عصر العولمة بكل وحشيته يمتاز جدا بميزة : الوضوح , لدرجة يصعب فيها الاختباء القديم خلف مبادئ كاذبة او شعارات خرافية او عباءة دينية خصوصا لانظمة نعايشها في منطقتنا منذ عشرات السنين ويبدوا اننا سنبقى معا , مع اولادنا واحفادنا , واولادهم واحفادهم , عشرات اخرى من السنين , وعلينا جميعا ان نتعايش مع ميزة العولمة المزعجة : الوضوح الوقح .
قضية موقع اسلام اون لاين , نموذج مصغر عن كيف يدير اي نظام مهما كبرت هالة ( ديمقراطيته ) و اتسعت ( افاق ) انفتاحه عملية التعاطي مع ما يسمى : المحرمات الدولية , والتي اصبح منها بشكل صريح وفج كل ما يتعلق بالاسلام السياسي مهما صغر , وكل ما يتعلق بكلمة جهاد , ولو كانت الحروف فقط ..
اليوم , بعد صراع استمر اشهرا , تمخضت الحقيقة بين سطور نبئ صغير متواضع , يفيد بان جهات ضغط اميركية كانت بصدد اصدار قرار يدين الموقع ويطالب الحكومة الاميركية بالسعي لاغلاقه وان هذه الجهات راسلت الحكومة القطرية لهذا الشان وقدمت حلا يقتضي بازاحة الشيخ القرضاوي , ومن نحا نحوه , ليتم التغاضي عن موقع اسلام اون لاين , وتستمر مسيرة التدجين لكل ما هو مسلم بشكل فج ومهين ..
ليست قضيتنا في سطوة مؤسسات الضغط الصهيونية على السياسة الاميركية عموما , ولكن قضيتنا في هشاشة اي نظام عربي , بدون استثناء , امام تهديدا ولو منظمة عدد اعضائها لا يتجاوز الالف , و كان هذه الانظمة من زجاج امام اي تهديد وهمي يطال ( ثباتها ) و تتحول الى عضلات مفتولة وعنتريات مخيفة حين نقرأ طلائع الصحف المحلية والدعم والاستنكار والتنديد , وكأن لسان حالنا يقول : ربما لا يقرأ صحفنا ويطلع على اعلامنا الا العميان فلا بأس بان نلبس ردائيين : واحد للسهرة وواحد للاعمال اليومية , للسهرة ثوب فاضح يكشف اكثر مما يستر , ويغري كثيرا , وليس له لون , ليس اسلاميا حتما , فكل ما يرتبط اليوم بالاسلام اصبح عارا , وثوب الاعمال اليومي , الذي هو شرقي مسلم ملتزم جدا جدا بكل قضايا الامة , ويتميز بعبارات الشجب والتنديد واعلام مخيف يقف صفا واحدا ( خلف الاخوة المظلومين في كل مكان ) , ليزيد عارنا عار الاختباء الجبان خلف الكلمات والشعارات و المكياج , ورحم الله زمن الجهاد الافغاني , ورعاته امراء المؤمنين , حفظهم الله , وكانهم كانوا من عصر غير هذا العصر ثم ( اضطرتهم ) الظروف لتغيير اولوياتهم , وشيئ بسيط من معتقداتهم , والتي اعتقد انها ابدا لم تتغير وتحافظ على اولوية الكرسي وما حوله , ليصبح الجميع دعاة محية وسلام اكثر من السيد المسيح عليه السلام , وليصبح شعار من صفعك على خدك الايمن فادر له الايسر ,شعار عربي مسلم بامتياز , وليصبح موضوع الكرامة , والاسلام ككل , موضوع مطاط يقبل تفسيرات كثيرة كلها مقبولة طالما اغفلنا : الجهاد , وبضع اسماء منظمات اثبتت ان الاسلام السياسي حقيقة وليس محض افتراء .
عندما ننظر لاسرائيل , تعتز بكونها دولة اليهود , وحامية حماهم حول العالم , وحضنهم الامين , ونرى الولايات المتحدة , ترفع عبر ساستها شعار الحروب الصليبية التبشيرية حينا , وشعار الدين والايمان حينا اخر , مع اوروبا المحكومة اليوم باحزاب جلها يحمل اسم ( المسيحي ) , ثم نفتقد كثير , نفتقد كثيرا جدا , وجود نظام , او زعيم , يمكن ان يكون متوازنا اتجاه قضايا الدين وان يملك من الجرأة ( والنزاهة التي تقتضيها الجراة ونظرية من شباكه من زجاج ….) ان يدافع عن قضايا اسلامية عامة دون ان يخفى راسه مثل النعام , وامور اصبحت مشككا فيها بحكم انها محرمات غربيا ( وربط الكرسي بالغرب يعين تحريمها محليا ) نرى ان الاسلام ضاع تماما , بين تكريس الانظمة لخدمة نفسها وديمومتها , وبين شراسة ردة القعل القادمة من الغرب نحو كل ما هو مسلم , لنكون من جديد : امة في مهب الريح .
13 تعليقات على إسلام Offline
الزميل محمد هزاع:
ألا تلاحظ أن الإسلام السياسي لم ينتج – خلال عقود من الانتشار في الجماهير الناطقة بالعربية – إلا مزيداً من الانحطاط والتخلف على الصعيدين الاجتماعي والاقتصادي؟
وأن الناطقين بالإسلام السياسي – ومنهم الشيخ القرضاوي – لا يستطيعون أن يقولوا لتنظيمات الإرهاب الإسلامي: أنتم مخطئون؟!
هل تذكر موقفه من تهديم إرهابيي طالبان لتماثيل بوذا الأثرية في باميان؟
لم يقل “لا تهدموها، لأنها جزء مهم من تاريخ العالم وملامح البلاد” بل قال ما معناه “موقفكم الشرعي سليم، لأن التماثيل أصنام، ولكن أرجوووووووووووووكم.. أرجوكم لا تهدموها الآن، وتسوّدوا وجهنا أكثر أمام العالم!”
أما إتيانك بمثال “الأحزاب المسيحية” فهو في غير محله، ذلك لأن الجميع يعرفون أن المسيحية كما تشرحها الأناجيل، لا تقدم تصوراً للهيمنة السياسية و “الظهور على الدين كله” كما يفعل الإسلام واليهودية.
وجوهر إيديولوجية هذه الأحزاب هو “العلمانية الأخلاقية” و “الليبرالية التضامنية”، وهي تنويعات موجودة داخل النسق السياسي الليبرالي، لا فرق إن كانت مؤطرة بالدين أو مؤطرة بالإنسانوية.
تحياتي للجميع.
اخي الكريم , الفكرة اساسها عدم اقصاء الغير , فكائنا ما كان الفكر الذي نسوق له لا يعفي من ان هناك فكرا يحتاج لحيز طبيعي ليظهر .
وفكرة ان الاسلام السياسي لم ينتج الا الخراب والحروب , فلا اعل معصرا كان فيه للعرب شيئ من كرامة او عزة او تقدم غير عصور الازدهار التي كان فيها الاسلام يحترم كما تحترم اسرائيل يهوديتها اليوم ويخاف منها جميع قادتنا العربان ويقدمون لها فروض الطاعة .
المسيحية كدين اجملا لم تقدم طرحا سياسيا واقتصاديا كما فعل الاسلام , وان كان تمثيلك لفتوى او حادثة لا يعني فشل التيار باكمله او الفكر بكليته ( كام في عالمنا العربي الذي تحول الكثير من تيارات هالمختلفة دينيا وسياسيا الى توابع تدور في فلك الغير ونسوا انتمائهم الوطني .
اقصاء الغير بحجة عدم صوابية فكرته , خصوصا عندما يكون الغير اكثرية في مناطق معينة , يعني تكريس الديكتاتورية , وحقيقة لا اعرف لصالح من نقبل ان نتلون بالوان كثيرة الا ما كنا عليه .
دمت اخا طيبا.
أهلًا بك أستاذ محمد هزاع،
أرى أنك خلطت خلطًا واضحًا بين كذا مفهوم في مقالتك هذه.
أولًا، أتمنى منك أن تقرأ مقالة الأستاذ محمود عرفات، وهو يطرح في مقالته الرائعة “قبل السقوط” نماذج الإسلام السياسي، وديكتاتوريتها، التي تصل لمرحلة الفاشية، في كل من إيران، والسودان، والجزائر:
http://www.mideastyouth.com/ar/?p=2070
ثانيًا، الشيخ القرضاوي الذي تتحدث عنه يحض على الفتنة الطائفية، ومعاداة الأقباط، وأشياء أخرى كثيرة متناقضة جدًا. فهو يبدو في مظهر الشيخ المودرن، ولكن آرائه السلفية قاطعة ولاشك.
ثالثًا، لا مقارنة بين الأحزاب المسيحية الغربية، وما تريده أنت من نموذج لحزب إسلامي، لأن المسيحية تدعم العلمانية، وهي عقيدة علمانية بالأساس دع ما لقيصر لقيصر وما لله لله، فهي أحزاب لا تختلف عن أي حزب محافظ، ولكنها تتخذ اللفظة فقط. أما هنا، لو تم تطبيق ما تقول، فإن الحزب الإسلامي سوف يسخط المعارضين، ويهجّر الأديان الأخرى قسريًا، ويبيح التدخل في الشؤون الفردية، ويدمر التماثيل لأنها أصنام، والأدل من هذا، أنه سيستولي على السلطة، ويقتل الطرق الديمقراطية التي أتي من خلالها في الأساس.
رابعًا، أمريكا لا تقول أبدًا الحروب الدينية. كل الأمر أن بوش كان يريد أن يمرر الحرب على العراق، فنسبها للدين، ولكن الدين المسيحي ليس له أي علاقة بحرب العراق، وكل الأمر هو سياسي بحت، فلا تنسبه للدين.
خامسًا، بالنسبة للأنظمة العربية، هي ضعيفة جدًا، ونعم أي مؤسسة غربية تمارس الضغط عليها، سوف تنزع هذه الأنظمة فورًا لتلبية ما يأمرونهم بها؛ لأنها أنظمة فاشية تقوم على قهر الأفراد، وهذا لا نختلف عليه. اقرأ مقالة الزميل مهدي إيدار، الحكام العرب، من هنا:
http://www.mideastyouth.com/ar/?p=1982
تحياتي
سادسًا، بالنسبة لموقع إسلام أونلاين، لقد قرأت أنه كان موقعًا إسلاميًا معتدلًا، ولم يعرض أي مواد على الفتنة الطائفية يومًا، ولا عرض نماذج إسلامية متطرفة. لا أعرف حقًا؛ لأني لم أكن من زوارد الدائمين، ولكن يا ليت هذا النوع من الموقع الإسلامية هو ما ينتشر خير من مواقع أخرى “رخيصة” تحض على الفتنة والعنف والإرهاب، ومنتشرة انتشار النار في الهشيم.
أخيرًا، بالنسبة للعولمة، أنت خلطت أيضًا في أول المقالة، لأن الإنترنت الذي تجلس عليه الآن هو جزء لا يتجزأ من العولمة التقنية، وجهاز الكمبيوتر، التي أتت مكوّناته من كل مكان في العالم، هو أحد معالم العولمة الاقتصادية، بل أن دبي هي هبة العولمة الاقتصادية، ولا شك.
العولمة وحرية التجارة الدولية أمران لا فصال فيهما في دنيا اليوم، في عام 2010، في ظل السوق التنافسية الرأسمالية…
تحياتي ومودتي
أظننا ننطلق من مبدأين مختلفين، فأنا أنطلق من الحضارة الإنسانية والتقدم العلمي، وأنت تنطلق من الخلافة الدينية والكرامة العروبية.
الحضارة بطبعها – رومانية كانت او أمريكية – هي ذات صبغة عولمية، تجتذب الناس من خلال نتاجاتها التقنية الباهرة، وتدفعهم أن يسيروا في تيار أخلاقياتها المتطورة التي تعتبر “مبتدعة” بالتأكيد عند مقارنتها بأي مرجعية ثابتة ــ كأخلاق مجتمع يثرب في القرن العاشر بعد الإسكندر.
ولولا النتاج الفكري والعلمي اليوناني الذي حفظته بعض المدارس الكنسية، لما قامت للإسلام بنية حضارية وتقنية جعلته يتمتع “بالعزة والكرامة” التي تتحدث عنها في أعلاه.
- أما بخصوص “هدم التماثيل” فهو ليس مجرد “فتوى”، بل هو حكم متواتر في أحاديث الإسلام لا يشكك فيه إلا العقلانيون والعصرانيون، الذين لا يخفون سعيهم لإنشاء “إسلام حضاري”، يتفق مع القيم الحضارية العالمية.
- وتيارات الإسلام السياسي ليست سوى مومياءات فكرية محنطة، حاولت إحياء الخلافة بعد أن أعلن الخليفة قبل الأخير بنفسه وفاتها (حيث سلّم نفسه للإنكليز) في عام 1924. ولم يكن لها دور عملي في المجتمع إلا محاربة الحضارة واغتيال القادة السياسيين والتيارات الثقافية الحرة.
- حين يقف العالم اليوم ضد “الإسلام السياسي”، فهو لا يستند “لحجة عدم الصوابية” كما عبّرت، بل يحتج بأن تنظيمات الإرهاب الإسلامي تستخدم العنف الغاشم ضد تجمعات مدنية عزلاء، لأجل نشر الخوف وترويع الآمنين، بهدف “استعراض القوة ورباط الخيل” وتطبيق الآيات الداعية للعنف.
- وأظنني أعلم سلفاً بأنك ستقول: ماذا عن الإرهاب الإسرائيلي؟
فأقول: إسرائيل هي دولة وقوة عسكرية تستخدم العنف، بحجة الدفاع عن النفس أو الرد على المعتدين، وهي لا تغلّف العنف الذي تقوم به بقشرة دينية لتبرير أفعالها ــ خلافاً لتنظيمات الإرهاب الإسلامي التي تطبق نصوص العنف من القرآن والسنة على من شاءت وكيفما شاءت.
ولكنها – رغم كل شيء – تسمح ديمقراطياً بظهور تيارات من داخلها تدعو للسلام والتضامن العلماني بين الشعب اليهودي والشعب الفلسطيني، مثل “غوش شالوم” التي أسسها الناشط اليساري أوري أفنيري.
في حين أننا لا نسمع أن الإسلام السياسي، او حتى الاشتراكية القومية، قد سمحا يوماً بتأسيس تيار علماني ليبرالي، يدافع عن حريات الأفراد والمجموعات وعلمانية الدولة.. لأن ذلك يتنافى مع الوحدانية الفكرية المتجذرة في رؤى هذين التوجهين.
اخي الكريم :
منطلقي الاساسي من كيان واضح جدا لم اكتسبه بالولادة بل اكستبته بالبحث والتقصي , هو شخصية عربية مسلمة متوازنة قدر الامكان .
الحكم على الاسلام السياسي حكم منقوص اليوم تماما لان كل الانظمة بدون استثناء جعلت عدوها الاول الاسلام السياسي والذي هو فكر الاغلبية رغم التباين الكبير بين تيارات متنورة متعلمة معتدلة ومتوازنة وتيارات ساهم القمع المفرط من قبل كل الانظمة العربية في تغذيتها كون هذا الفكر بصيغته المعتدلة ممنوع علنا وسرا ومقموع بشكل قاسي جدا.
منطلقي الاول هو مجتمعي , جذوري واصولي , تاريخي وحاضري , ونظرة مجردة لمن يسرق هذا الحق مني وانا من اهل العلم والمراكز المهنية المتقدمة للعلم , مشكلتي هي فيمن يعتبر نفسه على صواب ويخطئني و يفرض انه السلام وانني الحرب ولم يعرف عني شيئا .
ذكرت الجزائر واذكر انه عندما وصلت جبهة الانقاذ بالانتخابات الحرة النزيهة قان الجيش بتوافق داخلي وخارجي بين اركان النظام بالانقلاب على الديمقراطية التي يتنطح به الشرق والغرب , كما حدث في غزة , وكما يمكن ان يحدث في اي بقعة عربية .
رسالة جميع الانظمة الخالدة , ومن كانت خالدة وبادت , كالعراق زمن صدام مثلا , انهم كانوا هم الضابطين للتيارات الاسلامية وحماة مصالح الغرب , وهذا المنطلق هو الذي شوه صورة ايران اليوم لتصبح رهينة مصالح ضيقة وشوه صورة كل نموذج يقدم الاسلام ولكن المدجن كصيغة مثالية ولكن بعيدا عن السياسة وصناديق الانتخابات.
ما شاهدته في العراق , الوافد الجديد الى بحيرة الديمقراطية , من تجاذبات في نتائج الانتخابات حيث كلما تقدم فريق في استطلاعات الرأي يتهم الفريق الاخر لجان المراقبة بالتزوير والخطأ وووو, انها عقليتنا التي كرست خلال حاضرنا المزري بانن على صواب وكل من غيرنا على خطأ .
وجودي هنا دعوة ليكون للجميع الحق في ان يكونوا جزء من الحاضر والمستقبل و نا نخرج من قمقم مصادرة صواب الغير الة فساحة الاخذ والرد .
ودمتم اخوة طيبين .
أولا: لنكن صرحاء، فحركات الإسلام السياسي لا تعترف بالديمقراطية كآلية سياسية للتواصل بين الأحزاب وتبادل السلطة بشكل سلمي، ولكنها تعلن أنها ستستخدم الديمقراطية كوسيلة للوصول إلى السلطة، ومن ثمّ “تطبيق حاكمية الله”. تجد هذا المفهوم في تراث البنا والمودودي من السنة، والخميني والآصفي من الشيعة.
وما تراه اليوم في العراق من “تجاذبات” بعد الانتخابات هو نتاج بديهي للتنازع على “الحق في الحُكم” بين أحزاب كلها تؤمن “بحاكمية الله” في صورة “ولاية الفقيه”.. تماماً كما حصلت تجاذبات حول “العمل الجهادي” بين مجموعات إرهابية سلفية تابعة للقاعدة، ومجموعات أخرى غير منضوية تحتها.
ثانيا: الأنظمة الاستبدادية العربية لم تقتصر في الاضطهاد على حركات الإسلام السياسي “حفظاً لمصالح الغرب” كما تسميها، بل إنها بدأت باضطهاد عناصر من داخل النظام نفسه ــ كما فعل السادات في “تصفية مراكز القوى” عام 1971 وصدام حسين في “إعدام المتآمرين” عام 1979، قبل أن يبدءا باضطهاد الإخوان المسلمين وحزب الدعوة، على الترتيب.
وهذا الابتداء يدلنا على أنهم ليسوا مجرد “دمى طيّعة” لمصالح الغرب، بل لديهم مصالح خاصة يدافعون عنها ويشقون طرقاً دامية في سبيل تحقيقها. حيث أتيح لكل من السادات وصدام – بعد تلك المجازر السياسية والأمنية – الانفراد بالحكم في بلاده ونظامه، لا ينازعه أحد في المُلك، حتى اغتيل الأول وأطيح بالثاني.
ثالثا: هل لنا أن ننسى ردة فعل “الجبهة الإسلامية للإنقاذ” وجماهيرها السلفية، على تدخل الجيش الجزائري في الحُكم؟
ألم يتكونوا في تنظيمات إرهابية شنّت حرباً على كل الشعب، وسفكت أكثر من 150,000 نسمة بريئة على مدى عشر سنين؟
أو ما قامت به “كتائب ثورة العشرين” و “تنظيم القاعدة في بلاد الرافدين” من مذابح واضطهادات طائفية في وسط العراق وغربه، لأكثر من خمس سنين قانيات، في سبيل تأسيس “دولة العراق الإسلامية” المجرمة؟
مهما حاول بعض الكتاب تجميل صورة الإسلام السياسي، فلن يمكنهم أن يمحوا دماء ضحاياه – فضلاً عن إعادتهم للحياة – ولو بكل مياه المحيطات!
رابعا: ألاحظ أن كل “دفاعك” عن الإسلام السياسي استند إلى ما تعرضت له حركاته بشكل سبيلي passive، وليس إلى ما قامت به وهي في موقف فاعلي active.
فيمكنك أن تقول عن “حزب الله” : يا للظليمة! إن إسرائيل تقصف حزب الله بالصواريخ!
ولكنك لا تقول: عجباً! كيف يقوم حزب يدعي الشراكة الديمقراطية بنصب سيطرات في شوارع بيروت لمدة أسبوع؟ ولماذا يصرّح أمينه العام بطموحه نحو تأسيس “ولاية فقيه” في لبنان؟
خلاصة الكلام: الإسلام السياسي يستحق كل ما يتعرض له من ملاحقة ومحاسبة في العالم، بل ينتظره المزيد والمزيد ــ ذلك لأنه فكر أحادي تصفوي منغلق، لا يعترف بغير “حاكمية الله” المتجسدة فيه شخصياً.
أبدعت فأوجزت يا حيدر!
أرجوك أن تضع تعلقياتك الثلاثة في مقالة واحدة لنشرها هنا!
تحياتي
سأعيد صياغتها غداً.. فانتظروني.
الاخ الكريم , هل لك ان تقدم نموذجا لما تتكلم عنه ؟ هل انت تتكلم عن واقع ملموس ام عن جمهورية افلاطونية ؟
الحقيقة هي ان الاسلام السياسي وغير السياسي حقيقة واقعة يتم تهميشها عن عمد منذ بزوغ فجر الحركات الثورية العربية والتي هي اصلا نشات من رحم الاحتلال ومن زخم مخابراتي زرعه عبد الناصر وحقبته كتجربة عملية تحفظ للجيش سطوته ولمافيا الحكم تحصنها .
الفكرة هي انك بطرحك تناقض ما تطلبه , فانت تطلب الديمقراطية لنفسك وتسلبها عن غيرم معتبرا انه من المفروغ منه النقاش في حق الغير ( وان كانو اكثرية ) في الديمقراطية ؟
فمن اعطاك الحق لتكون على حق ؟ واين هو مثالك والتجربة التي ترسم صورتها عن علمانية ليبرالية حقيقية في الشرق ؟
ما انا منه , وهو مني هو الاسلام بشكله العام , وما يزعجني كثيرا مصادرة حقي في ان اكون ما انا عليه لصالح من يرون انهم على حق ويحظون بالقرب والحظوة لانهم قريبون ممن يحملون ذات الشعارات ولكنني لن اقول يفتقدون التطبيق حتى لا احذوا حذوك فاحرمك حقك واسلبك ما سيكون لك ( لو كنت اغلبية ) .
وكما عممت على انتخابات العراق التي تصفها بولاية الفقيه واوصاف اخرى , فانني احترم فيها انها تمثل رايا مختارا بحرية , وحتما وبشكل مطلق مهما كان خيار الاكثرية يجب احترامه , او هكذا تقول الديمقراطية الليبرالية التي تتميز نسختها العربية بانها تفترض صحتها وتخطئ كل من يجرؤ ويخالفها .
الطرح عام وبدون تخصيص
ولكم الشكر
دمتم طيبين
لم أكن أتحدث عن “الحق في الاشتراك” حين أشرتُ إلى المتبنيات الفكرية للإسلام السياسي، بل قلت أنه لا يستحق الديمقراطية لعدم اعترافه بشرعية ما يخرج عنها، باعتبارها “حكم ناس” و “جاهلية” في مقابل “حكم الله” المتمثل “بالكتاب والسنّة، على نهج سلف الأمّة”، أو “.. والعترة، ونائب الإمام الذي يمثلها”.
كل الإيديولوجيات التي تشترك مع الإسلام السياسي في الأحادية وإهدار دماء المعارضين، كالنازية والشيوعية، هي تيارات مزدراة بل ومرفوضة شعبياً في دول العالم الحر، التي جربتها وذاقت حرّ لظاها وسبحت في بحار النجيع التي سفكتها تلك الأفكار الشائنة.
ومما اشتركت فيه تلك التيارات مع الإسلام السياسي: توجهها نحو مصادرة الديمقراطية وإلغائها بمجرد وصولها للحكم، باعتبار أن “الأطروحة الكاملة” قد حصلت على الجمهور الذي ستفيض عليه بركاتها، وبالتالي لا داعي للعودة إلى “الضلالات الإنسانوية” أو “العفونة البرجوازية” أو “الجاهلية الكافرة”.
بعبارة أخرى: من لا يعتقد فكرياً بشرعية الديمقراطية كوسيلة لتمثيل الشعب وتبادل السلطة الحر السلمي، فهو ممنوع من الاستفادة منها ــ لأنه يضمر بالتأكيد نيةً لمصادرتها لصالحه والحكم باستبدادية مطلقة.
فالديمقراطية المعاصرة ليست “ماءً زلالاً” مباحاً لكل شارب، بل هي آلية سياسية يحتاج من يدخل فيها إلى تحقيق عدة اشتراطات فكرية ــ أهمها العلمانية والليبرالية.
فغير العلماني يمكن له أن يضطهد من يدين بغير دينه، أو يتوجه لغير قبلته، أو يعتاد بغير عاداته ــ لأنه يعدها “حقّانية لا شك فيها”..
وغير الليبرالي يمكن له أن يجبر الجميع على الانضواء في ظل إيديولوجيته، والعمل على تطبيق “خطّته” ــ لأنه على استعداد لتقديم كل أشكال الأدلة والتلويحات التي تساند فكره، وفي نفس الوقت لقمع وحرق واغتيال كل الكتب والتصانيف والكراسات التي ألفت في نقدها أو تصحيحها أو حتى تفنيدها.