اتكلمنا كتير عن عيوب نظام التجنيد الإجبارى ، و عن الأضرار اللى بتلحق بالجيش و بالأفراد نتيجة أتباع الدولة للأسلوب دة اللى بينتمى فى حقيقتة للعصور الوسطى … و هنا تيجى أهمية سؤال ضرورى جدا ، اللى هو : ايه البديل ؟ … ماهو مش معقول هنلغى التجنيد و نقعد من غير جيش ، ولا معقول نجيب دولة تانية تدافع عننا … البديل هو نظام التجنيد الاختيارى … ايه هو نظام التجنيد الاختيارى ؟ … أقولكم أنا

نظام التجنيد الاختيارى هو النظام اللى ابتكرته الدول المتقدمة اللى أدركت سلبيات نظام التجنيد الإجبارى ، دول زى الولايات المتحدة الأمريكية و بريطانيا و فرنسا و أسبانيا و البرتغال ، و دول عربية زى الأردن و المغرب و المملكة العربية السعودية و لبنان و العراق … و مش دول بس ، دة أكتر من 60 دولة حوالين العالم لغوا نظام التجنيد الإجبارى و طبقوا نظام التجنيد الاختيارى ، و باقى الدول فى السكة

فى نظام التجنيد الاختيارى ، بيتكون الجيش ( زى أى جيش فى العالم ) من قسمين …

1- الجيش الأساسى : خريجى الكليات العسكرية ، و دول بيبقى الجيش هو مهنتهم ، و بيفضلوا فية طول حياتهم ، لحد ما يطلعوا على المعاش

2- المتطوعين ( أو المجندين احتياريا ) : و دول الناس اللى حابين يخدموا فى الجيش بمزاجهم مقابل المزايا اللى بيقدمها الجيش ( بتبقى مدة خدمتهم فى الأغلب 5 سنين قابلة للتجديد )

و هنا ييجى سؤال مهم جدا : طيب هما ليه هيروحوا الجيش بمزاجهم ؟ … و هنا ييجى دور الدولة فى توفير مميزات للمتطوعين فى الجيش ، و فى توفير معاملة حسنة و مناخ ملائم جوا الجيش يشجع المواطنين على التطوع

مزايا زى ايه ؟
- زى مثلا مرتبات عالية تتناسب مع صعوبة الخدمة العسكرية ، و مع المخاطر اللى بيواجهها المجند فى الجيش

- زى مثلا أنة بيتعلم ببلاش فى أى جامعة بعد ما يخلص حدمته العسكرية ( لاحظوا أن التعليم فى معظم دول العالم بيكلف مصاريف غالية جدا ، و مش كل الناس بتقدر تدفعها )

- زى أن الدولة بتديله خصم على سعر البنزين اللى بيشتريه ( البنزين فى معظم الدول غير مدعم ، و بيكلف الناس جدا )

- و زى أن الدولة كلها بتقف جنب المجند دة و بتحترمه و بتقدره ، و فى أى موقف المجند بيلاقى كل المسئولين واقفين جنبة

- زى أن المجند بينام فى مكان نضيف ، و فى أوض ماتزيدش عن 3 أفراد ، و بياكل أكل نضيف ، و بيتعامل معاملة كويسة ، و تقريبا مش بيصرف حاجة جوا معسكرات الجيش ، يعنى فلوسه كلها متحوشاله لحد ما يخرج

- زى أنة عندة ضمان اجتماعي كويس ، عندة تأمين صحى و بيتعالج على نفقة الدولة ، لو أصيب أو أتوفى بيبقى فية تعويضات عادله

زى ما أنتم شايفين … مزايا أقتصادية و أجتماعية … المزايا دى قادرة على أقناع شباب كتير أنة يتطوع فى الجيش

طيب ايه مميزات النظام دة ؟
أولا : أنك مأجبرتش أى حد على حاجة ، و بالتالى كدة الدولة أحترمت حريات الأفراد ، فهتكون النتيجة أن الأفراد بيحترموا دولتهم و يقدروها

ثانيا : أن المجندين داخلين بمزاجهم ، فهيكونوا أكثر شجاعة فى القتال ، و مش هينسحبوا بسهولة

ثالثا : الجيش بدل ما بيهتم بالعدد ، هيركز كل جهوده فى زيادة كفائة الجنود و تطوير الأسلحة اللى معاهم … و دة هيبقى فى صالح الجيش ، لأنة دلوقتى الكيف بقى أهم من الكم فى الحروب

رابعا : الجيش مابقاش ليه سلطات على المدنيين ، و بكدة حافظنا على فكرة مدنية الدولة ، و أنهينا حكم العسكر

خامسا : الدولة مش هتضيع سنين من عمر شبابها ، و هتسمحلهم يبتدوا يكونوا نفسهم بدرى ، و دة هيؤدى لزيادة الناتج القومى و أنخفاض الأسعار

سادسا : المجند هيقضى وقت أكتر فى الجيش ، و ممكن يجدد عقدة و يستمر جوا الجيش لو حب ، و دة هيفيد الجيش أكتر

هل ممكن النظام دة يتطبق فى مصر ؟ هل لو أتطبق النظام دة هيروح حد يتطوع ؟
1- مش معقول أننا نقول أن المصريين أقل وطنية من الأمريكان و الفرنسيين و البريطانيين … المصريين بيحبوا بلدهم ، و لما بتحصل حرب بيروحوا يتطوعوا فى الجيش بدون أى مقابل مادى ، و التاريخ بيثبت دة ، فأكيد مصر مش هيبقى فيها عجز فى المتطوعين … أذا كان يعنى فية مصريين كتير عايزين يروحوا يحاربوا علشان فلسطين أو العراق ، يبقى إزاى نصدق ان المصريين مش هيروحوا يتطوعوا علشان مصر ؟

2- احنا بنشوف إزاى الناس بتتهافت و بتتسابق علشان يدخلوا الكليات العسكرية … الناس بتعمل كدة ليه ؟ أكيد علشان خاطر المميزات اللى فى الكليات العسكرية … يبقى احنا لو عملنا مميزات فى الخدمة العسكرية الاختيارية ، أكيد هيبقى عليها أقبال زى اللى على الكليات العسكرية … يعنى تخيلوا لو الجيش عطى مرتب 2000 جنية مثلا ، هل مش هيلاقى متطوعين من بين الشعب المصرى اللى فية من 6 ل 10 مليون بيعانوا من البطالة و مش لاقيين شغل ؟

هل دة مش هيضر الجيش المصرى ؟
بالعكس ، دة هيقوى الجيش … لأنة من ناحية اللى هيتجندوا هايبقوا حابين القتال و الحروب ، مش بيحاربوا غصب عنهم … كمان هيقعدوا فترات أطول ، و دة معناة أن الجيش هيستفيد منهم أكتر … برضه الاهتمام بالكيف ( التدريب و المعدات ) هيقوى قدرات الجيش فى الحروب

نموذج عملى
أهم مثال على أن الجيوش المتطوعة أقوى بكتير من الجيوش المجبرة هو حرب العراق 2003 … فى حرب العراق كان تعداد الجيش العراقى ( المجند إجباريا ) أكتر من مليون مقاتل ، و كان إجمالي تعداد الجيوش الأمريكية و البريطانية ( المجندة اختياريا ) أقل من نص مليون مقاتل … يعنى كان تعداد الجيش العراقى أكتر من ضعف الجيوش الأجنبية .. دة غير أن الجيش العراقى كان بيحارب على أرضة و وسط شعبة و فى البيئة و الجو اللى هو متعود عليهم ، يعنى عندة مميزات كثيرة تساعده فى الحرب

لكن اللى حصل ايه ؟ … اللى حصل أن أمريكا دخلت العراق تقريبا من غير ولا معركة ، و كان الجيش الأمريكى كل ما يقرب من مدينة يلاقى كتايب الجيش اللى فيها بتعلن أستسلامها من غير الحرب … لأنة ببساطة المجندين إجباريا معندهمش البسالة فى الحروب اللى عند المجندين أختياريا … و حتى لما الجيش الأمريكى وصل بغداد ، أنسحب منها القادة العراقيين من غير حرب … كل دة يورينا مدى فاعلية الجيوش الاختيارية فى مواجهة الجيوش الإجبارية

بس استنوا ، القصة لسة مخلصتش … عارفين مين اللى تعب الأمريكان بعد ما أحتلوا العراق ؟ … مش الجيش النظامى الإجبارى … لأ ، دة المتطوعين … المقاومة اللى بيعملها شباب متطوع ، محدش أجبرة على حاجة ، ولا حد وقفهم فى طوابير صفا و أنتباه ، ولا حد قعد يتنطط عليهم و يقولهم انه هيعلمهم الرجولة … الشباب دة هو اللى بيضحى بحياته فى عمليات انتحارية تعبت الأمريكان جدا … كل دة و الجيش النظامى العراقى ، اللى طردته أمريكا من الخدمة ، مش بيعرف يعمل حاجة غير انه يروح يتظاهر كل شوية قدام المنطقة الخضراء يتسول من أمريكا مرتباتهم اللى مش بتديهالهم فى معادها … شفتوا الفرق بين الجيوش المتطوعة و الجيوش الإجبارية ؟

هو دلوقتى ايه الهدف من الجيوش ؟ … الهدف انه يكون عندنا جيش قوى و يدخل الحروب يكسبها ؟ … ولا الهدف أنة يكون عندنا جيش بتاع شعارات يكلمنا عن الرجولة و الشرف و الوطنية ، و وقت الحرب ميعرفش يحارب ؟ … هيا الدول بتعمل الجيوش علشان تحارب و تنتصر ؟ ولا علشان الشعارات بتاعة خدمة البلد و الخدمة الوطنية و الكلام اللى مبنفعش وقت الجد ؟