صحيح ان الخبر الذي تناقلته الصحف اليمنية بتنوع أطيافها وجميع المواقع الإخبارية اليمنية كان “مجلجل ومفزع” ويضع المئات من علامات الإستفهام حول المكان الذي تسير إليه اليمن بمن فيهم مواطنيها.

“حسبي الله ونعم الوكيل على هذه الحكومة”…”خلاص…أنتهت حاجة إسمها قانون وكرامة في البلد”…”هذه هي البدايه والقادم أسوء”… “وقالوا يمن الإيمان والحكمه”… المهم الكثير من العبارات التي صدرت كتعليقات في أرجاء اليمن إبتداء بالحافلات العامة للنقل مروراً بالمقاهي العامة لشرب الشاي ومقايل القات وإنتهاء بتعليقات الزوار الخاص بالمقالات في المواقع الإخبارية على شبكه الإنترنت، إصطفاف شعبوي مذهل حول نبذ ماتناقلته تلك الوسائل يحمل مضمون رائع عن أن اليمنيين يزدادون وعياً مع تقدم الأيام على خلاف ما يتحدث عنه بعض المغفلون او / و الحاقدون على اليمن.

يحلو للبعض ان يقول ان اليمن ذات نطاق جغرافي واسع لكني لا أعتبر ان الموضوع كذلك عندما نتحدث عن قضيتين وهما (نفوذ الدولة على جميع مناطقها و تطبيق سلطة القانون بحذافيرها) فالطبيعة الوعره للتضاريس الجغرافيه لليمن ناهيك عن الأمية القابعه في تلك التضاريس الوعره وماتحتويها من تجمعات سكانية بالإضافة إلى إحتكام العديد من التجمعات السكانية إلى العادات والأعراف القبليه وخصوصاً في شمال اليمن ناهيك إلى ترتيب الأولويات التي تعاني منه الدولة اليمنيه. كل ذلك يشكل عقبات حقيقيه تجاه تنفيذ القضيتين السابقتين ومن اجل ذلك يأتي تكامل الأداء بين مؤسسات الدولة ومؤسسات المجتمع المدني في دور تكامل مشترك يهدف إلى إشاعة النور وإحداث التنميه المنشوده والرصد لما يمكن ان نسميه إنتهاكات حقوقية او / و قانونية من قبل أفراد او مسؤولين.

إن ماقام به المرصد اليمني لحقوق الإنسان من خلال رصده لعملية الرق التي حدثت في محافظة حجه “شمال اليمن” من خلال بيع أحد الأفراد بمبلغ يساوي 500.000 ريال يمني اي ما يعادل 2500 دولار أمريكي وتوثيقه كحالة بيع وشراء صحيحه من قبل أحد القضاه اليمنيين في أحد المحاكم اليمنية الرسمية والتبليغ عن ذلك من خلال تعميم ذلك الحدث البغيض على كل وسائل الإعلام اليمنية من قبل المنظمة سابقة الذكر يأتي ليطمئننا عن ان مؤسسات المجتمع المدني في اليمن تمارس دورها بتفاني ودقه عاليين ليكمل ذلك القصور في أداء المؤسسات الحكومية اليمنية.

ومع بشاعة ذلك الحدث إلا أننا علينا ان ننظر أيضاً إلى الجانب الجيد من القضيه ليأتي تابعاً لما كنت قد أسلفت من خلال قرار مجلس القضاء الأعلى بتوقيف ومحاكمة ذلك القاضي وسحب الثقة عنه ومنعه من مزاولة عمله بالإضافة إلى إبطال تلك العمليه لتبرز لنا تفاعل الأخ وزير العدل غازي الأغبري شخصياً ومتابعته لتلك القضيه الغريبه عن المجتمع اليمني.

ومع ان بعض الزملاء عبر صراحة عن إنتقاده وإستياءة من عدم مباشرتي التعليق بالكتابه عن ماحدث والإكتفاء بمتابعة تداعيات الحدث. إلا أنني مازلت أعتقد ان الحدث جريمة مظلمة بحق الإنسان في وقت تتنامى فيه قضايا الحقوق الإنسانية لكني أيضاً فضلت ان أعطي مساحة للقضاء اليمني ان يمارس دوره وكي أستطيع إنطلاقاً من تلك المساحة ان أنطلق بحكمي تجاه الحكومة اليمنية والقائمين على سلك القضاء اليمني والذي حقاً كان تجاوبه سريعاً ومتفاعلاً بشكل مطمئن لنا كيمنيين ان هناك صحوة قضائية حقوقية في ضمير اليمنيين شعباً وقيادة.

وأخيراً… لا يجب ان تمر تلك الحادثة البغيظة والشاذة على المجتمع اليمني دون وقفه لدراستها وإيجاد الحلول كي لا تتكرر بالمستقبل مثل هذه الأحداث المشينه والمشوهة لإنسانيتنا أولاً ولليمن ثانياً. وهذا ماعلينا ان نطالب به الأجهزة المختصه ونحثهم عليه.