قرأت مؤخراً مقتطفات من البحث العقلاني العلمي اللاتبشيري للأستاذ نبيل فياض في “النقدية القرآنية” والتي حوربت بكثافة وهمجية لمجرد أنها عقلانية.
في التعليقات التي وردت على مقالته ( مصادر القرآن الكريم (1/2) ميثات خلق العالم من الأيام الستة إلى تجهيز الأرض ) نلاحظ الكثافة الواردة لكلمة “كافر” دون حجج منطقية أو اتزان في ايراد الأمثلة النقدية أو التي تنقض مايذكره الكاتب في بحثه ومنه أقتبس:
لا يوجد في العلوم الإسلاميّة التقليدية ما يمكن لنا أن نطلق عليه اسم ” النقديّة القرآنيّة”. حتى الآن يسكن في اللاوعي الجمعي الإسلامي أن أية مقاربة نقديّة للقرآن الكريم تتضمن حكماً التشكيك بمصدريته الإلهيّة. – وهذا خطأ إبستمولوجي لا يغتفر. إن كثيراً من علماء النقديّة الكتابيّة من المسيحيين هم مؤمنون بامتياز. المقاربة النقديّة للنص المقدّس لا تعني الطعن بألوهية مصدره.
فنلاحظ رفضنا الكلي لأي نص أو انتقاد لما قد يزعزع راحتنا النفسية، وهذا موجود بتعدد تطبيقاته على مستويات مختلفة أبسطها عاداتنا الاجتماعية والتقاليد التي قد تكون في كثير من الأحيان لامنطقية ولكنها تبقى غير قابلة للجدل، مثل عزل الإناث عن الذكور الذي نجده حتى في بعض المناطق المسيحية والذي أقتنع شخصياً بأن له تأثيرات قد تكون مباشرة أو غير مباشرة على كثير من الأحداث والأمراض الاجتماعية كجرائم الشرف.
ولماذا ننكر العقل؟ أو بمعنى آخر لماذا ننكر ذواتنا؟ لربما هذا التناقض بحد ذاته يدفعنا إلى الاكتئاب النفسي والعيش في حيرة وخوف وتحت سقف وهمي لطاقاتنا الإبداعية.
انتبه! أنا لم أقل أنه استخدام العقل يعني أن نوافق على أن ماكتبه نبيل فياض هو صحيح ولامجال للخطأ فيه، ولكن على العكس أنا أطالب بعدم محاربة إنسان لمجرد أنه يفكر! وأن نفكر لنرد على الفكر لا أن نعنف من يفكر.
قد يقول البعض أننا نستخدم عقلنا بجودة عالية ولكن الدين هو مسلمات لأنه منزل من الله، في هذه الحالة يجب علينا إذاً أن نستخدم أكبر مقدار من ميزانيتنا العقلية في الدين! لماذا، لأن هذا العقل هو القالب الأرقى في سلسة الخلق الطويلة والمعقدة والمتماسكة المتكاملة المصنوعة بيد خالق واحد والذي أثبت وجوده لكثير من الديانات في طرق متعددة، وبذلك لايمكن لهذا الخالق الواحد أن ينقض نفسه في إرسال كتاب موجه إلى العقل ولايفهمه العقل أو يوجه كتاب فيه تناقضات بالنسبة للعقل.
مرة أخرى قد يكون مايواجهنا هو ليس الفقر للنقاش الديني العقلاني، بل الافتقار للنقاش اللامتسلط واللامتحجر أي ما “يقبل الآخر”، قبول الآخر هي مشكلة تتحدى مجتمعاتنا في مرات كثيرة يومياً كما نلاحظه بالنسبة للبهائيين مثلاً، أو قبولنا الحديث مع الاسرئيليين لمجرد أنهم اسرائيليون أو تقبلنا للمثليين، ولأجل التبسيط بالقضية عدم قبول أبناء الجماعة الصغيرة لطرف خارجي بطرح فكرة مهما كانت بسيطة لمجرد عدم تداولها لدى الجماعة الأولى.
لربما العولمة سعت مساعيها في منازلنا وأحيائنا ومدننا ، فبتنا نتعلم عن الآخر، نتعلم أن الآخر في كثير من الأحيان هو متحضر، ونخاف منه بل نرتعد لمجرد اقترابه اكثر من شاشة التلفاز، أو ليس هذا بتخلف؟
نسمع الكثير من العبارات في بلدنا مثل “اشكر الله على كل مالديك فلو قارنت نفسك في مايحصل في موريتانيا ونيجيريا .. و .. و .. تجد أن الحياة منعمة عليك ”
لابأس في قليل من الرضى والاكتفاء بالذات ولكن السعي إلى الأفضل لربما هو مافعله الإنسان منذ الخلق، لنتعلم عن الآخر لنقبله ولنتعلم عن الآخر لنقبل فكره التقدمي وليس الرجعي.
يبدو أنه وجب علينا تذكير أنفسنا بموضوع هام جداً، هو أننا أشخاص ننتمي إلى قوميات يحق لها بناء حضارتها الخاصة وهو مافعلناه في العصور القديمة.
فكل ما أدعوكم إليه هنا هو حديث عقلاني لا تسليمي و منفتح لا انفلاشي.
3 تعليقات على نفتقر المنطقية!
النقد لدى العقل العربيّ هو نقض، وهو لا يستبين الفرق بينهما على الإطلاق.
أتفق تمامًا معك، ولي تعقيب، أننا يجب دائمًا أن ننظر للدول الغربية المتقدمة، ولا ننظر لنيجريا وموريتانيا، وسائر الدول النامية…
فالنظر للأمام هو تقدم في حد ذاته…
تحياتي
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته .. وبعد :
( من تمنطق فقد تزندق .. أنت مو أدرى من شيخ الحارة )) لأن نبينا العربي ( ص ) وصل إلى توحيد الباري عز وجل بالعقل والتأمل والتفكير … وهذا الكم الكبير من اللاعقلانية التي نعيشها لا صلة ولاعلاقة لها بالدين ..
العقل هو المتعة الوحيدة التي تعطى بغزارة ولا تشبع … وهذا أروع مافيها
هو النار الدافئة التي تلهم العالم حمية ولا يجب أن تطفأ
والواجب علينا العمل بعقولنا ورفض بعض عبارات ومقولات إبطال العقل من مثال
انا كمسلم ملتزم مع حرية التفكير حتى ولو كان ينتقدني أو يمس ببعض امور ديني ولكن ضمن نطاق الأدب والحياء ..
والسلام عليكم
لا يمكن لمن حصل له الإيمان الكامل ان يتم معه نقد النص القراني بل من المستحيل والغيرمنطقي لمن ذاق حلاوة الإيمان وعلاماته على تفسه ان ينتقد النص القرآني بل ما يحدث أن العلماء بنتقدون التفسيرات البشرية فقط
((الإيمان تجربة حقيقية تشع بالأنًوار والسكينة))