قبل مرحلة الإعادة في الإنتخابات بين أحمد شفيق و محمد مرسي أعلن بعض الكتاب و الإعلاميين المحسوبين علي التيار المدني أنه لأن الخلاف مع الإخوان المسلمين خلاف سياسي فبالتالي ينبغي الوقوف وراء مرشح الإخوان و تغليبه كمرشح الثورة المتبقي ضد ما يسمونه الفلول.

أستطيع أن أتفهم أن يرفض البعض التصويت و مقاطعة الإنتخابات و لكن أتعجب كثيرا أن يعتبر الخلاف مع الإخوان مجرد “خلاف سياسي” حميد و كأن نقطة الخلاف بين القوي المدنية و قوي التيار الديني في أمور إدارية أو توجهات إقتصادية أو أولويات التنمية الخ… الخلاف مع الإخوان قبل أي شيء هو خلاف أيديولوجي بحت يمس بشكل مباشر هوية الدولة المصرية و يخترق العام وصولا للخاص ساعيا من ناحية الإخوان إرساء نظام شمولي تسعي الدولة بجميع أجهزتها تطبيقه.

أنا أؤمن أنه يوجد علاقة طردية بين حجم الدولة و مشاكلها – فكلما إزدادت  إختصاصات الدولة كلما إزداد فسادها و قمعها و بالنظر إلي دولة الإخوان المزعم إقامتها نجد أنه من إختصاصات الدولة التدخل في الحياة الخاصة بدعوي الحفاظ علي القيم و الأخلاق و للأسف يختذل البعض, متهكما علي مخاوف الناس, تلك الحريات في البيكيني و الخمور (و هي بكل تأكيد أمور شخصية لا يحق لأحد أن يصادرها بأي دعوة). لكن مشكلة هذا الإختذال هو تجاهل الأرضية التي تنطلق منها تلك الوصاية الحكومية, فمن يحدد لك ما تلبس أو تأكل أو تشرب – سيحدد لك و لأولادك ماذا تقول و تقرأ – سيحدد لك و لأولادك ماذا تفكر – سيحدد لك و لأولادك ماذا تسمع و تشاهد – و بكل تأكيد في النهاية سيحدد لك من تنتخب.

من يريد و يستطيع أن يتسلط بهذا الشكل لن ينظر إلي الناس كسواسية – و بدلا عن المواطنة الشاملة كضمان للحقوق و الحريات سيتم تعريفهما وفقا لتصنيفات محددة مثل النوع الجنسي و الدين بل و ربما المذهب داخل الدين نفسه.

السلطوية لا تتحقق بدون عقوبات مجحفة – فالردة بدعوي الحفاظ علي الدين و سلام المجتمع لمن ترك الدين أو من خالف عقيدة الإخوان و ما شابهها و هي كما نعرف لا يتجزأ منها السياسة (و ليس بعيدا عنا فتوي قتل فرج فودة من الإمام “المعتدل” محمد الغزالي). السلطوية لا تتحقق بدون التأكد أن القانون و الحكومة سيتحولوا لأدوات لبقاء النظام و الحفاظ عليه بتسلطيهم علي ضمائر الناس و سلب حرياتهم منهم “حتي تعلي كلمة الدين” كما يقولون.السلطوية لا تتحقق بدون مصادرة و إقصاء (أليس حسن البنا هو من إعتبر الديمقراطية و الأحزاب كفر)؟

السلطوية الدينية تأتي و في جعبتها تخفيق سن الزواج حتي الطفولة – السلطوية الدينية تأتي و في جعبتها الختان – السلطوية الدينية تأتي و في جعبتها العنف المنزلي. السلطوية الدينية لا تجلب إلا قمعا و ظلما.
و في حالة الإخوان, فهي سلطوية بإسم الدين و بيد القانون و بقوة لأمن. الخلاف مع الإخوان ليس فقط خلاف سياسي. الخلاف مع الإخوان ليس فقط خلاف علي المرجعية. الخلاف مع الإخوان خلاف حضاري بل و خلاف أخلاقي بل و معركة بقاء – نقطة