وكانت فتنة طائفية في ذلك اليوم… كلمتان سيذكرهما التاريخ ممكن أن يُعبرا عن مائة ألف مواطن قتل وذبح وعشرات الكنائس تدمرت أو بلد اتقسمت إلى حرب أهلية بسبب فيلم مسيء.

فيلم مُسيء، رسومات مسيئة، كتابات مسيئة!!، من أعطى صفة الإساءة اللاحقة بالشيء لتصبح جزء منه!؟، وهي الحكم والتذوق والتجني على باقي الآراء المختلفة التي تسمح بالتنوع!؟. لماذا لا نقبل بدخول مدراس النقد في العلوم الدينية الإسلامية كما أدخلناها في العلوم الإنسانية والطبيعية والفلكية!؟.

عزيزي المسلم، قبل أن تأخذك الحماسة وتسنّ سيفك وتجري إلى السفارة والكنائس للحرق والتخريب والصراخ والعويل والسب والشتائم، فكر قليلا، هل المسلمين بهذه الأعمال ينصرون أو يعبرون عن معتقداتهم أم لا، هل الله ينتظر منهم هذه الأعمال لنصرة نبيّه!؟. أعتقد أن نفس الإسلاميين الواقفين الآن عند السفارة لنصرة النبي، هم من رحبوا بالسفيرة وقالوا انه نصر للإسلام وامريكا خضعت لهم، الموضوع مجرد لعبة لتمرير المحافظين الجدد وتحويل فورة الشعب من اللانقلاب ضد الحكومة والبرلمان الجديد ورؤساء النقابات الإخوان المستفيدين في ظل التشتييت الحادث.

في مثل هذا اليوم، حينما قام بن لادن بتفجير البرجيّن صرخ الجميع أنه لا يعبر عن الإسلام ولا المسلمين ولا يمثِّل إلا نفسه فالدين براء منه ومما فعل، ولكن اليوم حينما قام موريس صادق، لو صح الخبر، بعمل هذا الفيلم، يسعى الإسلاميين الظلاميين أن يؤخذ بذنبه كل المسيحيين في مصر!!!؟ أفلا تعقلون.. إحرق إنجيل.. إحرق مصحف، في رأئي الشخصي، إنها حريتك، طالما أنت من يدفع ثمنهما، الأديان لا تتوقف على حفنة أوراق أو كلمات مسطورة، أنت لست مُطالب بإحترام مقدسات غيرك وبالتالي الآخر غير مُطالب بإحترام مقدساتك، التقديس مفهوم نسبي فضفاض جدًا، والدولة بلا قانون ولا سيادة الآن.. هل ننتظر حرب أهلية قريبًا!؟.

الموضوع بدأ يتحول لكوميديا سوداء مبكية مضحكة، المُسلم يرفع راية الإسلام وإلا حبيبى رسول الله وكلنا فداك والموت للكفرة الخنازير، وهو من الأساس لم يشاهد الفيلم ولم يعرف محتواه ولم يعرف إلى من يذهب للشكوى، المسيحى المصرى – الجبان بطبعه- مات خوفًا من رد فعل الإسلاميين باعتبارهم قتلة وسفاحين من الأول، وبدأ الجميع يعتذر ويتذلل ويُداهن كأفراد ثم مؤسسات حقوقية ودولية حتى وصل الأمر للكنيسة الأم نفسها، الفيلم ربما تافه وسطحى للغاية ولا يستدعى كل هذه الضجة، الآن في إنتظار حرق بعض الكنائس وترحيل أقباط مسيحيين من قراهم، وتشريدهم من وظائفهم، إنه السيناريو الطبيعي اللاحق لكل فيلم، ولأننا لا نتعلم من التاريخ سيظل يُعيد نفسه بلا توقف… إرحموا أقباط مصر وأقلياتها حتى لايموتوا رعبا قبل صلاة الفجر!!.

 والمدهش موقف بعض النشطاء، أو من يسمون أنفسهم كذلك، حينما ينادون قائلين: “يجب تجاهل الفيلم تمامًا، دع الكلاب تنبح ولا ترد على نباح الكلب”، حضرتك تشبّه الناس بالكلاب!!؟، وتتجاهل وتهرب ممّن يحاورك في خطاب إنساني ندي!!؟، لو أخذ مبدأك وفعله الناس في قديم الزمان مع يسوع أو محمد وإعتبروهما كلاب تنبح وتجاهلوهما، مع كامل إحترامي وإجلالي لهما، هل كان سيبقى دين أو فكر حتى الآن!!؟. أعتقد أن الوحدة الوطنية لا تأتى بالهتافات والشعارات وتوزيع البيانات، ولا تأتي برسم لوحات وجرافيتي في الشوارع، أو علب شيكولاتة وفرنشات بين الكهنة والشيوخ، الوحدة الوطنية تأتي أولا بالإستقلال الوطني وترسيخ مبدأ المواطنة داخل وطن، ونشر قيم ومبادئ المساواة والحرية في ظل قانون سيادي يحترمه الجميع بالعدل.

للتوثيق: الفيلم منشور أول مرة بتاريخ 2 يوليو 2012 في بروفيل يوتيوب لشخص يدعى سام باسيلي، ثم عاد نفس الشخص ورفعه منذ أسبوعين يوم 4 سبتمبر مدبلج باللغة العربية بأصوات شبه معروفة، والسؤال هو :بين التاريخين ماذا حدث، ومن هو مخرج الفيلم المرفق رقم تليفونه في الإنفو، ولماذا تم دبلجة الفيلم باللهجة المصرية خيصيصًا!؟، وما سبب إثارة الضجة على الفيلم الآن رغم إنه منشور منذ شهرين أساسًا!!!؟.