انتشرت المدونات بشكل كبير اليوم في العراق وصار الناس يتكلمون عن أرقام كبيره تزيد عن المثات وقد تصل للألوف ..وبداء الكثيرين من المدونين ينظمون أنفسهم في مؤتمرات ولقائات وقريبا قد نرى مؤسسات مجتمع مدني واعلام خاصه بهم ..وربما وزارة للتدوين ..في احد الأيام ..خصوصا وأن الدوله بدائت تهتم بالموضوع وتم تكريم عدد من اصحاب المجاميع البريديه وصار عدد من من اعلامي الاحزاب يتحركون بكثافه على الفيس بوك ويخترقون عالم التدوين

وفي خظم كل هذا النشاط نحن بحاجه لكي نعيد ترتيب أولياتنا لنفهم مانحن نقوم به والى أين ماضين ..والسؤال ببساطه لما ندون ؟؟ ..التدوين هو اداة ممكن ان تستعمل للأعلام ولكن ليس شرط ان تكون اعلاميه ..فهو عباره عن تطبيق يتيح للاشخاص ان يستغلوا مجانا مساحه من الفضاء الالكتروني للتعبير ..قد تكون تحب الطبخ فتقوم بالكتابه عن الطبخ ( لكل من شاهد فلم جوليا وجوليا 2009 لميريل ستريب سيرى مدى قوة مدونات الطبخ ) ,قد تحب الرياضه فتملىء مدونتك بصور رياضين أو الافلام فتنقد كل ماتشاهده ..الخ ..قد تستعمله لرصد صور تستفزك أو تعجبك فيما ترى وتسمع وتقراء وتفكر وتقوم بالتعبير عنه بقوة للعالم

ولكن هل ممكن ان تكون اعلاما ؟؟ اولا : انت تفتقر لمهارة الصياغه الصحفيه والتي يحصل عليها الصحفي من سنوات من الدراسه والتدريب ..قد يكون كتابه مقال أو قطعه نثريه أمر مستساغ لك وقد يكون أسلوبك مسلي وساحر كحال المدونه المصريه غاده عبد العال صاحبه عايزة اتجوز والتي تحولت لسلسله كتب ومسلسل تلفزيوني ..لكن هنا كان اقرب للادب وفن الروايه منه من فن الاعلام الصحفي ..أذن امتلاك مهارات الكتابه والفن التصويري والفديو لايعني بالشرط انك ستكون اعلامي ..لكنك تخلق منفذ لموهبتك …

ثانيا : انت غير مقيد بضوابط الميثاق الصحفي ..هل هناك قانون يحكم ماتنشره على مدونتك ؟؟ هل لو نشرت صور مفبركه ستحاسب ؟؟ ربما في دول غربيه او في دول فيها ضوابط قانونيه ممكن ان ترفع دعوى وتغرم اي موقع يسيء لك لو طرح ماده غير صحيحه( مثال قبل اشهر انتشر خبر وفاه الممثل مجدي كامل وتناقلته مدونات والرجل كان في تمام الصحه ) ..ولكن في العراق ارى مساحه رصد الامور اصعب (هناك مشاده قويه بين اعلاميين اثنين عراقييان كبيران وصلت لفبركه الصور والتشاتم على صفحات الفيس بوك وحاليا فيها موضوع فصل عشائري وتهديدات ) فلو كان الكبار واهل الميثاق الاعلامي بمثل هذا التسيب فما ضوابط الصغار ؟؟ الاعلامي مثلا لايفضح مصادره الاخباريه وقد يسجن بسبب تكتمه ولكن صاحب المدونه لايخضع لنفس قوانين الميثاق الصحفي ..

ثالثا :حقوق النشر ..هناك نقاش قوي ان كثير مما ننشره من مانقل من مواقع اخرى هو نقطه سلبيه للمدونه او مانحمله من صور او فديوهات ..وهي مشكله صعبه فمن ناحيه هي سلبيه وفيها تجاوز لجهد اخرين حتى لو اشرت للمصدر ولكن انت تحرم الموفع الاصلي من الحصريه ومن ناحيه اخرى انت لابد ان تكون صاحب كادر وفريق عملي فعال لترفد مدونتك بكم مستمر من المواد واحيانا مستواك لايكون بمستوى ماتريد ايصاله للاخرين فتعتمد اعاده نقل مواد للمحافظه على دعم ماتنادي به

التدوين هو اعلام المواطن لو قرر المدون ان يختص في بث المعلومات ولكنه ليس اعلام صحفي وحرفي ولكن اعلام السيده التي كانت تلف على ابواب الحاره والجيران لتبلغهم بأخر الاخبار ..اعلام مواطن ..واعلام المواطن متميز بفطرته ومتأخر بقله حرفيته

أذن فنحن ندون لنعبر ولكن كثيرين في العراق يدونون ليكونوا اعلام المواطن ..وهنا مساحه فيها مجال لمن يجد ان النواه ممكن ان تتوحد في مشروع اكبر كتنظيم او مؤسسه ..لكن ان تختار دور الاعلامي فانت تختار مسؤوليه وليس فقط النجوميه التي قد تنالها لو حققت مدونتك النجاح ..فستكون صاحب رأي ..وصاحب الرأي ناشط في مجال رأيه ..وتحولك من معبر عن النفس الى اعلامي وناشط فأنت تقرر ان تكون معى وضد ..وهنا فأي كيان سيبرز هو كيان له وجه نظر عامه ..فكيف نبقى اصحاب مساحه حره نعبر بها لو صرنا اعضاء في تنظيم اكبر ..كيف سنبقى تدويننا حر ونحن اصلا ضمن اطار تنظيمي ؟؟

التدوين ممارسه تبداء شخصيه ..ممكن ان يكون لها مجتمع وناس يلتقون يناقشون تقنياتها ..يطورونها ..يحمونها ..لكن ان تتحول الى مؤسسه تعمل بنظام داخلي ورئيس ونائب رئيس ومجلس اداره وقياده ..فهي تتحول الى اعلام منظم او نشاط منظم والنظام هو معاكس حريه التعبير ..وهي سوف تفقد المدون حريته ليكون اعلام المواطن او صاحب موقع طبخ ..وتخلق نظام طبقي فصاحب المدونه السياسيه سيكون قيادي وصاحب مدونه الطبخ سيكون غير مهم لاننا لانقيم الناس وقتها بموهبتهم ولكن بمدى ثقلهم

ان التدوين هو فن ويستعمل الصورة والكلمه والصوت للتعبير ..ولابد ان نحمي استقلاليته ..ليبدع ..وهنا ناتي لجواب السؤال في العنوان ..لماذا ندون ؟؟ لو كنا ندون لنعبر عن انفسنا وموهبتنا فنحن سنكون مشغولين في تطوير انفسنا والوصول الى من يهمهم ان يطلعوا على انتاجنا الابداعي ..وهو ما يراد به من التدوين ..وقد نتحول حتى لاعلام مواطن واعلام قوي ولكن سنبقى محافظين على مساحه من الابداع والخصوصيه في رأينا وفكرنا ..لاننا اول واخير نتحرك ضمن مانريده نحن ..كمثل تجربه غاده عبد العال

ولكن لو كنا نريد من المدونه ان تكون سلم للوصول الى ان نتحول الى اعضاء أو مؤسسين لشيء اكبر ..فنحن مستعدين للتخلي عن جزء مما نقوم به في مدوناتنا مقابل ماسنحصل عليه ..وهنا لابد ان ندرك ان مهما كانت المكاسب فهي ستكون مقابل تنازلات وقد نفقد الكثير مقابل القليل ..وهنا النقطه الفارقه ..فمن خلق مدونه عن موهبه سيبقى متواجد حر او ضمن كيان ولكن من خلقها من باب اهداف وطموحات سيقرر ان المكاسب قليله والواجبات كثيره وستتناقص بعد مده اعداد المدونات ..فالمدونات عالم يحتاج صبر ومتابعه لا كما الفيس بوك وغيره ممن تحصل على رد سريع من اعجاب الاخرين بماتنشره

في البدايه والنهايه التدوين مسلي ويتيح كثير من الفرص ولكنه يحتاج ان تكون صاحب فكره وهدف ..وانت تعرف لما تدون ..هل انت سياسي ..ناشط ..اعلامي ..مفكر ..طباخ ..ام مجرد شخص لديه الكثير من الفراغ ؟؟ هل تريد ان تصبح عضو اتحاد ..صحفيا ..نائبا برلمانيا ..زعيما كونيا ..ام تعاني من مرض نفسي او طموح غير واضح المعالم ؟؟

انت تقرر..انت تدون ..انت حر

وميض خليل القصاب