نعم أيها القارئ، لن اترك لك المجال لكي تسألني فيما كنت ارضى لأمي أوأختي ان تمارسا حريتهما في التصرف في جسدهما كما يحلو لهما، فأمي عاقلة وأختي راشدة ولهما معا كامل الحق في التصرف في جسدهما، حرية كاملة ومطلقة لايحق لاحد نقاشها او الخوض في تفاصيلها، فلست انا… ولا انت… ولا غيرك… من يقر لهما بذلك، فلأمي كما لأختي الحق في التصرف في عضوهما التناسلي، كما لك نفس الحق دون اكراهك او غصبك او الدفع بك الى محنة من محن الفراش الصعب…
اسمعني جيدا، فأنا لا ارضى لأمي وأختي الا ما ترضياه لنفسيهما، فإن اختارت الاخت أن تمارس الجنس مع عشيق لها دون الرجوع الى عقد “نكاح” يحدد الناكح والمنكوح، او الخوض في عملية بيع وشراء “الصداق” فلها ذلك، وان اختارت ان لا تمارس رغباتها الجنسية الا من خلال مؤسسة الزواج وعقد قرانها مع شريكها بعد ان يقرأ الجميع سورة الفاتحة وتوزع كؤوس الشاي على الحاضرين، فلن اتردد في أن اكون أول من يدافع ويناصر حقها في ذلك.
شرفي أيها القارئ، لا يرضى ان يعيش بين سيقان امرأة، ولا تحفظه قطرات دم ليلة الدخلة، شرف أختي لا يحمل مفاتيحه رجل فحل يعاني من رهاب الجسد، ولا ترقعه اغشية مطاطية مستقدمة من مصانع الصين والعيادات السرية بالدار البيضاء… لكن شرفي يعيش ويحيى من قيمة الحرية التي يجب ان تكون بيد حبيبتي، وحقها الكامل في الحياة والاختيار، لانها ببساطة ليست عملة قديمة مودوعة بخزينة حسابي البنكي، ولا مملوكة تسكن مطبخ منزلي… هي انسانة.. أسمعتني؟ انسانة!!!
لقد سبق ودعونا الى حرية الأنسان في الجسد، وقلنا بأنها دعوة تهم الفرد، ولا علاقة لها بالعرف او المعتقد، تهم المغربي المتحرر من كل قيود وسجون الكبت والتعصب، واليوم تجددت الدعوات من جديد لكنها جوبهت بمقاصل الاعدام وقنابل التفجير، حتى وصل الحد الى الدعوة الى قتل النفس، التي لطالما نبهني اصدقائي المسلمين الى ان الاسلام نهى عن قتل النفس بغير الحق، فهل بات من الحق اليوم قتل من يطالب بالحرية ويعبر عن ارائه بعيدا عن سيوف الرقابة والخوف؟؟؟
الاسلاميون ليست لهم ردود، ولا يستطعون تكوين فكرة جادة ومتكاملة عن موضوع الحريات الفردية وحرية الجسد، هم دائما في حالة رفض وهجوم على الاخر المختلف كيفما كانت دعوته، وحرية الرأي والتعبير ليست من صميم اختياراتهم وسلوكهم، هم يسعون الى بناء مجتمع كل افراده متشابهون ويلبسون برقعا واحدا ويصلون في صف واحد، صراحة لم اتفاجئ من رد الاشخاص والفقهاء المحسوبين على التيار الاسلامي من رأي الصحفي مختار الغزيوي، فالدعوة للقتل لا تدع مجالا للحوار، وانما تثبت قتامة وسوداوية المشروع الاسلامي الذي يريد البعض فرضه على المجتمع باسم الايمان والاخلاق.
نقاش الحرية الجنسية، يضعنا من جديد، أمام سؤال الحرية الفردية، والنقاش الان بالمغرب لم يعد محصورا في سؤال حرية الجسد، وانما بتنا نسمع كل يوم دعوات ونداءات من هيئات وشخصيات عمومية وافراد… الى ضرورة احترام الحريات الفردية وحرية المعتقد والضمير وحقوق الانسان كما هو متعارف عليها كونيا، وهو نقاش هام وضروري اذا اخذنا بعين الاعتبار البنية الثقافية للمجتمع المغربي التي اتسمت على مدى سنوات طويلة بالخوف من طرح مثل هذه القضايا على طاولة النقاش، واعتبرت الحديث فيها جرما يعاقب عليه القانون والمجتمع والدين…
لكن الان، خصوصا مع هامش حرية التعبير، او بالأحرى سهولة التعبير عن الاراء والمواقف التي لطالما غيبتها الرقابة وسلطة الاغلبية، أصبحت للفرد المغربي الجرأة على طرح مثل هذه الاشكالات، وجعلها نقاشا عموميا، وبالتالي فأنا أعتبرها محاولات مهمة من أجل مسائلة الذات وكشف الوجه المستور للمجتمع المغربي، في أفق ان نعيش جميعا، المرحلة التي يتصالح فيها المغربي مع نفسه ويعلن شفاؤه من هذا الفصام النفسي الذي يقر بالحرية بين الجدران وفي الاماكن المظلمة ويكفر ويحرم النقاش والخوض فيها،
هذه الدعوات لابد ان تستمر، وهي مهمة ملقات على عاتق المجتمع المدني ولا علاقة لها بالأحزاب السياسية فالمعركة اليوم معركة شباب حداثي حر حالم بالتغيير وارهابيين يريدون قتل الاخر وتجريم الحب… ومن جديد فانا أذكرك… أنا لا ارضى لأمي واختي الا ما ترضياه لنفسيهما…