطر ان هذه العقلية لا احد يقدر على نقدها و لو فعل فهو خاااااااااااااااااااااااااااااااااااااااائن !
بقالي كثير ما قرتش ليك يا أحمـد
عندي خلاف بسيط معاك ، نفوذ المؤسسة العسكرية في مصر موجود من أيام “مينا” موحد القطرين ، و إذا نظرنا أكثر للتاريخ الأكثر قربا هنلاقي أن نفوذ المؤسسة العسكرية كان واضح جدا من عهد “محمد علي” اللي أسس مصر الحديثة أعتماداً على المؤسسة العسكرية اللي بناها في ذلك الوقت ، أنت ظلمت “ناصر ” لأنه ورث نفوذ كان موجود من الأساس
أما عن سخريتك من الصناعات العسكرية في مصر فواضح ان معلوماتك عن التصنيع الحربي في مصر قليلة اللي أعتقد حاليا أنه اصبح مقبول بشكل كبير ، بداية من التسليح الخفيف بالبندقية الآلية Maadi AK 47 و هي تطوير مصري للكلاشنكوف و هي حاليا تباع في كل أنحاء العالم حتى في الولايات المتحدة نفسها ، وصولاً للدبابة M 60 التي تصنع حاليا بالكامل في مصر ، و مش عايز أتكلم عن مشاريع تطوير الصواريخ و طائرات التدريب مثل الطائرة “جمهورية”
أما موضوع السور المبني عند مدخل المعادي أعتقد أنه بسبب حصار المحكمة الدستورية
لكني أعتقد أن مشكلة المؤسسة العسكرية الحقيقية هي التدخل السافر في الحالة السياسية في الفترة الأخيرة بدون خبرة كافية و بدون رؤية أستراتيجية واضحة و لهذا كانت خسائرهم كبيرة و قاسية
مممم-نفس الاسلوب ما بيتغيرش-كل ما تحصل مشكلة يجروا يطرمخوا او يلهوا الناس فى حاجات تانية-وطبعا يبنوا اسوار او حواجز لمنع الناس.
و لسة ده الموضوع مش سهل-ابشروا بايام قلق ترجعنا تانى للى حصل من سنتين فاتوا-لكن الحرية مش ببلاش طبعا.
اما عن الفكر العسكرى الناصرى آآه هو هو راسخ عند ناس كتير بصراحة و هو نوعا ما جامد على شكل معين ما بيتغيرش ديناميكيا مع العصر (ما بالكم بفكر جماعات الاسلام السياسى بقى)
من فترة فعلا ما قريناش مقالات ليك يا احمد-شكرا على المقالة
محمود عرفات، قد يكون الاتصال بمحمد علي نظري يقبل الأخذ والرد، ولكن كون المدرسة والعقلية ناصرية، فهذا واقع وبامتياز.
عمرو، ما تقوله معلومات جديدة عليّ. شكرًا للمشاركة بها. مصدرك ويكبيديا أم تقرأ من مصادر أخرى.
حازم، شكرًا للمتابعة، أكتب بعض المقالات التقنية على موقع آخر… ولكن أيامي هنا معدودات لأني سأنتقل قريبًا لموقع إخباري كبير، ولكن آمل ألا تنقطعوا أنتم عن الكتابة والمتابعة هنا… أنا أقدّر قيمة هذا الموقع تمامًا، وأنتم من صنعتم وزنًا له، فأتمنى أن تستمروا في جعله منبر للحرية والحوار.
تحياتي
عزيزى احمد زيدان-نتمنى لك التوفيق فى الموقع الجديد الذى ستذهب له-ولو اننا سنفتقد وجودك هنا- (انت و عدد قليل من الكُتّاب\المدونين هنا) هم فقط سبب متابعتى لموقع شباب الشرق الاوسط – كفاية سقف الحريات العالى جدا اللى موجود هنا فى الموقع طوال فترة إشرافك . وياترى حيستمر السقف العالى ده مستقبلا ام لا.
عموما حظا سعيدا لك و حتوحشنا.
شيء موكد: سيستمر الموقع على نفس السياسة يا حازم، لأني سأشارك في انتقاء المحرر الجديد بنفسي!
تحياتي
معهد ستراتفور يتحدث عن الدولة الإسلامية الناصرية بمصر قيد البناء:
http://www.almasryalyoum.com/node/1308606
أتفق معاك تماما استاذ أحمد فيما تطرحه عن فكر المؤسسة العسكرية و عقليتها القائمة علي الاسوار مثلما ذكرت تبني أسوار عالية لمنشاتها خوفا من أفتضاح أمرها العسكري المهلهل في الاساس أيا كان انا ضد الفكر العسكري القائم علي الحسم بقوة السلاح ناهيك عما ذكرت عن الاستعباد العسكري للشباب أو التجنيد الأجباري … هي مؤسسة لن تتغير عقليها لانها قائمة علي أسلوب فكري لن يسمح بتطويرها نهائيا… تحية لمقالتك الشجاعة