كنت بقمة جنيف لحقوق الانسان والديموقراطية الاسبوع الماضي، والتي عرفت حضور منشقين ومعارضين سياسين وناشطين حقوقيين من دول مختلفة كفنزويلا وسوريا والصين واقاليم التبت وايران ومصر…
كلهم تحدثوا عن الخروقات والتجاوزات التي تطال حقوق الإنسان ببلدانهم، وقد اتيحت لي الفرصة ايضا لاخد الحق في الكلام والحديث عن بلدي المغرب، فكرت مليا وبعمق قبل ان اتحدث الى الحاضرين، كيف سأبدأ كلامي وعن ماذا ساتحدث، جلست الى نفسي في مكان منعزل نسبيا عن جو القمة المشحون، وقلت لماذا لا افكر في كتابة رسالة صغيرة انسبها لاسم طفلة من مدينة ايت بوعياش تصف من خلالها المغرب الذي وللأسف يجهل الكثيرون بالغرب جسامة المعانات والالم والتهميش والفقر الذي تعيشه الفئة الكبرى من المغاربة…
حينما اخدت مكبر الصوت للحديت، قلت لهم بأنني ساكتفي بقراءة رسالة افتراضية توصلت بها من طفلة عمرها 14 سنة تعرض والدها واخوتها للقمع من طرف قوات البوليس اثر الاحداث التي عرفتها مدينة ايت بوعياش… بدأت في قراءة الرسالة وهنا سأعرض مقدمتها
” اعزائي الحضور، اسمحوا لي ان اتحدث لكم عن المغرب، هذا المغرب الذي ساتحدث عنه الان لم يسبق لاحدكم ان سمع بوجوده، انه ليس المغرب الذي تزورونه في عطلكم السياحية لقضاء ليالي بفنادق خمسة نجوم بالدار البيضاء او مراكش او اكادير… لكنه المغرب الذي يعيش فيه الناس بالمراحيض، المغرب الذي يموت فيه الاطفال بالبرد والجوع، المغرب الذي يحرق فيه الدكاترة المعطلون اجسادهم امام البرلمان بسبب الفقر والبطالة….”
ثم انتقلت من خلال الرسالة للحديث عن الارهاب المخزني الذي يتعرض له النشطاء الحقوقيون وشباب عشرين فبراير من قمع وتنكيل مع عرض لاخر التطورات التي شهدتها مدينة ايت بوعياش…
بعد الانتهاء من مداخلتي، عم القاعة تصفيق ورأيت في عيون الحضور نوع من البؤس، لا انكر ان المداخلة كانت مؤثرة لكن الاهم من ذلك هو ما حصل بعدها، فقد سألني بعض الصحفيين والنشطاء مجموعة من الاسئلة عن المغرب شملت الدين والاقتصاد والسياسة بل حتى الطبخ والسياحة ” كل حسب همه” ومن بين الاسئلة التي اثارتني هل انت ملكي ام جمهوري؟
حينها قلت، ما يهمني صراحة هو نظام حكم ديموقراطي علماني يفصل بين السلط ويعطي صلاحيات واسعة للبرلمان والوزير الاول، قلت لهم بان هنالك جمهوريات كثيرة لكنها ليست ديموقراطية كالنظام التونسي السابق والمصري والليبي… وكلام اخر.
لكن حين عودتي من القمة بقي هذا السؤال عالقا بذهني، لماذا يوجد جمهوريون بالمغرب؟ الى ان وجدت نفسي اجمع حروف هذه السطور:
- الانظمة الملكية هي افكار للسلطة والامبراطور وقد جائت قبل اختراع العلوم والتكنولوجيا.
- هنالك مجتمع دولي وقيم ربما يتم التلاعب بها من اجل تبرير الاستعمار لكن هذا لا يرقى لفضاعة العملية التي يحكم بها الملك، بحيث ان الشعب وجميع مؤسسات الدولة ومرافقها واقتصادها وجيشها وارواح مواطنيها تورث لابن الملك الاكبر؟
- لماذا لا يحق لابسط مواطن الترشح لمنصب الرئاسة بشكل ديموقراطي ونزيه؟
- الملك يعيش عيشة ليست كالمواطنين:
لم نسمع بملك او احد افراد اسرته مات غرقا بالبحر الأبيض المتوسط فرارا من الفقر والقمع؟
لم نسمع عن ملك او فرد من اسرته او اقاربه او ”مافياته” عاش ببراكة وشرب الشاي واكل الخبز كوجبة ثلاث مرات باليوم… او لم يجد كتابا او حداءا او استاذ لغة او مدرس ومعهد.
- الفقير حينما يخرج ويصرخ عاش الملك او يحاول هذا المواطن الموجوع بثقل الحياة ايصال بعض البرقيات له ويحاول ان يستغل كل الفرص كي يوصل صوته للملك… يعني هل لدينا فعلا ملك لايعلم ولا يعي ما يقع لهذا الشعب ؟ ان كان هذا صحيحا فمعناه انه ملك يعيش بيئة مختلفة و الثقافة مختلفة ولربما عالم اخر وهو يخل باحد شروط العقد الاجتماعي بي الحاكم والمحكوم ووجب عليه الانسحاب من العمل السياسي وتركه لمن هم ادرى واعلم منه باوضاع المواطنين ومشاكلهم؟؟؟؟
17
مارس
2012
قمة جنيف: لماذا يوجد بالمغرب جمهوريون؟
هذه التدوينة ادرجت ضمن تصنيف آوربا, أنظمة ملكية, إنسانية, الدولة والفرد, المغرب, حقوق الإنسان, مؤتمرات وفعاليات, مقالات مختارة
تعليق واحد على قمة جنيف: لماذا يوجد بالمغرب جمهوريون؟
أتفق معك عزيزي قاسم… أعتقد أنك محقّ بشأن الملكية تمامًا، وإن كانت عُرف وتقليد قديم لا يوجد له أثر في الدول الغربية، بريطانيا وهولندا والنرويج والدنمارك نماذج…
ولكن عندنا الأمر مختلف، وإن كنت أشيد من آن لآخر بالملك محمد السادس، فهذا لا يُعني أن ابنه سيسير على نهجه، وهذه إحدى أضعف النقاط التي يواجهها الملكيون في أطروحاتهم. ما هو رأيك؟