تقرير مبسط ومعبر وليس فيه الكثير من اللغو والتفصيل : اننا حقيقة بعيدون عن الاصلاح , والذي اسمته الدراسة تحديدا : بالاصلاح المبرمج , وكل ما تشهده منطقتنا العربية لا يتعدى كونه : حملات دعاية وتسويق , لا بل واسموه في اماكن ما : كذبا …ولكن الكذب خوفا من ممن ؟ انه خوفا وخجلا من الغرب وطمعا ( بالرضا ) لمن يحتاج الرضا وتاليا الاستقرار , والحماية لمن يحتاج العضلات , و الامان على من يخاف الجيران والاخوان …
الدراسة التي قدمها التقرير السنوي الثاني عن حال الاصلاح في العالم العربي 2009-2010 والذي اطلقته ( مبادرة الاصلاح العربي ) رتبت الدول العربية محل الدراسة وفق مقياس يقيس فيه التقرير مستوى التحول الديمقراطي فيها حسي مؤشر من الف نقطة حيث جاءت الدول وفق الترتيب التالي : الاردن اولا كافضل دولة , المغرب , مصر , لبنان , الجزائر , الكويت , فلسطين , سوريا , السعودية , اليمن .
حيث تتشكل عناصر التقرير من اربعين مؤشرا كميا تقيس قضايا سياسية واقتصادية واجتماعية يومية تعكس جوانب صنع القرار في البلد محل الدراسة و تعتمد مصادر ثلاث لجمع المعلومات : قانوني , الرأي العام , ممارسات الانظمة .
وطبعا لا يعني ان تكون دولة الاولى في التقرير انها ديمقراطية ولكن هذا يعني انها الافضل كممارسات في طريق التحول للديمقراطية .
الان تحليل هذه الدراسة الشيقة في ما يخص الوعود البراقة والشعارات الخلاقة التي اصبحت : سمة المرحلة الجديدة خصوصا من تاريخ دولتين عربيتين كبيرتين : سوريا والسعودية , التين ترى فيهما الدراسة ان حالهما مستعصي على الاصلاح ( لان دساتيرهما لا تسمح بتحول ديمقراطي حقيقي ) ولن افصل كثيرا كون الموضوع شائك ( وغير مستحب الخوض فيه ) ولكن يكفي ان نرى ان فلسطين , الدولة العربية التي انهكها جدا الاحتلال والتي لا يقال لها دولة بعد , متفوقة على دولتين عربيتين بكامل استقلالهما وكامل لياقتهما , ووفرة موارد وعقول , ومع هذا , في قعر السلم !!
الملفت في الدراسة ايضا ان حال الدول الثمانية التي تشهد وعودا كبيرة ( ولا يستثنى حال الدول الميؤس منها من سياسة الوعود و الامال والاحلام والشعارات ) , ونوايا حسنة كما يقول التقرير : وعود كبيرة , ولكن التقرير يقول لمن هذه الوعود ؟ ويجيب انها للغرب وغالبا تاتي تحت الضغوط , والضغوط الخارجية كام علمتنا التجربة في مناطقنا لا تنجب ديمقراطية بل تنجب نماذج مشوهة من انتخابات مدروسة , واستفتاءات تم تشريعها كبديل شرعي عن الانتخابات .
ما حددته الدراسة كحاجة هو الاصلاح المبرمج , المخطط , الواضح و القابل للقياس , الذي يخرج من اطار الشعارات ويدخل في اطار الخطط الواعية المحددة الاهداف , والخروج من ازمة الشعارات والتسويق المبتذل الذي يستغبي شعوب المنطقة ويستهدف عيون الغرب وبركاته.
ما يخلص اليه التقرير ان هناك محاولات ولكنها ليست جادة , وستبقى هناك متابعة لجعلها جادة بمتابعتها , وسنامل كما كنا و سنبقى ان تتحول يوما هذه الشعارات الى امال قابلة للتطبيق.
وتبقى الحقيقة المؤلمة , الجارحة التي لم تذكرها الدراسة ,ان كل دعاة الديمقراطية وصقورها في العالم , كما اثبتوا للجميع , يعنون بمصالحهم اولا ومصالح شعوبهم بغض النظر عن ديمقراطيتنا او تطورنا او حداثتنا , ويمكنهم ان يتعايشوا مع اكثر الانظمة دكتاتورية ( مثل صدام حسين سابقا وكمثال وحيد يمكن ذكره دون مشاكل كونه اصبح لاحقا ) بحث ان الاولوية دائما هي لمصالحهم وان قضية المبادئ وقضية الحريات وقصة العدالة والحرية للجميع ما هي الا وسائل دعاية وتسويق عالمية لا تستثني دولا غربية غنية مترفة تتمتع باعلى قدر من الديمقراطية , ويكفينا كنموذج واضح ومهين ما صدر عن دوائر اميركية وغربية بضرورة ان يقوم كرزاي ( بضبط نفسه ) وهو الذي حول افغانستان الى مزرعة وتوزعها مع امراء الحرب السابقين الذي عرفوا كيف يديرون الدفة عند اللزوم ويصبحوا غربيي الهوا والقلب .
تبقى الحقيقة المؤلمة ان من يرعون هذه الديمقراطية نظريا والذين ساهموا باسلوبهم ( العملي ) بظهور مناورات ومرواغات اعلامية شرق اوسطية كبيرة تمتاز اجمالا ( بالخواء الفعلي ) انهم لا يحتاجون ديمقراطية ابدا لادارة مصالحهم معنا بل يحتاجون الى اداة طيعة , واعية , تعرف كيف توازن مصلحتها واستمراريتها كنظام وكعشيرة وكاسرة مقابل مراعاة مصالح الكبار.
تبقى الحقيقة المؤلمة ان كل من يعول على الديمقراطية كاستيراد او كثوب مفصل وجاهز كانما يعول على الذئب ليحمي غنمه , وهذا حقيقة ( سقط سهوا ) من هذا التقرير .
5 تعليقات على الاصلاح في العالم العربي ..آخر الشعارات
أهلًا أستاذ محمد،
كل دولة تبحث عن مصالحها الخاصة، والمصالح الإقليمية المجمّعة، أو “المصالح القومية” هي من محض الخيال! كل فرد يبحث عن مصلحته الخاصة، وكذا الدول، هذا أول شيء.
حضرتك قلت:
وهذا ليس صحيحًا على العموم، لأننا هنا في مصر ننتقد سياسات حسني مبارك. هناك انتهاكات تحدث، ولكن للناشطين السياسيين. ولكن سقف الحرية ارتفع مع الإنترنت ولا شك.
أنت عبت على ثيوقراطية السعودية، مع أن هذا هو ما تطالب به في مقالات أخرى، أقصد حكم ديني. ألا ترى تناقضًا بين موقفيك؟
تحياتي
عندما يتخذ المرء موقفا مسبقا من شخص او فكرة , تصبح قرائته محصورة بما هو في ذهنه من افكار فتضيع عليه التفاصيل , فكرة بحث الدول عن مصالحها عندما تتكلم عن انظمة ترعى مصالح الدول وليس عندما نتكلم عن انظمة ترعى مصالحها ودول ترعى مصالحها برعاية هذه الانظمة ولو كانت فاسدة .
انتم في مصر تنتقدون , وتتظاهرون , وهذا جزء من قصة حزينة عمرها الان 28 عاما لم يغير احتجاجكم وتظاهركم شيئا وان كان هذا يعني شيئ فانه يعني ان كل هذه المظاهر للديمقراطية لا تتعدى سقف المناظر الاخراجية , والتفريغ الممنهج في دولة عدد سكانها يناهز 82 مليون نسمة , اي لا يمكن ضبطها مخابراتيا ( كما باكستان ) وبذات الوقت تعاني انخفضا شديد في الدخول وفساد مركبا لا يمكن ان يحتمل معه اي ضغط شعبي يمكن ان يولد انفجار , ولكن قرار اختيار الرئيس , يجب ان يوافق عليه من اميركا , كما صرح مسؤول كبير منذ فترة قريبة ولم يكن يعيب تصريحه شيئ لان هذه حقيقة في اغلب البلاد العربية .
السعودية , التي تتلكم عنها كرمز ديني , تشبه تكلمك عن الديمقراطية في مصر كرمز للديمقراطية التي لم تغير رئيسا عمره الان 82 عاما واستلم الحكم منذ 28 عاما وولده رئيس لجنة السياسات, فاذا كنت ترى الديمقراطية تمرح وتلعب في مصر استيطع ان اتفهم كيف ترى في السعودية ( دولة دينية ) ان يطبق نظام ما بعض السلوكيات المنتقاة من ضمن منظومة كاملة شيئ , وان يكون رمز هذا الفكر شيئ اخر تماما .
يجب ان نقرأ السطور جيدا , اذا اردنا ان نفهم ما بين السطور .
ما هو الذي بين السطور في مقالة لا تتعدى خمسمائة حرف؟؟
أنا علّقت على مقالتك أنت، وأنت تطرقت لأمور شتى لا حصر لها، كما في سائر مقالاتك، التي لا تكون مركّزة غالبًا، ولا أستفيد منها بفكرة واحدة فقط عن نفسي.
ولماذا هذا التهجّم يا أستاذ محمد؟ أعتقد أن تعليقي لم يكن مسيئًا لك ولا لفكرك، ولا طلبت منك “إعادة التقييم وقراءة ما بين السطور” فقط لأنك تخالفني الرأي.
أعتقد أن الاختلاف في الرأي لا يفسد للود قضية، وقد أعلنت عن اختلافي معك في بعض النقاط، وعن تناقض سيادتكم بين نقض كل الدول العربية، بلا استثناء، والتطلع لدولة دينية أو رمز ديني، وفي نفس الوقت تتحدث عن الديمقراطية!
عذرًا، ولكن لا يعتقد أحد هنا بالحكم الثيوقراطي، أو الحكم الديني، وهذا أمر لا يتطلب مني إعادة النظر، لأني ضد مفهوم الدولة الدينية من الأساس، رغمًا عن “ما بين السطور.”
مودتي
يا سيدي الكريم , ليس تهجما على شخصك بل هو تهجم على قرائتك من زواية محددة بنقدك لفكرة خرجت من صلبها .
انا لا اريد ان اشخصن الامور لانها اساس ليست شخصية , وقرائتك المشتتة من وجهة نظرك للمقالات تعني انك تقرأ ما تريد لتجد ما تريد , لا ما يريد الكاتب.
الحكم الديني ليس حكما , القضية قضية فكر , وانت جعلتها قضية حكم , الخلاف فكري اولا , وليس ثيقراطي او ابقراطي او ثيقوقراطي .
موضوع 500 كلمة , وما بين السطور , القضية ليست بالكغ ابدا , ولن تكون , وما دمت تزن الامور بميزان الطعام فاعتقد اننا نحتاج للمزيد لنقترب من ميزان الفكر والقضية والمنطق.
ودائما لا تبنهى الهجوم على الافراد, قضايانا فكرية بحتة وربما قابلتك في احدى زيارتي لمصر , ولكن عندما نقرأ الفكر نقرأ الحدث من كل الجهات , ولا نشخصن , كما حصل معك خطا , وانتو تدعوا للديمقراطية ثم تهاجن من يهاجم الدكتاتورية بحجة انك قادم من شبه ديمقراطية , حقيقة لم اعد اعرف قضيتك تماما هل هي ديمقراطية ام شكل محدد جدا وموجه منها ؟
يا سيدي…
أنا لا أحمل قضية… هذا منبر لتبادل الآراء بحرية تامة، ولتقبل الآخر، ولحرية الرأي والإبداع، وأنا لا أحمل على عاتقي شيئًا…
حصل خير، ويشرفني أن أقابلك في زياراتك لمصر… والاختلاف في الرأي لا يفسد…