يتملكها الخوف والقلق فاليوم ليس كأي يوم عادي,أنه يوم مصيري سيغير مسار حياتها من الأسوء الي الأحسن أو العكس,منتظرة هي
وماأصعب لحظات الأنتظار السخيفة التي وأن تعلقت بأنتظار شيء مصيري تصبح مخيفة,صدرها يعلو ويهبط سريعا وأنفاسها مظطربة ودقات قلبها أسرع من دقات عقارب الساعه بل وأعلي منها صوتا ليس اسرع فقط,مظطربة تنظر حولها وخلفها وامامها تنظر الي كل الأتجاهات باحثة عنه فهو قد وعدها بالأمس أنه أتي ومعه الخبر الذي سيسعدها ويسعده,فلقد ذهب الي ادارة التجنيد هذا الصباح كي يحصل علي شهادة الأعفاء لأنه العائل الوحيد لأسرته التي تملك أرض صغيرة تقتات منها,هو العائل الوحيد لأخ معاق ورجل عمره 55 عام ولكنه بسبب المرض أصبح عمره الظاهر هو 80 عام وربما أكثر فهو كهل ضعيف,وأمه مرأة عجوز ايضا لا حول لها ولاقوة,أسباب كثيرة تجعله مستحقا للأعفاء ,أسباب طمئنته وطمئنت محبوبته التي تنتظره بشغف وخوف من أن يلتحق بالجيش ويزوجها أباها الي غيره ,فهي ترغب فيه بقوه كما يرغب فيها هو وأكثر, ولاتريد العيش مع غيره ,فهم يربطهم شيء أكبر من كل العقود والمواثيق والأوراق الصماء التي لاتعرف الأحساس ,فهم يربطهم الحب,ولكن من الممكن أن يتوقف حبهم بسبب عادات وتقاليد بالية أكل عليها الدهر وشرب,فالأم لاتقبل أن تظل أبنتها بنت ال21 عام مرتبطة بشخص لمدة سنة ,معتقده أنها هكذا ستكون فريسة للعنوسة فأقرانها سبقوها منذ 4 سنوات و3 سنوات وتزوجوا ,في سن أصغر منها فمنهن من تزوجت في سن السابعة عشر ومنهن من تزوجت في سن السادسة عشر والثامنة عشر ,لذا تنظر الأم لأبنتها علي أنها عانس ,وايضا تحمل أمها بعض الظنون السيئة تجاه الحبيب فهي تعتقد أنه من الممكن أن يترك ابنتها ويخطب غيرها ,شكوك مبنية علي ظنون وايضا علي عادات بالية فالمصريين عموما لايحبذون ان تطول فترة الخطبة ,ويعتبروها شيء ذميم في المدن فما بالك بالقري ,

تكاد الحلوات كلها وهي قرية بمحافظة الشرقية أن تسمع صوت دقات قلب هذه الفتاه المسكينة ,التي يقتلها الأنتظار بدم بارد وببطيء ,تخشي المفاجاءة التي من الممكن أن تميتها من الحزن أو من الفرحة فكلا الشعورين يعتبر صدمة و المفاجاءة كالرسالة المغلقة ,ليس لها سوي احتمالين اما خبر حزين اما خبر سعيد,تنتظر تترقب تنظر حولها ولكنها لاتجده فهو لم يصل حتي الأن ,تطمئن نفسها وتقول أن تأخيره خير أتي وأنه بالتأكيد يحمل خبر سعيد ,ولكن قلبها مقبوض وكأنه يعلم شيء ويخفيه عنها ,مابين تفائل وتشائم وشكوك وتفكير وترقب وأنتظار ,مرت ساعة من الأنتظار مرت وكأنها 100 يوم

بدأ الخوف يملئها أكثر وأكثر والشك والقلق تسرب الي قلبها ,والحيرة زاد معدلها ,شك وعدم تيقن فصوت القطار هو من يجعلها تترقب وتتوجه أنظارها تجاه المحطة تبحث بين القادمين عنه ,لم تنتظر كثيرا ومدت يدها باحثة عن هاتفها كي تتصل به وتطمئن ,ولكنها تذكرت أنه قد تركه بالمنزل فهو اراد ان يجعلها تنتظر الخبر اعتقادا منه أنه سيكون خبر سعيد وسيتبعه احضان وقبلات هيسترية من هول المفاجاءة,ولكنه زاد من قلقها ظلت تنظر وتترقب حتي ظهر من هناك من بين كل هؤلاء شخص يسير ببطيء من شدة الضعف والوهن وكأنه ابن ال60 عام يسير وكأنه جندي مهزوم هارب من رحي المعارك ,ماهذا ؟؟؟ تتحدث هي متعجبة نظراتها تتجه صوبه ,متعجبة مندهشة نوعا ما فهي تعرف هذا الضعيف ,أنه هو الحبيب ولكن خطاه لاتطمئن ,وملامح وجهه لاتبشر بأي خير ماذا أصابه ياتري؟؟؟؟ تتسائل حائرة متمنية أن يخيب ظنها وشعورها ,الذي يشير الي انه يحمل خبر سيء

وصل اخيرا هذا الشاب المسن اليها لم يتحدث واكتفي بالنظر اليها صامتا لم يلقي حته السلام وكأنه فقد النطق والقدرة علي الكلام,وفي هذه اللحظة تيقنت أن ظنونها السيئة تحققت وأن قلبها الذي لم يكن مطمئن كان علي حق,صمت يسود المكان وكأن علي رؤوسهم الطير,فهو وهي لايسمعوا ماحولهم من ضجيج الركاب العائدين او المسافرين المتجهين والخارجين من المحطة,انفصلا عن العالم واستغنوا عن لغة الكلام بالسان ,وتحدثت العيون بلا كلام,تحدثت العيون بنظرات انكسار يائسة,نظرات حزن بائسة ,ودموع محتبسة بعينه فهو رجل والرجال تخشي تساقط دمعها حتي لايبان الجزء الضعيف بها,بينما هي لم تستطع وتساقطت الدموع منها كالأمطار ,ثم ألقت اليه نظرة تجمع مابين الشفقة وقلة الحيلة والأحباط ,ثم تراجعت الي الخلف وتركت المكان سريعا وكأنها تريد النسيان

لم يذهب الي منزله وكيف يذهب الي هناك بهذا الخبر السيء كيف يذهب ويقول لهم أنه سيتركهم عامين,دون رعايا دون اموال ينفقون منها دون أشياء كثيرة ,كيف يذهب الي أمه التي كانت في الصباح قلقة من هذا الخبر وتمليء عيونها نظرة احتياج للأبن الذي يعولها ويعول أبيه كيف؟؟؟ يعود لها بهذا الخبر المشئوم,ذهب الي مكان اعتاد الجلوس فيه كثيرا وهو شاطيء الترعة الغربي,صار في الطرقات هائما علي وجه يفكر ويفكر,بعدها وصل الي هناك حيث صومعته الفكرية التي يقرر ويفكر فيها في كل الأمور منذ نعومة اظافره,وصل وضع حقيبته ارضا,ثم جلس وأشعل سيجارته ينفخ فيها مرار الزمان وهمه ثم بدأ يتحدث الي نفسه كالمجنون

ضاعت الحبيبة وذهبت بلا رجعة وتخلت عني…..وحكم علي اهلي بالتشرد لمدة عامين فأنا من كنت أعولهم ……وحكم علي بالحزن والشقاء ….وفقدان الأمل والضياع….لقد ضلت السعادة عنواني ….بينما عرفه الحزن ودق بابي ….وهو ضيف غير مرغوب فيه….ليس هذا فحسب بل اصطحب معه ضيوف اخرين فدعي الشقاء والبئس والكئابة والضياع واعطاهم عنواني هم الأخرون..

واستغلني حفنة من الجنرالات تحت مسمي خدمة الوطن …وأرادوا تجنيدي اجباريا لخدمتهم وليس كما يدعون خدمة الوطن….فخدمتهم خدمة الوطن …وخدمة الوطن خدمتهم…فحراسة مزارعهم وفنادقهم وأراضيهم هي خدمة الوطن ….والعمل بالسخرة هو خدمة الوطن….والحصول علي راتب 150 جنيه وأقل من هذا يسمي خدمة الوطن….ايها الوطن كم من عائلة تشرد وشباب يضيع حلمه ويموت أمله وأحيانا يقتل وتقبض روحه تحت مسمي خدمتك

أ عاهرة انا ؟؟؟؟؟ بلا ان العاهرة أشرف وأنظف فهي تؤدي عمل بالأجر….بينما أنا سأعمل دون أجر ……فالعاهرة من الممكن أن تكون أشرف مني فهي تبيع شرفها لتعول اسرتها….بينما أنا سأبيع نفسي بلاثمن وستشرد أسرتي بلاذنب…….تبا لي

لا تبا لهم فهم من فعلوا بي هذا بقانونهم اللعين ….وبنودهم الحقيرة التي لاتطبق…..هم من فعلوا بي هذا بعدم احترامهم لأرائي ورغبتي …….هم من فعلوا بي هذا لعدم انتقائهم لمن يستطيع ان يعيش الحياة العسكرية …ومن لايستطيع..فهم يريدون أن نكون كلنا عسكر

لا وألف لا لن أترك أرضي وعملي ….لن أترك أبي وأمي لن ادمر حياتي…لن أترك محبوبتي لن أرحل عن قريتي …لن أنضم لهؤلاء ….أهلي أولي بعرقي وتعبي فعندما أراعي أمي وأبي وأخي المعاق سأنقذ بلدي من زيادة عدد المشردين وسانقذ كرامتي وكرامتهم وسأحافظ عليها …..وعندما أتزوج من محبوبتي سأحقق السعادة لي ولها وسأنقذها من زواج شخص لاترغب في العيش معه وربما تتركه وتنفصل عنه وتفشل حياتهم الزوجية

بلدي يدافع عنها الجميع ولكن كل من موقعه العسكري يحمل السلاح والفلاح يحمل الفأس …والعامل يحمل معداته والطبيب سماعته وووووو……………….الخ ,الأختصاص هو أساس كل شيء وهو أساس التقدم,فهم يدفعونا لحروب تمليء جيوبهم أموال وأكتافهم نياشين بينما نذهب نحن شهداء وتذهب أرواحنا بلاثمن,الثمن الوحيد لأرواحنا هو بعض الجنيهات تدفع كدية وتكريم رمزي ينسي مع الوقت,فنحن بالنسبة لهم مجرد أرقام وأعداد,لاقيمة لها,لذا يجب أن نصبح أعداد لها قيمة,فالعدد القليل كما هو مثلا في جيوش العالم يعطي الجندي قيمة انما العدد الكبير لايعطي الجندي لاقيمة ولاتدريب ولا رعاية ولا أي شيء,فهو مجرد رقم من الأرقام ,الذين تم وضعهم وفقا للقانون 505

رخاص الثمن ياوطني…بأبخس الأثمن أرواحنا…وكرامتنا….وحريتنا…نهبك الحامي…وسخرني لخدمته وحماية مانهب فهل ترضي ؟؟؟؟ أن أحمي مانهب ….وأن أبطش في من يعارضه؟؟؟؟؟ ويريد حمايتك وعزتك؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟

.لن أذهب لن أنضم….لا لتجنيدهم الأجباري…المقيد لحريتي ….والمدمر لحياتي