يوليو 1962
كانت ثورة يوليو قد قامت بإصدار قرارات التأميم و قرارات الاصلاح الزراعي ثم قرارات تعيين خريجي الجامعات في الحكومة بلا استثناء وهو ما خلق فئة كبيرة بيروقراطية بلا عمل او تثقيف حقيقي بالإضافة الى ارتفاع اسهم العمال والفلاحون دون وجهه نظر سياسية او تعليم مناسب وفى ذات الوقت انتشر في المجتمع المصري الفكر الاشتراكي على يد تنظيم ثورة يوليو السياسي “الاتحاد الاشتراكي او هيئة التحرير او الاتحاد القومي كلها مسميات لشيء واحد” الذى بدأ بتنظيم المحاضرات والتوعية للجماهير عن الاشتراكية وانتشرت جرائد منها “روز اليوسف” و ” الطليعة” وكانت علاقة مصر قد توطدت مع الاتحاد السوفيتي بعقد صفقة اسلحة عام 1955 ثم بعدها ساهم خبراء السوفييت في انشاء السد العالي.
راقب الاخوان التحولات الاجتماعية و الفكرية و الاقتصادية السابقة ومع نمو المد الاشتراكي و الفكر العلماني كانت فرصتهم لضرب ثورة يوليو أيديولوجيا حيث بدا حديث شيوخهم بنبرة ” أن كل امور الدولة في يد الملاحدة الشيوعيين” ” إخضاع الدولة لطواغيت ثورة يوليو 1952 قد ابعدنا عن تحكيم شرع الله في أرضة.”
لعزلة الاخوان و وجودهم في المعتقل لخطورة افكارهم و تنظيمهم على المجتمع والامن العام رفض مفكريهم المجتمع المصري خاصة وكل المجتمعات عامة لأنها مجتمعات كفر حتى لو كان فيها مسلمين نطقوا الشهادتين واقاموا شعائر العبادة فنطق الشهادتين لا يكفى لكى نكون مسلمين!! فظهر كتاب لمفكرهم “سيد قطب” بعنوان ” معالم في الطريق” عرض فيه افكار متطرفة متأثرا بكتاب للمفكر الباكستاني المتطرف “أبى الاعلى المودودي” صاحب كتاب “المصطلحات الأربعة” وجاءت افكار هذا ال “السيد قطب” على هذا النحو باختصار:
· اننا نعيش في مجتمعات “جاهلية” مهما حققنا من تطور مادى فنحن “جهلاء” لأننا اعتدينا على سلطة الله في ارضة واستندنا الى “حاكمية” غير الله فوضعنا قوانين وشرائع وضعية وانظمة و اوضاع نحتكم اليها بمعزل عن منهج الله للحياة!!
· “الحاكمية” ليست فقط تحكيم “شريعة الله” وانما هي العودة لأصول الاخلاق واصول الاعتقاد واصول الحكم واصول النشاط الفكري والفني!!
· المجتمعات عامة و المجتمع المصري خاصة بكل مقوماته الثقافية الفكرية و إرثه الحضاري و الثقافي و العادات و التقاليد نظام القضاء و نظام الحكم مجتمع جاهلي كافر لأنه قبل الاحتكام لغير شريعة الله و وظيفة الاسلام هي القضاء على الجاهلية و اقصاءها من الحكم.
· لابد لكى يقوم الحكم الإسلامي الصحيح ان ننتزع السلطة من يد العباد وترد القوانين الى الله وشريعته ولابد من معركة بين النظام القائم ونظام المجتمع الإسلامي الوليد المنفصل عن المجتمع الجاهلي ولا سبيل لكى يتقابل المجتمعان في منطقة وسط فكل ارض تُحارب المسلم في دينة وتعطل شريعته هي دار حرب ولو كان فيها أهلة!
اتحفنا هذا ال” سيد قطب” بكتابة المليء بأفكار وكلمات فضفاضة تفتقد آلية التنفيذ فلم يصدر مع كتابة ملحقًا او كتالوج لشرح كيف نكون مسلمين حقا حتى نرضيه طالما ان نطلق الشهادتين والقيام بالعبادات كما امرنا الله سبحانه وتعالي كلُّ حسب استطاعته ومقدرته البدنية و الروحية طالما هذا غير كاف ونحن كما يرانا كفار لماذا لم يصدر له كتالوج لشرح وصفة جيدة للإيمان!! ربما انحصر الايمان عنده في كلمات ( دار حرب – معركة – المجتمع الجاهلي – كفار – طواغيت ثورة يوليو)
لاقت افكار “سيد قطب” هوى في نفوس شباب الاخوان “المستعدين نفسيا للتطرف والانغلاق” داخل المعتقل وخارجة وكما يذكر “عمر التلمساني”: انتشرت افكار سيد قطب عن الجاهلية والتكفير وانحاز كثير من شباب الاخوان للفكرة.
انتهت قصة “سيد قطب” بإعدامه يوم 29 اغسطس 1965 ولكن لم ينتهى تأثيره فقد كانت أفكار “التكفير” ، “الحاكمية” “الجهاد” قد تركت اثرا في شباب الاخوان واصبحت اساسا فكريا لجماعات اكثر عنفا وتطرفا.
تنظيم “صالح سرية”
هو “صالح عبد الله سرية” فلسطيني كان عضو في “حزب التحرير الإسلامي” الذى أسسه ” تقى الدين النبهاني” سنة 1950 كرد فعل لهزيمة الجيوش العربية في فلسطين وكان هدف الحزب: الاستيلاء على السلطة بالقوة واقامة المجتمع الإسلامي.
جمع “صالح سرية” بين فكرتين : فكرة سيد قطب عن تكفير المجتمع القائم وفكرة حزب التحرير الإسلامي في الاستيلاء على السلطة.
رأي “سرية” ان فشل “الاخوان المسلمين” في الاستيلاء على السلطة راجع الى فكرة التدرج الاخوانية في السيطرة على جهاز الدولة وكان يرى ان الاتجاه الصحيح هو الانقضاض على سلطة الدولة عن طريق انقلاب ثم بعدها تكوين مجتمع إسلامي (حسب اعترافاته).
استكمل “صالح سرية” تنظيمه و يوم 17 ابريل 1974 حاول الاستيلاء على “الكلية الفنية العسكرية” ولكنه فشل وتم القبض علية ولاقت هذه المحاولة استنكارا من الجماعة لأنها كانت اول محاولة للوصول للسلطة عن طريق جماعه اسلامية غير الاخوان انفسهم!!
الاسلام ممن استغله لمصالحة براء.. الحمد لله على نعمة الاسلام وكفى بها نعمة.
يتبع…
4 تعليقات على تاريخ وجرائم جماعات الإسلام السياسي في مصر ( 2 ): فكر سيد قطب وتنظيم صالح سرية
شكرًا رانيا. سلسلتك رائعة.
عندنا على الموقع هنا مقالة مهمة جدًا عن صالح سرية، وسلسلة قريبة من سلسلتك:
http://ar.mideastyouth.com/?p=7324
في انتظار باقي السلسلة مع رجاء مزيد من التعمق في الرصد و التفاصيل..
سلسلة جيدة فعلا-هذه التفاصيل الكثير يجهلونها و آخرين يعرفونها و يتجاهلونها – عموما شكرا على السلسلة
شكرا على مجهودك لكن للأسف المقال لا يوجد به جديد