نشرت شبكة شباب الشرق الأوسط تحقيقًا مطولًا في عدد شهر أبريل/نيسان من مجلة الحسناء اللبنانية، بموجب اتفاق الشراكة بين الجانبين.
التحقيق دار حول الزواج المُختلط والعلاقات الجنسية من منظور غير نمطي، خاصةً من وجهة نظر الشباب من الجنسين في الشرق الأوسط.
طالع وحمّل التحقيق بصيغة پي.دي.إف كما صدر في المجلة من هنا. ولكن الآن، ننشر هنا، على موقع شباب الشرق الأوسط العربي، التحقيق كاملًا، حيث اقتطعت منه الحسناء بعض الفقرات، نظرًا لبعض الحساسيات السياسية والاجتماعية، والتي لا نخشاها نحن على أي حال.
الزواج والعلاقات الجنسية من وجهة نظر شباب اليوم
لاشك أن الزواج أمر يؤرق كل بيت شرقي. حيث يُعدّ له الآباء منذ نشأة أطفالهم، بل ولا يكّلون ولا يملّون من حمل عبء أبنائهم، حتى بعد الزواج، ومن ثمّ أحفادهم من بعدهم، ويظل الآباء على هذا المنوال من “التسلّط” الذي يُلبسونه رداء “الحب” حتى الموت. وهو الأمر الذي يختلف كليةً في المجتمع الغربي، التي تعلو فيه قيمة الحرية الفردية، بل وإن شيئًا من قبيل “إيثار الأم لراحة إبنها على نفسها،” والذي يُعدّ أمرًا مقبولًا هنا، هو أمر مثير للضحك هناك. أما جيل الشباب، أو الأبناء، وهو مثار اهتمامنا في هذا التحقيق، لم يعد يكترث بمثل هذه التحفظات حول الزواج. وقد يحالفنا التوفيق عندما نقرّ، من خلال ما سمعناه، أن شعلة “التسلط” تتخافت باطّراد عبر الأجيال، حيث أصبح الشباب أكثر اكتراثًا بأنفسهم وبشريك حياتهم، الذين لن يسمحوا لأي أحد أن يفرضه عليهم، أكثر مما مضى. وبالتأكيد فإن الإنترنت والعولمة ساهما بشكل كبير في تقريب وجهات النظر بين شباب المنطقة حول الزواج، والجنس بصورة عامة، وهم لا يهلعون، سواء كانوا ذكورًا أم إناثًا، مثل الآباء في الماضي، عند ذكر سيرة هذا الأخير؛ لأنه باتت لهم من المعرفة والعلم ما يؤهلهم لإقرار مصائرهم بأنفسهم بلا وصاية أهلية. أمّا العامل المشترك في كل هذه الحوارات التي أجريناها، هو عدم تطرّق أي من المشاركين الشباب للحديث حول أبنائه المستقبليين أو أهله “الذين ضحوا من أجله” راضين، إلا فيما ندُر، مما يثبت، بما لا يدع مجالًا للشك، أن العادات القديمة تأخذ في المُضيّ إلى الزوال.
أحمد الحادقة، 25 سنة، من مصر، يرى “إنه لا يوجد ثمّة فرق بين الزواج وبين أي علاقة أخرى، عابرة كانت أو طويلة الأمد، خارج نطاق الزواج، إلا في ورقة عقد الزواج نفسها.” ويستطرد، “تلك الورقة التي باتت تصنع مشاكل زوجية كثيرة الآن؛ لأنها حوّلت أرقي العلاقات الإنسانية المجردة، ألا وهو الحب، إلي علاقة تجارة و بزنس.” ويصف الحادقة الزواج التقليدي على “إنه إهانة للمرأة أكثر من العلاقات الحرة (ويقصد بها العلاقات خارج إطار عقد الزواج) لأن معظم البلدان العربية بالشرق الأوسط توصف علي أنها مجتمعات ذكورية، وهي هكذا بالفعل. ويعتقد الرجل الشرقي، في قرارة نفسه، أن مجرد قيامه بدفع المهر للزوجة، فإنه بذلك قد اشتراها للأبد، أو حتى يطلّقها هو، حسب الشريعة الإسلامية، بل وله حق التحكّم بها. وفي المقابل، فالمرأة ليس لها أي حق في التمرد، بل عليها أن تطيعه دائمًا وأبدًا.” ويضيف، “الزواج التقليدي الديني ظالم ومجحف تمامًا في حق المرأة.” ولتفادي أيّ مشاكل مستقبلية، من وجهة نظره، يقول، “إنه يجدر بالطرفين أن يتعارفا بقوة وعمق، علي ألا يتم منع التعارف الجنسي بينهما قبل الزواج؛ لأنه من أقوي مقوّمات التواصل بين الطرفين، بل وأهمها علي الإطلاق.”
م.، 22 سنة، من مصر، يقول، “لا أحب الزواج ولا مراسمه، ولكن كل شخص حر في النهاية.” وعن التقاليد يقول، “الأهالي تمارس هذه الطقوس حتى تساير القطيع. أنا لست ضد كل هذه التقاليد، فهناك المرِح منها، ولكن أسطورة العذرية يجب أن تُنسف تمامًا.” وعن العقد يقول، “أعتقد أن إصرار أحد الطرفين، وخاصةً المرأة، على كتابة عقد لممارسة الجنس، هو لا لشيء إلا لغياب الثقة بينهما.” ويرى “إن الحب كفيل بتدمير كل هذه التحفظات والحواجز. ولكنه يحتجب في ظل هذه الشمس المتوهجة من العادات والتقاليد البالية.” ويؤكد على تفضيله للزواج المدني، ويتمنى في الآخر أن يتم تفعيل الزواج المدني في المنطقة، حتى يتزوج الأشخاص بعيدًا عن قيود الدين. ويدين محمد بشدة رغبة بعض المتطرفين دينيًا من الزواج بأربع، بحسب الشريعة الإسلامية المطبّقة في معظم بلاد المنطقة بطبيعة الحال، لإنجاب الكثير لنصرة الإسلام، ويصف هذا بالتخلف والإجحاف بحق المرأة. ويدين أيضًا قوانين الأحوال الشخصية الإسلامي، حيث يقول، “لا أرى عقلانية، ولا عدل، في أن يتزوج المسلم من كل الأديان، بينما لا تتزوج المسلمة إلا من مسلم.” ويضيف، “الشريعة الإسلامية لا تكفل أي مساواة للمرأة، سواء في الزواج، أو الشهادة، أو الميراث، أو أي شيء آخر. فهي دائمًا الأقل كفاءة والأضعف.” وينهي حديثه بإقرار كان يكرره بكثرة أثناء حديثه، “أنا مع تطبيق تشريع علماني وضعي بخصوص الزواج.”
أما هيثم الكاشف، 21 سنة، من مصر، أبدى بعضًا من التحفظ في كلامه حول الزواج المختلط، خاصةً بين المسلمين والأقباط في مصر، حيث علّق قائلًا، “على حد علمي، تنتهي معظم الزيجات المختلطة بقتل الزوج أو الزوجة، أو انقلاب الرأي العام عليهما، أو تكفيرهما سويًا واعتبارهما خارج الديانة، و نادرًا ما نسمع عن زيجة مختلطة ناجحة وخصوصًا في بعض مناطق الشرق الأوسط.”
جدير بالذكر أن فتيل الفتنة الطائفية في مصر على أشدّه من جراء بعض المتحولين، وبعض الأبناء الذين ينتمون لآباء مختلطي العقيدة، مما يلهب الرأي العام المصري التقليدي، بإثارة النار الساكنة تحت ابتسامات باهتة كل فترة.
أحمد، 22 سنة، من مصر أيضًا، يعتقد، على الجانب الآخر، أن الثقافة الجنسية لا بد أن تدرّس في المدارس، حيث أنه تعرّف على الجنس من خلال المواقع الإباحية. وهو يستنكر بشدة الثقافة الرجعية التي ترفض تدريس مادة الجنس في المدارس. ويعتبر هو أن الحرية الجنسية أمرًا خاصًا بكل شخص، وليس لأحد أن يفرض اختياراته أو ميوله على أي شخص آخر. ويقول عن “العقدة الشرقية” كما أسماها، “لا أعترف بالعقدة الشرقية التي تدعو إلى الشرف والفضيلة في الضوء، ثم تناقض نفسها في أول غرفة نوم تقابلها.” ويحكي عن قريب له وصفه بأنه غارق في عقدة الرجل الشرقي هذه، “هو لا يسمح على الإطلاق لزوجته الشابة، وكأنها أمةٌ عنده، أن ترتدي ملابس قصيرة وسط أهله وأصدقائه، إلا أنه، على النقيض من ذلك، يسمح لها بارتداء زي البحر العاري عندما يكونا في المصيف وحدهما. وهذا نابع من اختلال نفساني شديد يعاني منه، وهو مرض الازدواجية في الشخصية، فهو يعاملها بمكيالين، واحد أمام أهله مفادته، حيث يظهر في صورة الرجل المسيطر على زوجته المحتشمة، والثاني أمام جمهور متحرر، لا تربطه بهم أي صلة، في المصيف، وهو إعلان عن مدى تحرره هو وزوجته.” ويقول أحمد، طالب كلية الهندسة، عن أخته، “لا أتدخل على الإطلاق في اختيارات أختي. وأمر زواجها من عدمه يرجع كليةً لها هي وحدها. وأن تمارس الجنس أو لا، يرجع لها أيضًا. وهذا أمر لا يعنيني، وأرفض التعليق عليه؛ لأنها تعدّ حياتها الخاصة. من الممكن أن تسألوها هي.”
محمد، 21 سنة، من ليبيا، يقول بخصوص تكاليف الزواج، “أنا لا أتفق وتكاليف الزواج المهولة التي تُنفق، فالاحتفال المهول بالزواج في ليبيا يستمر لفترة طويلة، حيث يجدر بك أن تتكفل بكل المدعووين لمدة أسبوع. بالإضافة لكمية الذهب، باهظ الثمن، الذي يجب أن يبتاعه الرجل لزوجته الجديدة.” ويضيف أنه يعتقد، “إن توجيه هذه المبالغ الطائلة لشيء أكثر فائدة للعروسين أفضل بكثير.” ويقول بخصوص العقد والجنس، “يجب أن أكتب على زوجتي بما يتوافق وتعاليم الشريعة الإسلامية. وأنا أرفض الجنس قبل الزواج رفضًا باتًا. لا مشكلة معي بخصوص الحب، ولكن الجنس لا.” وعن زواج المصلحة والبزنس، يقول محمد، “بالتأكيد، لا يستطيع أحد أن ينفي وجود هذا النوع من الزواج، وفي بعض الأحيان يقوم الزواج بين القبائل على أساس المصلحة، ولا أعتقد أنه يختلف كثيرًا في المدن أيضًا.” ويستطرد، “قد تلعب المصلحة الدور الأكبر في الزواج، وقد يلعب هذا الدور الجنس أيضًا، أو المال.” وهو لا يرى أن الزواج بالإكراه، “يجدر بالرجل والمرأة أن يوافقا أولًا، ولا أميل لفرض رأيي على أحد، ورأي الأهالي في الموضوع ليس هو المطلق، ولكنه يرجع للتشاور بين البنت وأهلها، كما للولد وأهله، ولكن فرض الأهالي على الأبناء من أجل مصالحهم الخاصة، لا يعد أمرًا مقبولًا بالنسبة إليّ، أو على الأقل اليوم في 2010.” وحول زواج الأقارب، يرى، “إنه من الأفضل أن تختلط دماء جديدة معًا، خيرًا من الزواج من نفس العائلة، بالإضافة للمخاطر الطبية التي قد يتعرض لها الأبناء.”
حميد بن جمعة، 28 سنة، من تونس، اندهش كثيرًا لأني سألته حول الجنس، ورد قائلًا في صيغة تهكمية، “أنا ضد مراسم الزواج التقليدية، ومع الزواج الديني، ومع الجنس قبل الزواج شريطة ان يكون بعلم أب الفتاة والمجتمع ككل!”
جميلة آوتزنيت، 24 سنة، من المغرب، ترى “إن الزواج هو أمر مقدس، ولكن ليس من الضروري أن يكون مقيّدًا بتقاليد المجتمع التي في أغلبها تنفّر الشباب من الزواج ولا تواكب العصر. وما يهمني بشكل كبير، هو أن يكون زواجًا دينيًا.” ثم تشير بعدذاك إلى “إن التعاليم الدينية لا تساوي بالضرورة التقاليد والأعراف المجتمعية الرجعية.” بحسب تعبيرها. ولجميلة نظرة خاصة عن الجنس، حيث تقول، “لا أعتقد أن الجنس، قبل أو بعد الزواج، هو نقطة محورية مهمة كي أقف عندها بشكل مطوّل، ولكني شخصيًا لا أعتقد أن الجنس هو أهم شيء في الحياة، أو أنه بدون جنس لا معنى لحياتي. والكل حر في اختياراته بلا شك.” وهي تضيف أيضًا، “إن ما يثير انتباهي في مجتمعاتنا، التي تنظر اليوم، وأكثر من أي وقت مضى، إلى مسألة الجنس كأمر حيوي ومهم، وأنه لا تكتمل ثقافة الانسان بدون ثقافة جنسية، ولكني أرى، على النقيض، أنه كلما توغلت المجتمعات في الحرية الجنسية، كلما زادت الأمراض الاجتماعية بصفة عامة، و الامراض الجسدية، وحتى النفسية انتشارًا.”
أما سارة، 24 سنة، من الأردن، ترى، “إن كثيرات قد يخدعن أزواجهم بشأن عذريتهن. وأمر العذرية لم يعد هذا الطقس المقدس القديم.” وترفض سارة، التي تسكن وسط عمّان، الحكم على أخلاق المرأة من خلال عذريتها؛ “لأن كثيرات من صديقاتي خضعن لعملية جراحية، بل أن منهن من انتهجن سياسات أخرى، وقد دخلت هذه الحيل على هؤلاء الأزواج التقليديين في ليلة الزفاف.” ولكنها لم تفسح لنا عن هذه الحيل. وعندما سألناها، لماذا يتزوجونهم إذن وهم يدركون مدى تخلفهم؟ ردت بأن “العنوسة باتت مشكلة مؤرقة في المجتمعات الشرقية، والكل ينظر للعانس إما نظرة الشفقة أو نظرة العاهرة. وكلاهما سخيف.” وتضيف، “أخريات يهربن من جحيم الأسرة المتسلطة ظنًا منهن أنه الفرار، ولكنهن يذهبن لما هي سلطة أسوء بكثير، وهي سلطة الرجل الشرقي المريض نفسيًا.”
حيدر السعدي، 20 سنة، من العراق، يصف الزواج التقليدي “بالطقوس المتوارثة التي يستخدمها المجتمع للتعبير عن انتقال الوصاية الذكورية من الأب إلى الزوج.” وهو يؤيد الزواج المدني لأنه، “ينظر إلى طرفي العقد كشخصين متساويين في الحقوق، جمعتهما العاطفة وحب الاستقرار.” ويرى أن الزواج الديني بأنه أداة تهدف دومًا إلى توليد المزيد من “أبناء الإيمان،” على حد تعبيره. ويستشهد بالدكتور هاوس في مسلسله الشهير عندما قال، “الحسيديون – اليهود المتصوفون المتقون – يتزوجون صغارًا، لكي ينجبوا المزيد من الفراخ الحسيدية.” وعن الاتصال الجنسي قبل الزواج، يرى حيدر، وهو حامل بكالوريوس هندسة شعبة اتصالات من جامعة بغداد، “إذا كان الطرفان ينظران للزواج كعقد اجتماعي وقانوني، وظيفته الوحيدة هي إعلام المجتمع، ليس إلا، بأن شراكتهما العاطفية قد أصبحت مادية وحقيقية، فما الذي يحول بينهما وبين اللقاء الجنسي، قبل الزواج، كوسيلة للتعبير عن التفاني العاطفي؟!” وعن الزواج المختلط بين عشيرتين أو قبيلتين أو حتى طائفتين مختلفتين، والذي ينتشر في العراق بسبب التعدد الطائفي، يقول، “الزيجات المختلطة دائمًا ما تكون نابعة عن حب وغرام، وتخلق جوًا ما من الألفة الحذِرة بين الأسرتين، ولكن المشكلة قد تظهر حين يكون الطرفان ملتزمين بقواعد المذهب أو قيم القبيلة، ويتزامن ذلك مع جو من الاحتدام والحرب الطائفية، وهنا “يُمتحن الإنسان بالبلاء، كما يُمتحن الذهب بالنار” بحسب تعبير بهاءالله.” ويؤكد حيدر “إن الدراسات الإحصائية تربط بين تواتر أمراض نفسية كالكآبة والذهان، وبين انغلاق الفرد أو المجتمع تجاه هويته الجنسانية، بالإضافة إلى أن 40% من استهلاك العالم لدواء الفياغرا (لعلاج القصور الانتصابي) هو من المنطقة العربية الإسلامية تحديدًا – ذات الموقف المُقصي والمُتجاهِل للمسألة الجنسية برمّتها.”
إيمان، 26 سنة، من البحرين، تتمنى الزواج كي تهرب من الأهل، والعادات، والتقاليد، والحجاب المفروض عليها من قبل أهلها. ولكنها تقول في الوقت ذاته، “هنالك اختلال كبير في نظرة المجتمع الشرقي تجاه الرجل والمرأة، فهما مختلفان في الزواج، لأن المجتمع يتقبل الرجل الأعزب، ولكنه لا يتقبل المرأة غير المتزوجة، ويطلق عليها لقب العانس. بل ومختلفان أيضًا في ممارسة الجنس قبل الزواج، لأن المجتمع يلوم المرأة وحدها، وهذا حكم غير عادل، وينمّ عن ازدواجية المعايير الشنيعة التي يمرّ بها هذا المجتمع. فالمرأة عندما تمارس الجنس، يتحول اسمه لأشياء أخرى كثيرة.” وبخصوص الزواج، ترى إيمان، “إنه جنس في إطار خاتم الدين العتيق الذي يسمّى “الحلال.” فلا أحد يتزوج إلا بغرض الجنس، مع أن عملية الجنس ذاتها عندما تُمارس بلا ورقة حكومية وخاتم ديني، يسبب العار الاجتماعي.” وهي ترى أيضًا، “إن غير المتزوجين قد يمارسا جنسًا لطيفًا، بحيث يكونا هما راضيَين عنه بلا شهادة رضاء الأسرة والعالم والتاريخ. إن الجنس وحده يحمل مشاعر متجددة أفضل بكثير.” وهي تضيف في حيرة، “ولكني سوف أتزوج آنيًا أم لاحقًا؛ لأن المجتمع هنا يعترف بالأوراق الحكومية والخاتم الديني، ولا يعترف بالعقل.” وتستنكر في موضع آخر إطلاق الأحكام المُصادِرة لاشتياق المرأة للجنس، وتقول، “إنها إنسانة أيضًا، ولها مشاعر وأحاسيس. لماذا تُحاكم المرأة، في محاكم المجتمع العسكرية، بانعدام الأخلاق والحياء عندما تُبدي رغبتها في الجنس؟ أليست رغبة مشروعة؟!”
مروة، 25 سنة، من إسرائيل، تحدثت حول الزواج في هذه البقعة المتوترة في العالم، خاصةً بين الإسرائيليين والفلسطينيات أو العكس، حيث تقول، “تزوج خطيبي السابق بفلسطينية. الأمر شائك هنا، ولكنه يتم إذا أصرّ الطرفين، وأدركوا التغلب على كل الأقاويل والنظرات في الجيرة من حولهم.” وتُضيف ساكنة الجليل، “أما إذا تزوجت إسرائيلية من جيرتي بفلسطيني تكون “مصيبة،” بالنسبة للمجتمع هنا، فرغم كل هذا التقدم، إلا وإنهم لايزالوا تقليديين بعض الشكل.” وعن هذه الزوجة التي قد يقودها الحب “لحظها العثر” على حد تعبير مروة، تقول، “فهي لن تعيش في نفس المستوى التي تعيش فيه هنا، إذا عاشت مع أي فلسطيني، فالانتقال من الجليل للضفة مثل الانتقال من الرفاهية للذل، ولهذا فإن هذه النوعية من الزيجات قليلة جدًا.” وتستطرد مروة، وهي من عرب 48 وتتحدث العربية جيدًا، بخصوص الجهات الأمنية، “كل واحد حر هنا، ولكن لا يمر أي شيء من دون أن يتفحصها الشاباك داخليًا والموساد خارجيًا.” مروة تود في الزواج من رجل متفتح وغير تقليدي من أي دين أو جنسية كان، ولكنها تعاني الأمرّين من العثور على مثل هذا الرجل في حياتها اليومية. “وأنا لا أجد هذا النوع من الرجال إلا على شبكة الإنترنت، وخصوصًا على موقع فيسبوك.” تقول هذه الجملة وتبتسم.
أما في لبنان، فإن الشاب والفتاة المنتميين إلى طائفتين مختلفتين، يسافران إلى قبرص أو إلى تركيا؛ كي يتزوجا زواجًا مدنيًا، ومن ثم يعودان أدراجهما إلى لبنان بعد ذاك، حيث يُعترف بزواجهما، بينما لا يستطيعان القيام بذلك في لبنان تحت أي ظرف.
ويعلق مرصد نساء سورية على ذلك بقول إحدى محرراته، “إن الزواج المدني الاختياري محظور في لبنان. وجزيرة قبرص هي ملاذ الفارين من “الجزر” الطائفية.” ويشير المرصد، على موقعه على شبكة الإنترنت، إلى أن بعض الزيجات المدنية بين مشاهير لبنانيين قد هزت الرأي العام بشدة في الآونة الأخيرة، “ولكن قوة هذه الهزة عجزت عن تحطيم قفل أحد أدراج مجلس النواب اللبناني، حيث يرقد منذ 11 عامًا مشروع قانون موحّد للأحوال الشخصية.” وتقول محررة المرصد أيضًا، واسمها ريتا عقيقي، “إن الموضوع “الغائب الحاضر” في نفوس اللبنانين لا يزال يقف عدم تطبيقه حجر عثرة أمام كل من يحلم بأن يرى لبنان دولة مدنية علمانية بعيدًا عن التقسيمات الطائفية والمحاصصة المذهبية.”
وقد صرّحت الپروفسور ندى شاوول عن الزواج المختلط، في الندوة الصحافية التي عُقدت في المركز الكاثوليكي للإعلام في لبنان، ونشرتها وكالة أنباء زينيت، “لا يمكننا سوى أن نعترف بأن الزواج المختلط، خاصةً بين مختلفي الدين والجنسية، لا يزال يشكّل مصدر إشكاليات وتباينات داخل الثنائي الزوجي والعائلة بالمعنى المصغّر والموسّع والمجتمع والوطن.”
وأضافت پروفيسور شاوول، الأستاذة الجامعية في جامعة القديس يوسف، كلية الحقوق والعلوم السياسية، حول الزواج المختلط وحقوق الإنسان، “إن مفهوم الزواج المختلط “Mariage Mixte” يتنافى مع شرعة حقوق الإنسان، ومبدأ المساواة بين البشر الذي تكرسُه هذه الشرعة، بحيث لا يجوز التفريق بين إنسان وآخر على أساس العرق أو الدين أو الجنسية، في حيث أن مفهوم الزواج المختلط هو مبنيّ على الإقرار بوجود فرق بين الزوجين من حيث الدين أو المذهب أو الجنسية.”
قسّمت الندوة، التي جاءت في إثر دعوة من اللجنة الأسقفية لوسائل الإعلام، حيث عُقدت في يوم 16 فبراير 2010، الزواج المختلط إلى ثلاثة أنواع: بين مختلفي الجنسية، وبين مختلفي الدين، وبين مختلفي المذهب. وجاء في تقرير الندوة النهائي، والتي كانت تحت عنوان “الزواج المختلط بين مختلفي الدين والمذهب والجنسية،” “إنه لا يزال بعض المشاكل مستمرة في النوعين الأولين، ولكن رأى المشاركون البارزون، “إن هذه الزيجات، بين مختلفي المذهب، والتي أصبحت كثيرة اليوم، لم تعُد تثير إشكاليات سياسية، لا لدى الطوائف المسيحية ولا لدى الطوائف الإسلامية. أما بالنسبة للطوائف المسيحية، فإن التقارب بين المذاهب واللقاءات المسكونية، خاصةً بعد مجمع الڤاتيكان الثاني، قد ساهمت بشكل فعّال في تقارب وجهات النظر ومحو التباينات والانشقاقات، والبرهان على ذلك أن موضوع اختلاف المذهب لم يعد يُذكر أو يُثار في المجتمع المسيحي اللبناني.”
تحقيق: إسراء الشافعي وأحمد زيدان.
الآن، حمّل التحقيق كما صدر في مجلة الحسناء اللبنانية من هنا.
3 تعليقات على الزواج والعلاقات الجنسية من وجهة نظر الشباب – عدد شهر أبريل من مجلة الحسناء
Pingback: شباب الشرق الأوسط » أرشيف المدونة » في حرية التعبير عن الميول الجنسية: هل نحن بحاجة لثورة فكرية شاملة؟
Pingback: شباب الشرق الأوسط » أرشيف المدونة » تقرير حول حرية الرأي والتعبير: الثورة المضادة ضد القمع الفكري
Pingback: في حرية التعبير عن الميول الجنسية: هل نحن بحاجة لثورة فكرية شاملة؟ | جنس و بس