دعينا قبل أيام، إعلاميون وكتاب وأدباء أردنيون للمشاركة كممثلين كومبارس في تمثيلية هزلية تم استغفالنا خلالها من حيث لا ندري، وذلك من خلال جلستين في مجلس النواب الأردني مع لجنة التوجيه الوطني لمناقشة قانون المطبوعات الأردني الذي أقر مؤخرا.
وفي الحقيقة لم نكن وحدنا بل أستغفل معنا ثلة من رجالات الأردن ومفكريه وأصحاب مواقع إعلامية وسياسية مؤثرة. قيل لنا أننا سنناقش قانونا للمطبوعات والنشر يزمع إقراره، ودعينا لإلقاء الكلمات وكتابة المداخلات ضمن مشهد مرتب دون أن يعلم أي منا أن كل ما نقوله ونكتبه ما هو إلا عملية قصد بها الإستهزاء بالحضور أولا، والإستعراض أمام الإعلام العالمي ثانيا، والتعرف على الأشخاص وتوجهاتهم وليس أراؤهم نفسها ومقترحاتهم ثالثا. في نهاية اللقاء الثاني، صرفنا بطريقة مهينة، تقبلناها في ذلك الوقت بسذاجة ولم ندرك وقتها أنها جزء من سيناريو الإهانة والإذلال الذي كتبته الجهة التي وراء قانون المطبوعات والنشر سيء الذكر.
لاحقا أقر القانون وبسرعة خيالية قال عنها معالي الدكتور محمد الحموري أنها “صاروخية” لم يسبق لقانون أن أقر بها، وصيغ القانون في عبارات مطاطية، ألغى من خلالها كل القوانين والتعليمات السابقة منذ تأسيس المملكة وإعلان الدستور الأردني وحتى تاريخه. وتعارضت فقرات القانون حتى مع روح الدستور الأردني بل وما تنص عليه الأعراف العالمية. صوّت المجلس على القانون، ثم صوّت مجلس الأعيان على ذات القانون، وحصل على موافقة بأغلبية مدهشة، مثيرة للإستغراب. قبل ليلتين من جلسة مجلس الأعيان اجتمعنا مع رئيس مجلس الأعيان دولة السيد طاهر المصري، وتناقشنا في مواد القانون وأوضحنا مثالبه من وجهة نظرنا، واعتقدنا أو خيّل لنا أن هناك توجها ما لتعديل القانون بما يتناسب مع ما خالفه من دستور ومنطق وما هو مقبول به عالميا ودوليا، وما هو قابل حتى للتطبيق لدى كبريات الشبكات والمواقع الإلكترونية مثل ياهو وغوغل اللواتي حضر مندوباها للإستيضاح وتوضيح مدى مخالفة هذا القانون لما يتم لديها فنيا وقانونيا وحرفيا.
وكمواطن وككاتب وسياسي ومتابع لما يجري في وطننا فإنه لا بد من التساؤل حول السر في التعاطي مع هذا القانون كحاجة قصوى طارئة جدا، ومعاملته كأولى أولويات إهتمامات الحكومة!
بعد ذلك جرى اجتماع داخلي بين جمعية الكتاب الإلكترونيين وجمعية الصحافة الإلكترونية وتنسيقية المواقع الإلكترونية، تم الإتفاق خلاله على بناء خيمة اعتصام احتجاجا على إقرار القانون، ومناشدة جلالة الملك لعدم التصديق علىه. إلا أن القانون حصل على المصادقة وسيصبح ساري المفعول بمجرد نشره في الجريدة الرسمية التي أعتقد أن ملحقا خاصا بها هو تحت الطبع نظرا لضرورة البدء في العمل به من وجهة نظر الحكومة.
أقيمت الخيمة تحت شعار “تنفيذ الرؤية الملكية للإعلام الإلكتروني ورفض التشويهات الحكومية” لإيمان الجميع بأن التوجهات الملكية تمنع تقييد الحريات بهذه الصورة المهينة، كما أنها ( أي الإرادة الملكية ) على إطلاع وتواصل عالمي أكثر بكثير من الحكومة الأردنية ونوابها وأعيانها الذين نعلم جميعا أن بينهم الكثيرين ممن لا يزالون يجهلون كيفية التعاطي مع أجهزة الكمبيوتر بل وحتى مع أجهزة الهواتف الخلوية، وأجزم أن بعضهم لا يعرف فيها أكثر من الإتصال وإنهاء الإتصال وأحيانا إضافة إسم، أما كتابة الرسالة وتعديلها واستخدام الكثير من التطبيقات الحديثة مثل “فايبر” و “واتس أب” والتي تعرفها حفيدتي ذات عمر السنتين فهي بالنسبة لبعضهم من الأمور المعقدة شديدة التعقيد التي لا يجرؤون حتى للإقتراب منها.
وليعذرني زملائي من الإعلاميين والكتاب الذين اعتقدوا بإستحالة إقرار مثل هذا القانون نظرا لمعارضة الرئيس الأمريكي كونه يسيء إلى الحريات التي “تتنطّز” أمريكا للدفاع عنها فأقول، أن من وراء إقرار هذا القانون هي أمريكا نفسها ومن خلفها إسرائيل. إن سرعة إقرار هذا القانون هي ما يجب أن يدفعنا للتفكير في تنفيذ المخطط الأمريكي – الإسرائيلي في المنطقة التي ما كان إغتصاب وإحتلال فلسطين أول أهدافها واستهداف الأردن ضمن مخطط كبير لتغيير البنية الديموغرافية والسكانية والسياسية للأردن آخر أهدافها مرورا بما يحدث في سوريا ومصر بل والعراق وغزة أيضا. إن تنفيذ المخطط وأكثر مراحله حرجا والذي يتوازى مع ما يحدث وسيحدث في سوريا، يتطلب إخراس الأصوات وتكميم الأفواه والتكتم إعلاميا على الأحداث.
ولفهم ما وراء القانون يجب أن نفهم لماذا الأردن بالذات! بالتأكيد ليس لدينا في الحكومة – كما أسلفنا – جهابذة كمبيوتر وإنترنت، ولا حتى في برلماننا الموقر، وبالتالي فإن اختيار الأردن بالذات كان لتمرير مرحلة معينة سيحدث خلالها ما يتوجب إسكات الإعلام ولو لوقت محدد، فمن كان وراء القانون يعرف عمليا باستحالة تطبيق بنود هذا القانون الأبتر.
نعم إن هذا القانون يتعارض مع الرؤية الملكية التي تعارض تقييد الحرية الإعلامية بهذه الصورة المهينة. نؤمن جازمين أن الإرادة الملكية تريد أردنا حضاريا، مثقفا، يمارس دوره الريادي العالمي في إظهار دور الإعلام. تريد الإرادة الملكية محاربة الفاسدين وكشف بؤرهم، وما كان تسرّي جلالة الملك متخفيا بين المواطنين في الدوائر الحكومية إلا بحثا عن بؤر الفساد لتطهيرها من الأشرار والمتنفذين والكسالى أيضا والمتربصين للأردن بالشرور.
ونحن غالبية العاملين في الوسط الإعلامي، إذ نرفض هذا القانون – عملا بالتوجهات الملكية وتنفيذا لحلم جلالة الملك المعظم – فإننا نعلن العصيان الإلكتروني، ولن نتوقف عن الكتابة عن كل ما يسيء إلى الأردن إبتداء من القضايا البسيطة التي تهم المواطنين، مرورا بفضح الفاسدين إلى فضح ومقاومة المخطط الأمريكي الصهيوني. إذا كان الثمن غرامات فسندفعها أياما في السجون فليس لدينا مالا نقديا ندفعه، وإن كان الهدف اعتقالنا فسنقضي أيام الإعتقال سعداء ببناء أردن أجمل للقادم من الأجيال. نعلم جميعا أنه إذا أغلق أمامنا فضاء الأردن مؤقتا ففضاء الكون مفتوح. سننشر كتاباتنا في كل مكان ولن يرهبنا هذا القانون الأبتر ولا هذه الحكومات التي تجهل بديهيات العمل الإلكتروني ولا تعرف كيف يعمل الإنترنت.
نعم إن جلالة الملك يعلم أكثر من كل هذه الحكومات أن مصلحة الأردن أولا وأخيرا هي عدم تقييد الحرية الإعلامية التي تقع على عاتقها مسؤولية فضح المخططات الصهيونية. إن كل أطراف العملية الإعلامية تعلم وتؤمن يقينا أن مصير هذا القانون قريب إلى الإلغاء وإن كان بعد النظر الملكي يرى شيئا مختلفا مرحليا، فإننا نفهم جلالة الملك أفضل مما فهموه، ونحن على الأقل نقتدي بنهجه ولا نعمل بتوجيهات خارجية، أمريكية – إسرائيلية.
وليد السبول
رئيس جمعية الكتاب الإلكترونيين الأردنيين
[email protected]
تعليق واحد على ماذا ومن وراء قانون المطبوعات الأردني؟
جلالة ملككم المعظم ووالده و جدهم المعظم أيضاً جزء من ترتيب إجنليزي إنتقل ليد الولايات المتحدة لتأمين وضعية دولة اقترحها نابليون و نفذتها انجلترا و احتضنتها امريكا لأغراض سياسية و اقتصادية ، فلا تتصور حقاً أن بالامكان الاعتماد على العالم الخارجي لمواجهة قانون يقر ببرلمان جلالة الملك الهاشمي ، عليكم الإحتجاج ضده دون ثورة بأبسط الطرق طريقة غاندي..
تحدوا القانون و اجعلوهما يعتقلونكم بالمئات ثم الالالاف و ارفضوا دفع الغرامة و اثيروا الرأي العالمي المستقل عن الحكومات لتجبروهم على تغيير القانون ، الأردن الان تزيد خيطاً على خيك لنسج شبكة كبيرة تحمي جلالة الملك المعظم من أي تغيير (مع ثقتي ان اي محاولة تغيير ستواجه بما واجه به العالم ثورة البحرين) ، إنتفضوا بأقلامكم و اصنعوا أبطالكم لتفضحوهم بأيديهم إجعلوا القانون إنقلاب مبكروفوني كإنقلاب الجنرال تليفزيون الشهير بلبنان..
انتفضوا مع إمامكم غاندي و ثقوا أن قوة الاردن أقل بكثير من قوة الهند الانجليزية..