مقدمة تاريخية لابد منه
كوردستان اقليم يسكنه اليوم قرآبة خمسة ملايين نسمة و يتوزعون على ثلاث محافظات وهي ” اربيل العاصمة، السليمانية و دهوك” وبعض القرى و النواحي لبعض المحافظات المترابطة للمحافظات العراقية، واستقلت عن حكومة المركزية العراقية في بغداد عام 1991. وذلك بعد اندلاع الأنتفاضة الآذارية ( 6 آذار “مارس”1991 أندلعت أول شرارة الأنتافضة في قضاء رانية شمال شرق محافظة اربيل، وأستمر الى يوم 23 أو 24 آذار نفس عام).
لكن مواطني أقليم لم يتهنيء بالأستقرار النسبي الذي حل عليهِ ودخل في دوامة الحرب الأهلية وكما يقول العالم البريطاني توماس هوبز ( الحرب الكل ضد الكل). وهذا الحرب بأستثناء الحزب الشيوعي العراقي وبعدها الكوردستاني لم يشارك في اي حروب داخلية، بل كان ضمن ماسمي آنذاك ” لجنة السلام”. هذا الحرب كانت نتائجه هو تقسيم الأقليم الى منطقتين هما اربيل ودهوك (سمي منطقة صفراء وحكمه الحزب الديمقراطي الكوردستاني الذي يتزعم اليوم رأسة الأقليم*) وسليمانية و منطقة گهرمیان وسمي ( منطقة خضراء وكان يحكمه الأتحاد الوطني الكوردستاني ويترأسه رئيس العراق الحالي جلال الطالباني*).
واستمر هذا الحالي الى عام 2005 بعد الأنتخابات النيابية العراقية العامة، تشكل حكومة أئتلافية مشتركة مبني على تقسيم السلطات بين الأحزاب و التيارات السياسية و تفعيل دور البرلمان وتم توقيع الأتفاقية الأستراتيجية بين حزبين. كانت تضمن توزيع سلطات السياسية و الحكومية بشراكة ودخول كافة مرافق الدولة بقائمة مشتركة بين الأثنين.
وكانت بوادر الأتفاق دخل حيز التنفيذ واستلم الحزب الديمقراطي الكوردستاني برئاسة مسعود البارزاني منصب رئاسة الوزراء وشغله ابن شقيقه ” نێچیرڤان البارزانی “. ورئاسة البرلمان استلمه الأتحاد الوطني الكوردستاني برئاسة رئيس الجمهورية جلال الطالباني وشغله عضو المكتب السياسي للحزب عدنان المفتي، لمدة اربعة سنوات وكانت احد البنود شغل المنصب لمدة عامين فقط ويتم تبادل السلطات الحكومية بين ألأثنين، لكن في عام 2007 طلب الطالباني ببقاء الحال كما هي لكي يتم أنجاز ماقام بهِ رئيس الحكومة الأقليم من مهام ويكون هذا القرار ساري بعد استلامهم للرئاسة الحكومة.
“رئاسة الحكومة” أستحقاق او اتفاق
ولحد كتابة هذا المقالة(تشرين الأول/ أكتوبر2011)، الأتفاقية ساري بين الحزبين وبعد أنتخابات 25 تموز “يوليو” 2009، وكانت من المتفق عليهِ ان يتسلم الأتحاد رئاسة الحكومة و الديمقراطي رئاسة البرلمان وتمت العملية بنجاح و شغل دكتور برهم صالح احدى نائبي الطالباني منصب رئيس الحكومة وكمال كركوكي عضو في الديمقراطي رئاسة البرلمان.
واليوم بعد قرب انتهاء مدة سنتين للرئاسة حكومة صالح، تقوم إعلام الديمقراطي بتحضيرات استلام رئاسة الحكومة من جديد و نشر تقارير ومقابلات أعضاء المكتب السياسي بأنه تم الأتفاق على نقل السلطة للبارزاني، وعكس هذا الرأي ينفي الوطني اي بوادر إتفاق حول هذا الموضوع أو طرح المسألة على طاولة الحوار. ويضيفون بأن القضية بين أيدي رئيس أقليم مسعود البارزاني ورئيس الجمهورية جلال الطالباني.
في مقابلة اجراه احدى القنوات الكوردية الفضائية قال برهم صالح ” لست من طالبي السلطة، ولم أطلب اي منصب”، وفي مجرى الحديث صرح عندما يحين الوقت للتطرق الى موضوع رئاسة الحكومة سيكون لديهِ الكلام في هذا الموضوع ” لأن صاحب الشأن ويخصهُ ايضاً”.
هذا التصريح ادى الى صدمة لدى الحزب الديمقراطي وكثرت الأقاويل بين هنا وهناك و يفيد بعض الصحف بأن ماقالهُ برهم صالح غير قانوني و ليس في محلهِ. ويجيب بعض القيادات الوطني بأنهم تنازلوا عن حصتهم في رئاسة الحكم عام 2007 مقابل هذا اليوم.
وعند التغيير في المناصب لابد التغيير في كل المناصب الحكومية أي الجهة تستلم مناصب الطرف المقابلة له، وحين ذاك يجب على الوطني شغل منصب برلمان والديمقراطي شغل منصب رئاسة الحكومة وتغيير الوزارات لدى الطرفين. وهذا التغيير قد يأتي بوزراء غير كفوءين وغير قادرين على إدارة مؤسسة حكومية بحرفية، لأننا ومع الأسف أقولها بصراحة لم نستطع بناء قدرات تنموية للفرد و الأستفادة من عقول مختصة. وخلال عقد ونصف عقد هربت خيرة العقول الى الخارج واليوم نعتمد في الجامعات الكوردية على عقول غير كوردية ويتم الأستفادة من عقول عراقية (عربية**) الذي هربت من مدن وسط وجنوب العراقي خوفاً من حياتهم، وهذا شيء مؤقت لأن لو استقرت الوضع العراقي امنياً وسياسياً سيرجع اغلبهم الى مسقط رأسهِ و يستمر في العمل هناك. لأن لدى الطلبة الجامعات في كوردستان مشلكة التواصل اللغوي وعدم معرفتهم اللغة العربية بشكل جيد.
لدى الحزب الديمقراطي مخاوف من عدم قدرتهِ على استلام رئاسة الحكومة في الأقليم، وابرزها اقتصادية و سياسية، وتحسب لها الف حساب منها مطالبة الوطني بمنصب نائب رئيس الأقليم المنصب الذي بقي شاغراً مدة سنتين وكان من المفترض ان يشغلهُ نائب الأول للطالباني وهو”كوسرت رسول” اول رئيس وزراء في الأقليم (1992 -2000). وقد تتازم الأمر على الديمقراطي بطرح الوطني مرشحهم لمنصب رئيس الأقليم في الأنتخابات القادمة عام 2013. وهذا ما لايتمناه الديمقراطي لأن المنصب سيكون غير مضموناً لبقاءهم ضمن العملية السياسية الأقليمية وخاصة في ظل ظهور معارضة قوية و رافضة لكل فكرة الأحتكار للسلطة من اي طرفٍ كانت.
تطالب الديمقراطي منصب رئيس الحكومة كأتفاق سياسي مبني على تقسيم السلطات، و ترفضه الوطني وتتطرق اليهِ كأستحقاق انتخابي و كجزء من الأتفاق المبرم بين الطرفين.
متابعين للوضع الراهن في الساحة الكوردستانية يؤكدون بقرب انهيار الأتفاقية الأستراتيجية بين الطرفي الحكومة، وستظهر بوادرها خلال الأنتخابات المجالس المحلية المقبلة الذي كان من المزمع اجراءها في 10 ايلول “سبتمبر” الماضي، وقد تأجل لأسباب سياسية وحزبية بحتة.
اتفق الطرفي الحكم في كوردستان بأن يكون جلال الطالباني رئيساً للجمهورية و مسعود البارزاني رئيساً للأقليم. واليوم حسب الدستور العراقي لايحق للرئيس ان يترشح أكثر من مرتين، وكذلك مسودة الدستور الأقليم لديها نفس البند الدستوري، لايحق للرئيس أن يترشح أكثر من مرتين بعد مصادقة عليهِ وتصويت الشعب عليهِ. لكن غداً بعد انتهاء المهلة الدستورية لمنصب رئيس الأقليم سندخل في دوامة قانونية و سياسية قد لانخرج منها بسهولة وهي دستور اقليم غير مصدق عليهِ و لم يدخل في استفتاء شعبي وقد يفتح الباب امام البارزاني الترشح لأكثر من مرتين.
اليوم البارزاني و الطالباني امام أنتهاء مهامهم السيادية في العراق وكوردستان هناك طروحات كثيرة حول مصير القائدين الذي حاربوا بعضهم البعض لأكثر من ربع قرن واختلفوا في كل شيء عندما كانوا قريباً من بعضهم البعض وبعد ثمانية سنوات من ابعاد بعضهم البعض كيف ستأقلمون بعد انتهاء دورتهم القانونية في الحكم؟.
يجيب عليهِ البعض بالقول امام كل من الطالباني والبارزاني التنازل عن العرش السياسي والحزبي وفتح باب امام الآخرين لشغل المنصب وخاصة الجيل الشابة لأنهم اصبحوا في عمر لايمكن اتمام بعض الأمور وقد تجاوزوا الستين.
الديمقراطي يحاول جاهداً ان يبقى منصب رئاسة الأقليم محتكراً لهُ وشغلها عائلة البارزاني، وهذا مايوافق عليهِ الوطني إن كانت اليوم راضياً لكن في المستقبل سيطالبه و يؤكد شرعيتهِ بشغلها. وهذا التغيير في المناصب الحكومية للدولة الغير المعترف بها دولياً و في الواقع شبه معترف قد يكون الخاسر الوحيد هو الديمقراطي.
واسباب الخسارة ليس السلطة الدولية بل مصالح الأقتصادية الذي يديره البارزاني في اقليم من شركات و مصالح الأستثمارية الجارية في الأقليم ويزيد قدرتهِ الأقتصادية فوق مليارات الدولارات. ويحمي القانون الحالي مصالحهم بقانون الأستثمار و حرية الأسواق وبسميات كثيرة لايمكنني عدها لكثرتها. كما هي جزء من شراء اصوات وعقول سياسية و اعلامية مسموعة في الساحة الكوردستانية.
تسير كوردستان اليوم في ظل حكومة برهم صالح (الوطني) نحو تقسيم السلطات الدولة الى جزيئات صغيرة ونقل كثير من صلاحيات وزارية الى داخل الوزارات الحكومية. الذي كانت في الأمس بيد مجلس الوزراء وخاصة بيد رئيسها البارزاني (ابن شقيق رئيس الأقليم). وهذا تقسيمات ليس لصالح الديمقراطي الذي يقوم سلطتهِ ونهجهِ الحزبي على المركزية القرار والعمل.
رؤساء الحكومة في الأقليم:
استلم فؤاد معصوم رئاسة الحكومة عام 1992 بعد تشكيل الحكومة وبقي في منصبهِ مدة قليلة واستقال في المنصب.
خلفه كوسرت رسول نائب الأول للرئيس العراقي جلال الطالباني وسكرتير عام لأتحاد الوطني الكوردستاني عام 1992 – 1996 والذي اجبر حزبهِ الخروج من مدينة اربيل العاصمة في ظل الحرب الأهلية، وادار الحكومة في السليمانية الى عام 2000.
في السليمانية خلف رسول رئيس الوزراء الحالي برهم صالم واستمر في الحكم الى 2003.
وبعده استلم رئاسة الحكومة عمر فتاح عضو المكتب السياسي للأتحاد الوطني الى انتخابات عام 2005.
ومن اربيل بعد 1996 استلم رۆژ نوري شاويس الذي يشغل منصب نائب رئيس الوزراء الحالي في بغداد. رئاسة الحكم الى عام 2000 وخلفه نێچیرڤان البارزاني ابن شقيق مسعود البارزاني رئيس اقليم الحالي لعام 2005 وذلك بعد تشكيل حكومة ائتلافية بين كافة الأحزاب المشاركة في العملية السياسية في كوردستان العراق.
واليوم مرة اخرى استلم برهم صالح رئاسة الحكومة وتنتهي في 2013 إن لم يتم التغيير في المناصب المذكورة اعلاه.
ملحوظة:
* تسمية (صفراء وخضراء) اتت على لون علمي الحزبين الاصفر ويتوسطه دائرة حمراء مكتوب عليها pdk علم الديمقراطي الكوردستاني، والأخضر يتوسطه دائرة فيها يد يقبض وردة حمراء و شجرة حنطة وسعف.
** استفادت الجامعات الكوردستانية وبالذات جامعة صلاح الدين في اربيل من عقول و خبرة استاذة جامعات العراقية ومنها جامعات بغداد، لمشاركة الطلبة الكورد بأبحاث اكاديمية ورفع مستوى التعليمي في الجامعة لكن يبقى الفراغ سيد الموقف في التعليم بالعراق بشكل عام وكودرستان بشكل خاص.
زُر موقع الشبكة، تحالف الدفاع من أجل حقوق الكُرد (بالإنكليزية) من هنا.
3 تعليقات على رئاسة الحكومة بين الاستحقاق والاتفاق
أشكرك عزيزي كارزان للمقالة التي أضافت وأسهمت في معرفتنا عن تاريخ وحاصر الإقليم. أعتقد أن الأمور مستتبة الآن، وأهل كردستان العراق يعيشون في سلام وآمان! بالإضافة إلى أنك مختفي منذ فترة عن الموقع! أين كنت؟
مقاله مميزة وتقدم طرح مهم تحيه للاستاد كارازان
شكرا على تعليقاتكم، وفي آخر احداث تقبى الحال كما هي، وقبل يومين افاد مصدر مقرب من رئيس وزراء بأن التشكيلة الحالية لرئاسة الحكومة تبقى الى نهاية مدتهِ القانونية اي الى 2013 وتجرى انتخابات برلمانية جديدة