مع احتلال الشيوخ للفضائيات العربية فى السنوات العشر الاخيرة مابين شيوخ التطرف وشيوخ التجميل وشيوخ الاعتدال ، تطل علينا الدكتورة سعاد صالح – عميد سابق بكلية الدراست الاسلامية – بميولها الاعتدالية مع اصرارها على اعتبار نفسها مفتية وليس مجرد داعية اسلامية .
لايعنيا اذا كانت مفتية او داعية ، ولكنى رأيتها يوما تقول ان الاسلام اعطى للمراة حقوقا تصل الى 230 ( ليس هناك حطأ فى الكتابه ولكنها قالت ذلك – 230 حقا اعطاها الاسلام للمراة … !!! )
وقدحت زناد فكرى ( كما يقولون .. !! ) وبحثت ونقبت عن هذه الحقوق فلم اجد سوى ثلاثة من هذه الحقوق المنقوصة ( ومن لديه المزيد من السادة القراء او الاخوة الزملاء ارجوه ان يذكرنى بها ) واقول منقوصة لانها ليس حقوقا مطلقة كما سنرى :
ـ نصف الرجل فى الشهادة ( ورغم انه نصف الا انه ايضا لايكون الا فى المواريث فقط لاغير وليس لها حق الشهادة فى قضايا الحدود او غيرها من القضايا ) .
ـ ـ حقها فى الاحتفاظ بميراثها من والديها على الا تتصرف فيه الا بموافقة زوجها ( حق مع وقف التنفيذ ) .
ـ حق الطلاق للضرر ، وان كان معمولا به فى الدول الحضارية مثل مصر وتونس والمغرب ….. الخ ، الا انه مرفوض فى جزيرة العرب .
وفى مقابل هذه الحقوق الثلاثة المنقوصة للمراة نجد سيلا من التبخيس من التراث والاحاديث لاتكفى مقالة واحده لذكرها واثبات مراجعها الدينية لانها معروفة للجميع .
اعتبر المقريزى ان ظهور النساء على الرجال هو نقيصة فى المصرى ونافية للرجولة عكس السيد العربى الذى يتمتع بالدماء الحارة والغيرة الشديدة على النساء الى حد منعهن من الخروج والاختلاط بالرجال وتحجبهن عن الناظرين ( على القارئ العزيز ان يراجع الجزء الاول من هذه السلسلة ليعرف رأى المقريزى فى ظهور النساء على الرجال فى مصر ابان دخول السادة العرب الميمون بقيادة عمرو بن العاص ) عندما جائنا السادة العرب بثقافة اخرى مغايره تتسربل بالدين ، ثقافة حواء التى شملها حق الاعتداء البدوى فقام بتبخيسها وامتهانها وسلبها ، ورغم بعض الحقوق الثلاثة التى حصلت عليها وبعض التبيهات القرانية فى حسن المعاشرة الا ان الفكر الذكورى كان مهيمنا ، فنجد هنا المرأة : رأسها عورة … وجهها عورة .. صوتها عورة … النطق باسمها عورة .. فهى حرم من حريم .. وحريم من تحريمها حتى لايراها الا بعلها وسيدها وحامى وجودها .. فهى مخلوق لاشباع الرجل وامتاعة….. تلعنها الملائكة اذا تمردت على هذا الدور … حتى فى الجنة بعد الموت فهى مكافأة خاصة تمنح للشهداء من الرجال ( سبعون حورية ) … وليس لها نصيب فى السندس والاستبرق والولدان المخلدون .. بل ان معظم اهل النار من النساء( فى حديث منسوب الى الرسول ) ودم الحيض الذى كان سببا فى تقديسها قديما اصبح تبخيسا ، فهى نجسة وتسقط عنها التكاليف الدينية فى فترة الحيض .. فهى ناقصة دين علاوة على انها ناقصة عقل .. والفعل الجنسى معها يؤدى الى النجاسة التى تلـزم التطهــر .
كانت سببا لغواية ابينا آدم وخروجة من الجنة .. فهى ملعونة لانها سبب غواية الاب ونزولهم الى ارض الشقاء بعد جنة النعيم .. وان كيدهن عظيم وكيد الشيطان كان ضعيفا فهى تفوق الشيطان فى الكيد للرجال وغوايتهـــــــم لعدم دخول جنة السماء بعد ان كانت سببا فى طرد ابيهم .وفى حديث آخر ( النساء حبائل الشيطان ) و( لو ان شئ بعد الله يعبد لامرت المرأة ان تعبد زوجها ) .
من هنا تتقاطع فى الذهنية المصرية ثقافتين متناقضتين : ايزيس الحماية ، وحواء الغواية ، ونسأل اصحاب الصلاحية المزعومة سؤالا منطقيا – من المعلوم ان تحديد عدد الزوجات فى جزيرة العرب بأربعة نساء كان حدا من الاطلاق ، ومع المصرى الذى لم يكن يعرف التعدد اصبح بعد الاسلام اطلاقا الى اربعة .. ؟؟
ــ ثم ناتى الى القرآن لنرى كيف اسس للعلاقة الزوجية بين الرجل والمرأة
عقد الزواج وعقد النكاح:
من المعروف لعلماء الالسنيات ان كل كلمة لها مدلول ذهنى اما فى صورة ما او حدث معين يكون مرادفا للكلمة فى الذهنية . فعندما نتحدث عن العلاقة الزوجية بين رجل وامراة كـ “رباط مقدس او عقد زواج او عقد قران “، فالصورة الذهنية لدى المتحدث تكون عن علاقة مقدسة او ارتباط او اقتران رجل بأمرأة ، ولكن عندما نتحدث عن هذه العلاقة الزوجية بـ ” عقد نكاح ” فهنا يتبادر الى الذهن مباشرة ” الجنس ” ، صحيح ان عقد الزواج او القران مرتبط بطريقة او باخرى فى الذهنية بعلاقة جنسية ، ولكنها تاتى ضمن منظومة الزواج او الاقتران او الرباط المقدس ، ولكن وفى الصيغة الاخرى – عقد النكاح – خصوصا اذا كان مرتبطا بأجر فهى عملية جنسية مقابل أجر . ومن المعلوم فى اللغة ان كلمة النكاح تعنى : الوطء ، بمعنى ان يطء الرجل المرأة ضمن عملية جنسية .
فى مصر استبدل الرباط المقدس فى الصيغة الاسلامية بعقد الزواج او عقد القران ، وان بقى فى صيغته المسيحية لم يتغير . ولكن وعلى الجانب الاخر من البحر الاحمر فى جزيرة العرب مازال حتى اليوم يسمى ” عقد النكاح ” وهناك حتى الان ” محكمة الانكحة ” و” قاضـى الانكحة ” وبالطبع ” محامى الانكحة ” ، ومن المعروف ان مملكة آل سعود تطبق التعاليم الدينية السلفية بحذافيرها .
اذن النكاح هو الوطء والذى يعنى بالتالى العملية الجنسية بين الرجل والمرأة ، والأجر هو المقابل المادى للمنفعة ، ونقرأ الان بعض من ايات القران التى تتحدث عن النكاح والاجر كعلاقة بين الرجل والمرأة :
ـ (والمحصنات من النساء الا ماملكت ايمانكم كتاب الله عليكم واحل لكم ماوراء ذلكم ان تبتغوا باموالكم محصنين غير مسافحين فما استمتعتم به منهم فاتوهن اجورهن فريضة ) النساء 24
ــ ( …….فانكحوهن بأذن اهلهن واتوهن اجورهن بالمعروف … ) النساء من الاية 25
ـ ( ….. والمحصنات من المؤمنات والمحصنات من الذين اوتوا الكتاب من قبلكم اذا اتيتموهن اجورهن …. ) الاحزاب من الاية 5
ــ ( ياأيها النبى انا احللنا لك ازواجك اللاتى اتيت اجورهن … ان يستنكحها…) الاحزاب من الاية 50
ــ ( ……… ولاجناح عليكم ان تنكحوهن اذا اتيتموهن اجورهن … )الممتحنه من الايه 11
ــ (… فانفقوا عليهن حتى يضعن حملهن فان ارضعن لكم فأتوهن اجورهن ..) الطلاق من الآية 6
ــ ( وان خفتم الا تقسطوا فى اليتامى فانكحوا ماطاب لكم من النساء مثنى وثلاث ورباع…) النساء من الاية 3
ــ ( …. وانكحوا الايامى منكم والصالحين … ) النور من الاية 32
ــ نلاحظ هنا ان آيات القرآن وهى تخاطب انسان شبه جزيرة العربية البدوى متلقى الوحى انما تخاطبه وفق منظومته الثقافية ومفهومه اللغوى ووفق الصور الذهنية المترسبه لديه ، فمؤسسة الزواج هى ( نكاح بأجر ) ، وان كانت تحض على الاحسان مثل اليهم ( استوصوا بالقبط خيرا … !! )
اذن فمفهوم الرباط المقدس بين الرجل والمرأة القائم على الشراكة والتفاهم المتبادل لبناء الاسره لانتلمس آثارة فى القرآن الكريم ولكن مجرد الاحسان اليهم مثل الاحسان الى الموالى والاجراء واقباط مصر … !! فهى علاقة نكاح بأجر لتفريغ الشهوة وتوليد الرجال القادرين على الدفاع عن القبيله ، بل يصل الامر الى ( الوأد ) اى دفن الطفلة فى الرمال بمجرد ولادتها .. !! ( الكثير من علامات التعجب ستجدها عزيزى القارئ فى هذه المقالة ) ، بل أن الآية 14 من سورة آل عمران تخبرنا ان المراة مجرد متاع دنيوى للرجل ولنقرأ : ( زين للناس حب الشهوات من النساء والبنين والقناطير المقنطرة من الذهب والفضة والخيل المسومة والانعام والحرث ذلك متاع الحياة الدنيا والله عنده حسن المآب ) .
وكان من الطبيعى فى ظل علاقة النكاح بأجر ان يكون المهر هو هذا الاجر الذى يدفعة الرجل لوالد زوجته او عمها او اخيها الاكبر ( ولى المرأة ) ومن المعلوم فقهيا انه لازواج الا بولى للمراة فى المذاهب الاسلامية الثلاثة الا مذهب ابو حنيفة الذى تاخذ به مصر والذى يحق بموجبه للمرأة ان تزووج نفسها دون ولى ، وبالتالى يكون هذا الثمن ( المهر ) متناسبا مع جمال المرأة او مكانه قبيلتها ، ويكون هذا المهر متناسبا مع يسار الزوج . ومع طفرة البترول كان من الطبيعى ان يزداد ثمن الاستمتاع.
فقد عاصرت شخصيا فى مملكة آل سعود فى منتصف سبعينات القرن الماضى – بعد تفجر ثروة النفط – قضية غلاء المهور ( وان شئنا الدقه فهى غلاء الاجور فى مجتمع متخم بالثروة وفى نفس الوقت مجتمع مغلق ليس للرجل سبيل الى تفريغ رغباته الجنسية الا فى الزوجة او عند سفرياته خارج المملكة ، ولهذا كان عليه ان يدفع المزيد ) والتى ادت بالرجل السعودى الى الهروب من زواج السعوديات واللجوء الى المصريات والسوريات وبعدها الباكستانيات والافغانيات ، فمهر ( اجر ) السعودية كان مائتى الف ريال فى المتوسط غير الشبكة والتأثيث الكامل لمنزل الزوجية علاوة على الهدايا التى يقدمها لوالد ووالدة واخوة الزوجة ، وكان المهر فى الغالب يذهب لوالد العروس .
اما فى مصر فقد انتفلت العدوى ولكن بطريفة الثمن المؤجل للاستمتاع ، نتيجة الاحتكاك وعلاقات العمل بين الشعبين وانتشار الفكر السلفى الوهابى فى مصر خلال الثلاثين عاما الاخيرة انتقلت وسادت مايطلق عليه ( قائمة المنقولات ) وهى عبارة عن ايصال امانه لصالح الزوجة تعود به على زوجها فى حالة الطلاق وفى كثير من الاحيان يفوق هذا الايصال حتى قيمة المنقولات التى اشتراها الزوج من ماله الخاص بالاضافة الى الزيادة الغير مبرره لمؤخر الزواج ، وكان هذا حلا مصريا لمفهوم ( الزواج بأجر ) ونظرا للحالة الاقتصادية لمجتمع فقير اصبح اجر النكاح مؤجلا فى قائمة المنقولات بجانب المؤخر الشرعى ، فاذا طلقت المراة كان على الزوج ان يدفع مائة الف جنية (متوسط قائمة المنقولات فى مصر الآن ) بخلاف المؤخر الشرعى وذلك نظير سيادة المفهوم البدوى المتمثل فى ( النكاح بأجر )
ــ ثم ناتى الى الرجل الناشز الذى لايطيق معاشرة زوجته لكراهية فى نفسه ، والمراة الناشز لنفس السبب فنجد تناقضا حادا فى المعالجة القرآنية لكليهما :
ففى الحالة الاولى ( نشوز الرجل من زوجته ) نقرأ : ( وان امرأة خافت من بعلها نشوزا او اعراضا فلا جناح عليهما ان يصلحا بينهما صلحا والصلح حير واحضرت الانفس الشح وان تحسنوا وتتقوا فان الله كان بماتعملون خبيرا ) النساء 128. ومن المعروف لدى المفسرين وحسب علم اسباب النزول انها نزلت فى السيدة زمعة زوج الرسول التى تزوجها فى الفترة الانتقالية بين السيدة خديجة والسيدة عائشة ، وكبرت المرأة واصابتها الشيخوخة ورأت من زوجها الرسول (ص) نشوزا واعراضا ، فخافت ان يطلقها فاقترحت عليه ان تتنازل عن نصف معاشها الشهرى وتتنازل عن ليلتها للسيدة عائشة ، فقبل بذلك الرسول ونزلت الآية تبرر هذا التصالح وتقر هذا المبدأ وان كانت حضت على عدم الشح فى الاتفاق وتأمر بالاحسان .
اما فى الحالة الثانية ( نشوز المرأة عن زوجها ) ؟ نقرأ : ( الرجال قوامون على النساء بمافضل الله بعضهم على بعض وبما أنفقوا من اموالهم فالصالحات قانتات حافظات للغيب بما حظ الله واللاتى تخافون نشوزهن فعظوهن واهجروهن فى المضاجع واضربوهن فان اطعنكم فلا تبغوا عليهن سبيلا ان الله كان عليا كبيرا ) وان اختلف الفقهاء فى نوع الضرب ولكن ….. ضرب .. يضرب … ضربا . وان كان كالعادة ينصح ( فان اطعنكم فلا تبغوا عليهن سبيلا ) النساء 34
هل هذه هى حقوق المرأة التى يتغنى بها المتأسلمون ؟
ومسك الختام لهذه الحلقة الاخيرة من هذه الدراسة هو الحديث النبوى الموثق بصحيح البخارى : ( الشئوم فى ثلاثة : المراة والفرس والدار ) وبناء على هذا الحديث حكمت احدى المحاكم بدولة الكويت منذ عدة سنوات لرجل بتطليق زوجته دون حقوق لانه اثبت للمحكمة انه منذ تزوج تدهورت احواله المادية …… !!!!