ايتها الشياطين هل انت كل ذلك الشر في البشر, ام ان البشر شياطين صغيرة.لا ادري, رغم اني احيانا اميل الى ان في البشر شياطين صغار. ولكن ايتها الشياطين, ان كنتم كائنا مستقلا ام انكم بشرٌ اطلب منكم ان تدعوني اكلمها وساعود اليكم.

منذ ان قتلوكِ في ذلك اليوم اشعر ان التاريخ يبتعد وانا كما انا, حولوكِ الى قطعة صخرية كتب عليها تاريخ الميلاد والاستشهاد. وضعوها على مكان بارد لترمز “لك” خارج الناس. انها هويه الاحوال المدنية للموتى, وكان للموتى حاجه لاثبات هويتهم.

اردتك في حديقتنا تتظللين بشجرة الجوز في مدخل المنزل بلا قطعة صخريه فنحن نعرفك من دون هويه صخريه, فالهوية الصخريه باردة. اردت وجهك الذي احببت يقابل المنزل ليرى ظل شجرة السايكس مكان احتسائنا للقهوة احيانا وبسعادة غالبا, ومذ ذلك كم اعطت شجرة السايكس ابناء, وكانها تريد ان تُبلغ الشر انها باقية. ولكن اهلك رفضوا الا اعادتك اليهم, ربما انتقاما مني لانني اخذتك منهم لستة وثلاثون سنه.

التقينا عندما كنا خياليين وافترقنا بعد ان بقينا نحلم بعالم افضل, ولا اعلم هل هناك خطا في هذا. دفعك حلمك الكبير ان لا تري جمال اطفال اوراس, ملائكة صغار لا يعرفونك الا بالصورة الجامدة قرب التلفزيون وعلى الحائط وفي عيوننا. دفعك حلمك بوطن افتراضي جميل, المستوحى من محاكات احلامك, ان لا ترى عرس الصغيرة هايده, فلا تحزني فانا كنتُ مكانك في عرسها كسرت كل التقاليد الشرقية واظهرت فرحي, ولم اخفيه كما يفعل الرجل الشرقي, ورقصت ولم اشعر بالمهانة لان ابنتي تتزوج, بل افتخرت بها لانها منا. كانت حوريه تتهادى بين الناس فرحا بحبيبها. كنتِ لا تقتنعين ان الشر يكره الاحلام الجميلة, فاغتالك الشر واهما باغتيال الحلم.

اما اوراس, امولتي, ففرحتها اكبر من دنياها وتحلم بمستقبل اجمل, ووعدتني قبل سفرها ان تستمر باحلامها الجميلة.

قبل ان انتقل لاخبرك عني اقول انك مازلت معنا.

اتعرفين يا امولتي انني اشعر بالوحدة القاتلة, ببرودة الحياة, ليس لغياب الناس بل لغياب الحنان.
اتعرفين, وكم من مرة اخبرتك, لا زلت اكره غرفتنا, احس بالضيق ان دخلتها وكان هناك من يدفعني للخروج. اتعرفين ؟ ارغموني على ان اضع وسادة واحده على فراشنا. قبلت, لانهم غسلوا غطاء وسادتك فلم تعد تحتفظ برائحتك, فازدادت وحشتي في فراش لا يحمل عبقك.

كم اشتاق لك, كم اشتاق الى الحنان, كم اشتاق الى الخصام معك, كم اشتاق للنقاش معك, كم اشتاق الى حوارنا الابدي عن السومريه والبابليه والاشوريه والاكدية والكلدانية, كم اشتاق لمقارناتنا بين حواء وعشتار. كم اشتاق الى ليلة صافية الا من ضوء القمر تحيطه الكرستالات وانا وانت وعبق الياسمين والراسقي والكاردينيا.

اعرف انك ستحزنين ان تركتك قبل ان اخبرك عن احلامك, ستسالين وكعادتك تصرين ولن تتوقفي الا بعد ان تعرفي الاجابه, ” ما حال المراة العراقية ؟”. ساخفي الجواب عنك لانني لا اريد حزنك.

اقرات ما كتبته ايها الشر؟ اتشعر انك حققت سعادتك بحزني, اتعتقد انك انتصرت علي ؟ ما ابقاني لحد الان حيا هو: ان اتحداك. وكم من مرة طلبت من رب البشر ان يؤجل موتي لاتحداك ولكنك ,ايها الشر, تُدفعَني الثمن بوحدتي. ابوح لك بسر ايها الشر , ربما تعرفه وتعذبونني به؛ كم انا محتاج الى صدر حنون وذراع ينسيني المي واصبع يداعب اذني ليقول لي احبك ايها المعذب المصلوب على سارية الالام. فجمدت عمري, انتقاما منك, في طفل في الستين, يركض خلف الفراشات ويحلم بسندريلا. لا تتصور انني اشكي لك بل اكشف لك انني اعرف مخطط انتقامك.

هل سنلتقي السنه القادمه وجها لوجه ام سنلتفي بالذكرى؟ فانا مثل سيزيف احمل الصخرة الى الاعلى فتتدحرج الى الاسفل فاعود لحملها الى الاعلى فتتدحرج مرة اخرى, فارفعها الى قمة الجبل فتتدرج الى الاسفل, فارفعها مرات ومرات فتابى البقاء على القمه. وكما في الاسطورة اليونانية سيزيف لا يمل ولا يخذل فهو يقضي جل حياته في ايصال الصخره الى القمه وحال وصولها تتدحرج الى الاسفل, فانا مثابرٌ , وربما خادعٌ لنفسي باني سعيدٌ…………………………. بدونكِ.