أصبحت مواقع التواصل الاجتماعي جزءا لا يتجرأ من حياة شريحة لا بأس بها من الشباب العربي , فوقفا لأحدث نتائج تقرير الإعلام الاجتماعي العربي فإن نسبة مستخدمي الفيس بوك في العالم العربي ارتفعت من 4 في المائة منذ عامين ل 12 في المائة هذا العام ,كما أن عدد مستخدمي تويتر في العالم العربي يزيد عددهم عن مليون شخص وهم في زيادة مستمرة ,ولا يمكن أن ننكر أن هذه المواقع ساهمت بصورة كبيرة في نجاح ثورات الربيع العربي لأنها ساعدت شباب الثوار على إيصال رسائلهم لأكبر عدد ممكن من الناس في أسرع وقت ممكن كما أنها أصبحت مصدر يعتد به لنقل الأخبار وقت حدوثها , ولكن هناك جانب أخر سيئ لهذه المواقع من السهل جدا ملاحظته وإن كان هناك من يحب التغاضي عنه,فمن يدخل على موقع الفيس بوك والتويتر لقراءة تعليقات الناس على الأحداث الجارية سوف يلاحظ ميل عدد كبير منهم للعدوانية واستخدام أحط الألفاظ وأقذع الشتائم في تعليقاتهم بالإضافة إلى أن الاختلاف وتبادل الآراء في هذه المواقع أصبح يؤدي في معظم الأحيان للتلاسن والتناحر والردح والازدراء والحط من قيمة الآخرين , والغريب أن هناك صحفيين وكتاب مشهورين يفخرون باستخدامهم للشتائم والألفاظ الخارجة في التعبير عن أرائهم ويعتبروها جرأة وشجاعة وصراحة , ولا يفكرون قبل أن يهاجموا بصورة شرسة من يختلف معهم في الرأي , و ما يشجع مستخدمي هذه المواقع على التطاول على الآخرين بهذه الصورة الفجة هو أنهم مختبئون خلف شاشة الكمبيوتر أو البلاك بيرى أو تليفونهم المحمول وهذا يعني أن هناك فاصل كبير و وهمي بينهم وبين الشخص الذي يهاجموه فهم يهاجمون إنسانا لا يعرفوه وقد لا يقابلوه أبدا وبالتالي لن يقع عليهم أي ضرر من مهاجمته مما يجعلهم ينسون تماما أنه إنسان مثلهم مما يفتح لهم مجال واسع لاستخدام كل ما يحلو لهم من الألفاظ والتعبيرات البذيئة التي قد لا تواتيهم الجرأة على التفوه بها في الحقيقة و هذا الهجوم عادة ما يتم الرد عليه بهجوم أشرس من الشخص الذي يتعرض للإهانة وعادة ما ينتهي الشجار الالكتروني بأن يقوم الشخص الذي يتعرض للهجوم بعمل حجب لمن يشتمه وهكذا أصبحت مواقع التواصل الاجتماعي تستخدم في غير أهدافها الحقيقية وبدلا من أن تكون ساحة للتواصل الحقيقي بين الأقارب والأصدقاء وساحة لتبادل الأفكار بحرية بين الناس أصبحت ساحة لإضاعة الوقت والتناحر واستعراض مهارات السخرية وقاموس الشتائم الذي يمتلكه كل شخص كما جعلت الناس تنسى الأدب والذوق والاحترام في تعاملاتهم مع الآخرين في هذا العالم الافتراضي, ولذلك فمن الطبيعي أن تجد بعض المواقع تحذف باستمرار التعليقات التي يكتبها محبي الذم والردح الذين يحصلون على متعة مريضة في الهجوم كل شخص وكل رأي فقد أصبح الهجوم هدفا في حد ذاته عند بعض هؤلاء الناس وليس ورائه حجة أو منطق ,وليس معني ما كتبته أني أدعو لفرض القيود على هذه المواقع فأنا أؤمن بحرية الناس في التعبير عن أفكارهم بالطريقة التي تعجبهم وإن كنت أتمنى أن تمنع هذه المواقع الألفاظ البذيئة ولكني أريد أن أقول لكل شخص يحب الهجوم على الآخرين وتوجيه الشتائم لهم لأنهم فقط يختلفون معه في الرأي ,تذكر أنك من يكتب الكلمات التي تختلف معها هو إنسان مثلك من لحم ودم لديه مشاعر وأحاسيس وليس وحش ولا شيطان مريد فوفر شتائمك لمن يستحقها ولا تقذف بها في وجه كل شخص ينظر للأمور بشكل مختلف عنك ,أما مستخدمي مواقع التواصل الاجتماعي المسالمون فأنصحهم بالابتعاد عن قراءة التعليقات توفيرا لوقتهم وحفاظا على عيونهم ومشاعرهم من قراءة البذاءات.
3 تعليقات على هل تحوّلت مواقع التواصل الاجتماعي إلى شبكات للتناحر الاجتماعي؟!
كلام حقيقي ومشلكه تحتاج حلول وخصوصا البعض يستخدم اكثر من حساب ويتناحر لطرفين متعارضين فقط ليسبب بلبله
أهلًا أستاذة ياسمين على موقع شباب الشرق الأوسط العربي،
أتفق معك أن نسبة الشتم والسبّ والتخوين عالية جدًا في منطقتنا، وأعتقد أن الزميل والكاتب وميض أعرب عن هذا في تدوينة سابقة في مقالة له عن الساحة العراقية على الإنترنت، أي أننا لا نختلف كثيرًا في بلاد المنطقة، لأن العقلية تحتاج لتغيير، وتغيير جذري يبدأ من التعليم.
ولكن لا ننكر أن مثل هذه التعليقات موجودة في الغرب كذلك، بل أسوء من ذلك فيما يُعرف “بالترهيب الإلكتروني” Cyber-bullying.
إن كنت سأختلف معك، سأختلف معك في نقطة واحدة وهي أنه يوجد ما يُدعى “أهداف حقيقية/أصيلة/أساسية” لمواقع التواصل الاجتماعي، لأن هذه الجملة مناقضة لبعضها، لأن مؤسسي الشبكات أنفسهم لا يدرون ما هو الهدف الحقيقي من الهدف غير الحقيقي، وكونك تقتصرين أن التواصل بين الناس، وهو بلا شك أحد هذه الأهداف، هو الهدف الأساسي، وما عداه من أهداف هو غير حقيقي، هو في الحقيقة شمول يعوزه الدقة، بل فيه حجر على آراء الآخرين، فيما قد يروه من استفادات من هذه الشبكات.
أعتقد أن الحديث عن “أهداف” الشبكات الاجتماعية هو تقصير في فهم أن هذه الشبكات هي مثل الحياة، بل هي امتداد للحياة نفسها، وهي تمامًا تجدر لي ساذجة مثل التحدث عن “اهداف الحياة”.
تحياتي
شكرا يا أستاذ أحمد على تعليقك و أنا لا أصادر حق الناس في استخدام شبكات التواصل الاجتماعي من أجل أي شىء ولكني أعترض على أسلوب الحوار وأداب الحديث والاستمتاع بالهجوم من أجل الهجوم فلا أعتقد أن من اخترع الفيس بوك وتويتر تصور أنه سيكون مكان السخرية من الناس والحط من شأنهم كما أن هذه المواقع ليست امتدادا للحياة ولكن ما يوجد فيها هو حياة افتراضية لأن لا أحد يرى من يتحدث معه وأحيانا الناس تخترع لنفسها شخصية تتعامل بها مع الناس على هذه المواقع أما بالنسبة للغرب فأنا أتفق معك أنهم يعانون من الترهيب الالكتروني ولكن المسؤولين هناك بدأوا في سن قوانين للحد من هذه الظاهرة لأنها زادت عن حدها , تحياتي لك